تسعى الجزائر من خلال تقوية علاقتها بروسيا خاصة على الصعيد العسكري لإزعاج المغرب وهو ما تعكسه المناورات العسكرية الروسية – الجزائرية في منطقة بشار على الحدود المغربية التي سيكون لها تأثير على علاقة الجزائر بأوروبا والولايات المتحدة.
ويقول مراقبون إن قصر النظر الجزائري يجعلها لا تقدر خطورة إجراء مناورة مع الروس على مرمى حجر من أوروبا، في الوقت الذي تجد فيه القارة نفسها عمليا في حرب مع موسكو بسبب أزمة الغاز والحرب الروسية – الأوكرانية، لافتين إلى أن الأمر يزيد خطورة مع ارتباط المناورات بالقوات المسلحة الروسية وليس عناصر من مرتزقة فاغنر كما هو الحال في ليبيا.
وأرسلت روسيا 100 جندي إلى الجزائر للمشاركة في المناورات التي انطلقت الأربعاء والتي تأتي بعد أقل من شهر من مناورات بحرية بين البلدين قبالة الجزائر العاصمة، في حين شاركت الجزائر في مناورات فوستوك 2022 العسكرية في شرق روسيا العام الماضي.
◘ مناورات بشار رسالة إلى الغرب مفادها قدرة موسكو على الانتشار بالقرب من العمق الجغرافي للمصالح الغربية
ويرى محللون أن مناورات بشار ليست سوى رسالة روسية إلى الغرب مفادها البرهنة على قدرة موسكو على الانتشار عسكريا بالقرب من العمق الجغرافي للمصالح الغربية غرب المتوسط، كما أن من بين أهم أهدافها إعادة تفعيل قاعدة حماقير، بالإضافة إلى أنها تمهد لصفقة عسكرية ضخمة مع روسيا يقدرها خبراء بـ17 مليار دولار وهو ما تنظر إليه الولايات المتحدة على أنه مساعدة مالية لروسيا في حربها مع أوكرانيا.
ويعد اختيار قاعدة حماقير رمزيا ومستفزا للغرب وفرنسا فهي آخر قاعدة عسكرية بقيت فيها القوات الفرنسية ولم تغادرها سوى في 1967 حسب اتفاقية إيفيان، وأطلقت منها فرنسا أول صاروخ إلى الفضاء.
وفي حين أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أن هدف المناورات التدريب على مواجهة الجماعات المتطرفة، يتساءل خبراء عمّا إذا كانت روسيا التي تمتلك أقوى أجهزة المخابرات في حاجة إلى مناورات لهذا الهدف، لافتين إلى أن موسكو تعتبر الجزائر جبهة متقدمة في إستراتيجيتها للمواجهة العسكرية مع الغرب والتي ستلجأ إليها لتزويدها بمجال لقوتها العسكرية الضاربة حيث سيجعل ذلك من الحدود الجزائرية – المغربية خط تماس بين منطقة التأثير الغربية وفضاء نفوذ القطب السوفييتي سابقا.
وعلى الرغم من تأكيد المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا بأن هذه المناورات، التي تعد الأولى من نوعها بين البلدين، لا تستهدف بلدا ثالثا في إشارة إلى المغرب، لكن إجراء مناورات على الحدود مع المغرب بالذخيرة الحية والصواريخ يحمل رسائل استفزاز واضحة لاسيما في ظل التوتر السياسي بين الجزائر والرباط منذ أكثر من سنة.
ويثير التقارب المتزايد بين روسيا والجزائر التساؤل عمّا إذا كان الغرب، وخاصة أوروبا، سيراجع إستراتيجيته وعلاقته بالجزائر التي تستفيد من الأرباح المالية لعقود الطاقة مع الغرب بينما تعزز تعاونها العسكري مع روسيا، في حين يرجح مراقبون أن تدفع هذه الاستفزازات الجزائرية الغرب لمراجعة علاقته مع الجزائر التي سهلت تواجد روسيا في عدد من الدول الأفريقية.
وكان 27 عضوا من الكونغرس الأميركي وجهوا رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن طالبوا فيها بفرض عقوبات على الحكومة الجزائرية بسبب ما اعتبروه “صفقات أسلحة بالمليارات مع روسيا”.
◘ قصر النظر الجزائري يجعلها لا تقدر خطورة إجراء مناورة مع الروس على مرمى حجر من أوروبا
وعبّر البرلمانيون الأميركيون بقيادة عضو الكونغرس الجمهورية ليزا ماكلين في رسالتهم عن مخاوفهم بشأن ما وصفوه بـ”تنامي العلاقات الوثيقة بين الجزائر وروسيا”.
وأشاروا إلى تقارير تؤكد توقيع الجزائر خلال العام الماضي على صفقات أسلحة مع روسيا بأكثر من 7 مليارات دولار من بينها طائرات مقاتلة متطورة من طراز “سوخوي 57 -su” مشددين على أن موسكو لم تبع هذه النوعية من الطائرات لأيّ دولة أخرى.
وأكدوا على أن الصفقات تجعل الجزائر ثالث أكبر مستورد للأسلحة من روسيا وأن موسكو تمثل بذلك أكبر مصدر للأسلحة بالنسبة إلى الجزائر.
ودعا البرلمانيون الرئيس الأميركي إلى تطبيق قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال عقوبات قانون كاتسا الذي أقره الكونغرس في عام 2017.
وتسارعت وتيرة العلاقات بين روسيا والجزائر بعد الحرب الأوكرانية وهو ما يعكس تناقضا بين خطاب السلطة الجزائرية التي تؤكد على الحياد والواقع الذي يعكس تعمق التقارب بين البلدين.