حقق الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل برموديز خلال زيارة استمرت يومين إلى الجزائر جملة من المكاسب الاقتصادية، من بينها تأجيل ديون هافانا وإلغاء فوائدها، إلى جانب إبرام اتفاقيات مهمة في علاقة بالتزود بالطاقة والكهرباء.
وكان الرئيس الكوبي استهل الأربعاء جولة عالمية نادرة ستشمل عواصم محسوبة سابقا على المعسكر الاشتراكي بزيارة إلى الجزائر، التي تعد حليفا تاريخيا لهافانا.
وتراهن الجزيرة الكاريبية على حلفائها في مواجهة التحديات الداخلية، والصعوبات التي تعترضها لاسيما في علاقة بالانقطاع الحاصل منذ أشهر في التيار الكهربائي مع تعطل محطات الطاقة القديمة وارتفاع تكاليف الوقود، في ظل الحظر الاقتصادي الأميركي المستمر منذ ستة عقود.
وتعهدت الجزائر بالتبرع لكوبا بمحطة لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة الشمسية، فضلا عن استئناف التموين بالمحروقات بغية إعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء، وتأجيل دفع الديون وإلغاء فوائدها.
وأكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في ندوة صحفية عقدها مع نظيره الكوبي، على “تضامن الجزائر الدائم مع الشعب الكوبي في سعيه لرفع الحصار الاقتصادي والمالي والتجاري المفروض عليه منذ أزيد من 60 سنة”.
وشدد على أن “الجزائر وكوبا تجمعهما علاقات صداقة وتضامن تاريخية تغذت بقيم الحرية والسلم والعدالة التي نتقاسمها، وأن الجزائر تتضامن دائما مع الشعب الكوبي في سعيه لرفع الحصار الاقتصادي والمالي والتجاري المفروض على بلده منذ أكثر من 60 سنة، وذلك انطلاقا من إيماننا بمبادئ ومقاصد الأمم المتحدة ومن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو إلى رفع هذا الحصار”.
ولفت إلى أن زيارة الرئيس الكوبي إلى الجزائر تشكل مناسبة لتعزيز التعاون والتشاور الذي انقطع بين البلدين منذ عام 2019، وأن المشاورات التي أجراها مع الرئيس الكوبي كانت ثرية.
وقال الرئيس تبون “انطلاقا من شعور الجزائر بالواجب إزاء جمهورية كوبا الصديقة والشقيقة التي تجمعها بها علاقات في الماضي والحاضر وأخرى في المستقبل سنبنيها معا، قررنا تخفيف الوطء على الاقتصاد الكوبي من خلال إلغاء كل الفوائد على الديون الجزائرية تجاه كوبا وتأجيل دفع هذه الديون إلى حين”.
وأضاف “قررت الجزائر منح كوبا محطة لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة الشمسية واستئناف التموين بالمحروقات للسماح لكوبا بإعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء ووقف الانقطاعات الحالية في التيار الكهربائي”.
وفيما لم يكشف الرئيس الجزائري عن حجم الديون الجزائرية لدى كوبا فإن هذا القرار هو الثاني من نوعه الذي تتخذه الجزائر تجاه عدد من الدول، حيث سبق للرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة أن ألغى نحو ملياري دولار من ديون متراكمة لدول أفريقية وعربية.
الجزيرة الكاريبية تراهن على حلفائها في مواجهة التحديات الداخلية والصعوبات التي تعترضها لاسيما في علاقة بالانقطاع الحاصل منذ أشهر في التيار الكهربائي
واتفق الطرفان أيضا على تعزيز التعاون في مجال صناعة الأدوية وإنشاء العدد اللازم من الشركات المختلطة وإنتاج اللقاحات مع دعم تبادل الخبرات في مجالات التعليم العالي والشباب والتجارة، وعقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة مطلع العام الداخل بهافانا بحضور 150 مستثمرا جزائريا.
وتربط الجزائر وكوبا علاقات تاريخية متميزة تعود إلى فترة التحرر في القرن العشرين، وإلى التحالف الأيديولوجي لما كان المعسكر الاشتراكي في أوج قوته، وهو ربما التاريخ الذي يوظفه الرئيس الكوبي في زيارة كسر الحصار التي تقوده إلى عدة دول على غرار الجزائر وروسيا والصين.
وتعتبر كوبا من الدول القليلة التي تؤيد الجزائر في مقاربتها لقضية الصحراء، وهو ما يهم الجزائر في الظرف الراهن قياسا بتراجع العديد من العواصم الغربية والأفريقية عن دعمها والإقرار بصوابية المقترح المغربي.
وشهدت زيارة الرئيس الكوبي والوفد الحكومي المرافق له عقد لقاءات مع عدد من المسؤولين الحكوميين في الجزائر.
وبحث وزيرا الصحة عبدالحق سايحي، وخوسيه أنخيل بورتال ميرلندا، فرص شراكة جديدة لتعزيز التعاون وتوسيعه إلى مجالات أخرى، ودراسة ثلاثة مشاريع للشراكة وهي التكوين المتواصل لفائدة الأطباء العامين الجزائريين في طب النساء والتوليد والأشعة والإنعاش وتكوين متخصص في طب العيون، إلى جانب التعاون وتبادل الخبرات مع معهد باستور الجزائر في مجال تطوير وإنتاج اللقاحات.