المغرب يستحضر «مكاسب» معبر «الكركرات» الحدودي بعد عامين من تأمينه
La rédaction
قبل عامين، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية أنها قامت بتأمين معبر «الكركرات» الرابط بين المغرب وموريتانيا، بشكل كامل «ودون إراقة دماء أو تسجيل ضحايا» وفق تصريحات مسؤول مغربي، من خلال تدخلها لإعادة فتح المعبر وتسييج المنطقة بحزام أمني.
العملية مكَّنت من العمل على استتباب الأمن وإعادة الانسيابية لحركة الأشخاص والمركبات والسلع عبر المعبر الحدودي، بعد تسبب عناصر جبهة «البوليساريو»، منذ الـ 21 من أكتوبر من عام 2020 بإغلاق المعبر، حيث تسللت عناصر للمنطقة من أجل عرقلة حركة الأشخاص والبضائع على المحور الطرقي الاستراتيجي الذي يمثل الشريان الرابط بين المغرب وغرب إفريقيا.
وكانت القيادة العسكرية المغربية أكدت أن «القوات المسلحة الملكية قامت بوضع حزام أمني من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة للكركرات»، موضحة عبر بيان لها: «هذا القرار جاء إثر الحصار الذي قام به نحو ستين شخصاً تحت إشراف عناصر مسلحة من البوليساريو بمحور الطريق الذي يقطع المنطقة العازلة بالكركرات، ويربط المملكة المغربية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، وتحريم حق المرور». ومنذ تأمين المعبر، لم يتم تسجيل وجود عناصر «البوليساريو» في المنطقة، حيث يتسم الوضع في المعبر بالهدوء وانسيابية الحركة التجارية، وإلى جانب تأمين المعبر برزت مبادرات المغرب لتنمية هذه المنطقة الاستراتيجية من خلال إطلاق جملة من المشاريع من خلال الربط بشبكات الماء والكهرباء وتحسين البُنى التحتية.
وكانت جبهة البوليساريو قد هددت مباشرة بعد تحرير منطقة «الكركرات» بحمل السلاح ضد المغرب، وأعلنت إنهاء وقف إطلاق النار الموقع منذ عام 1991.
وفي سبتمبر المنصرم، هددت الجبهة سباق السيارات الدولي «رالي إفريقيا إيكو»، محملة منظميه والمشاركين فيه مسؤولية العواقب التي قد تنجم عن دخولهم وعبورهم الأراضي الصحراوية. ولكن تلك التهديدات بقيت مجرد كلام، إذ اجتاز المشاركون بسلام معبر «الكركرات»، وفق ما كان مقرراً، ومروا إلى موريتانيا قبل أن يصلوا إلى السنغال. وقال عبد الفتاح الفاتحي، مدير «مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية المغربي» إنه بالنظر إلى التطورات التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء، وبالنظر كذلك إلى التطورات التي يعرفها الموقف التَّفاوضي المغربي في أفق حسم الملف، وبالنظر إلى التقدير السياسي والعسكري لما يمكن أن يتم من ردود فعل خصوم الوحدة الترابية المغربية، أعتقد بأن المغرب قد تبنى مواقف جيواستراتيجية وعسكرية أمنية مكَّنته من تحييد الكثير من التهديدات العسكرية والأمنية التي كانت قد تكلف الكثير، ولاسيما أفق التعاطي مع الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وجرائم الاتجار في البشر».
من ناحية التجارة الدولية، يقول الخبير المتخصص في قضايا الصحراء، متحدثاً لـ»أخبارنا الجالية »، فإن المملكة المغربية برزت كلاعب قوي ويُعوَّل عليه لتأمين سريان نشاط تجاري دولي بري بين أوروبا مروراً بالمغرب نحو الدول الإفريقية، وقد نفذ ذلك بكل دقة عبر تأمين معبر الكركرات.
«وبذلك يكون قد وضع لما كان يهدد التجارة الدولية فيما بين أوروبا والقارة الإفريقية وأبقى على مكتسباته التجارية مع شركائه الأفارقة ومكن من زيادة التحكم ومراقبة حركة التجارة غير المشروعة في المنطقة»، وفق تعبير الفاتحي.
أما على المستوى السياسي فإن المملكة المغربية قد أنهت أي توقع لتسرب «خصوم» وحدته الترابية» نحو المحيط الأطلسي، يوضح الخبير المغربي ضمن حديثه مع «أخبارنا الجالية »، وهي بذلك تكون قد قوضَّت ادعاءات جبهة «البوليساريو» بأن تمتلك ما تعتبره أراضي محررة، «وهو ما يجعلنا اليوم نتحدث فقط عن منطق عازلة، ولما لتداعيات هذه التطورات بادرت البوليساريو بنقض الاتفاق العسكري رقم 1، مما جعلها تفقد استقلالية موقفها السياسي».
وخلُص المتحدث إلى أنه بذلك يكون الموقف التفاوضي المغربي قوياً وجاهزاً ومستعداً ومنضبطاً لقرارات الشرعية الدولية، ولاسيما القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي بشأن قضية الصحراء، فيما خصوم الوحدة الترابية يوجدون في مواجهة سياسية ودبلوماسية وأخلاقية ضداً على قرارات مجلس الأمن الدولي، حينما يواصلون رفض الانضمام إلى آلية الموائد المستديرة لإيجاد حل سياسي متوافق بشأنه.
في سياق متصل، تحدثت مصادر عن أن الرباط تستخدم طائرات دون طيار لأغراض مراقبة الحدود، وكان أحد قادة جبهة «البوليساريو» قد قُتل في أعقاب غارة بطائرة مسيرة مغربية.
ويسعى المغرب إلى تطوير صناعة طائرات دون طيار «درون» لأغراض عسكرية واستخباراتية. وقال الوزير المكلف بإدارة الدفاع، عبد اللطيف لوديي، إن المغرب يريد تطوير «قطاعات معينة من الصناعة العسكرية، لا سيما تلك المتعلقة بالأسلحة والذخائر، وكذلك تصنيع طائرات دون طيار قادرة على القيام بالمراقبة والعمليات العسكرية، بالإضافة إلى صيانة الطائرات العسكرية».
وأوردت وكالة الأنباء الفرنسية عن المسؤول المغربي قوله، في محضر جلسة لمجلس النواب عن مشروع الموازنة المخصصة للدفاع لعام 2023، إن الحكومة أصدرت بالفعل قانوناً يمهد الطريق لمنح تراخيص لتطوير الصناعات العسكرية «لتعزيز استقلال» المملكة في هذا المجال. وأفاد أن مشروعاً لبناء مصنع لصيانة الطائرات الحربية أسند إلى شركة دولية متخصصة في منطقة بنسليمان القريبة من مدينة الدار البيضاء.
وكانت وسائل إعلام مغربية وإسرائيلية في نوفمبر 2021 تحدثت عن عقد بقيمة 22 مليون دولار – لم يتم تأكيده رسمياً- بين الرباط وشركة طيران إسرائيلية عامة، لتسليم «طائرات كاميكازي بدون طيار».
وذكر موقع مغربي أن اتفاقية التعاون العسكري المبرمة بين المغرب وإسرائيل تتضمن أيضاً «إطلاق وحدتين صناعيتين لتصنيع الطائرات دون طيار».
وكان المغرب قد قام بتطبيع علاقاته مع إسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر 2020 بدعم من الإدارة الأمريكية السابقة لدونالد ترامب.