الهيئة الوطنية للنزاهة في المغرب تطالب بتشريع جديد يجرم الإثراء غير المشروع

حنان الفاتحي

دعا محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في المغرب، إلى ضرورة إعداد مشروع قانون جديد يتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع، بعدما قامت وزارة العدل في العام الماضي بسحب مشروع القانون الجنائي من مجلس النواب الذي كان يتضمن عقوبات تهمّ هذه الجريمة.

وجاء طلب الراشدي بعد أيام من تعيينه من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس لترؤس هذه الهيئة الدستورية المهمة، والتي تعنى “بمجالات تنفيذ سياسات محاربة الفساد (..) وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام وقيم المواطنة المسؤولة”.

وكشف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة أن الهيئة قدمت عددا من الملاحظات على مشروع القانون الذي تم سحبه، وتؤكد ضرورة التنصيص على العقوبات السالبة للحرية من أجل مكافحة هذه الجريمة.

وأوضح الراشدي في حوار له ” كان عندنا رأي تقدمنا به في إطار التقرير السنوي لسنة 2020، وقد حددنا قراءتنا بخصوص المقتضيات التي كانت مطروحة، كما قدمنا مقاربتنا التي نقترحها لأجل معالجة موضوعية من شأنها تحقيق الفعالية في هذا الجانب من جوانب مكافحة الفساد”.

◙ المغرب يراهن على دور هيئة النزاهة وفريقها المشكل لمحاربة مظاهر الفساد والرشوة التي تعوق جهود التنمية وتضر بمناخ الاستثمار في المملكة

وأضاف “بمناسبة التقرير السنوي لسنة 2021، قدمنا تقريرا موضوعيا خاصا بالإثراء غير المشروع وكيفية التعامل معه، وقد ذهبنا في التحليل والبحث عبر مقاربة تقوم على الدراسة المقارنة من أجل الاطلاع على التجارب الدولية في مواجهة هذا الجانب من الفساد، وهذا الجانب من تمظهر الفساد، ووصلنا إلى خلاصة مفادها أنه يجب التعامل مع الإثراء غير المشروع كجريمة قائمة بذاتها”.

وأشار إلى أن الهيئة قامت بتحليل كيفية معالجة النقطة التي كانت وما زالت موضوع نقاش مستفيض، وهي قلب عبء الإثبات. وأوضح “اقترحنا معالجة الموضوع عبر محطتين: بحيث يجب أولا إثبات أن هناك إثراء، وهذا الجانب من مسؤولية النيابة العامة؛ إذ أن الدولة هي المسؤولة على إثبات أن هناك إثراء غير متناسب مع المداخيل”.

وفيما يتعلق بالشق الثاني، فهو “عندما يجري التأكد من أن هناك إثراء غير متناسب، فإن المعني بالأمر يصبح مطالبا بإثبات أن ذلك الإثراء مشروع، أي تبرير الفرق بين المداخيل والمستوى الذي تم الوقوف عليه بطريقة موضوعية وبكيفية تحافظ على حقوق الأفراد، إذ يقع عليه عبء إثبات أن مصدر ثروته مشروع، وإذا لم يستطع، تصبح جريمة، ويصبح مدخلا من مداخل إثبات الفساد”.

ومضى الراشدي قائلا “هذه مسألة أساسية وقفنا عليها؛ إذ في جميع التجارب الدولية التي عالجت هذا الموضوع انطلقت من كون الفساد ظاهرة معقدة، ظاهرة يصعب إثباتها بالوسائل المتاحة عادة. وبالتالي، فإن الإثراء غير المشروع يكون مدخلا يسمح بإثبات أن هناك بالفعل فسادا”.

وشدد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها على أن العقوبة يجب أن تكون متوازية مع الفعل ومستوى الإثراء، مؤكدا ضرورة المحافظة على العقوبة السجنية من بين العقوبات التي يمكن أن تقع على المتهم.

ويراهن المغرب على دور هيئة النزاهة وفريقها المشكل من اثني عشر عضوا في محاربة مظاهر الفساد والرشوة التي تعوق جهود التنمية، وتضر بمناخ الاستثمار في المملكة. وكان الملك محمد السادس قد أكد بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لعيد العرش أن محاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: