تعمق الخلافات المستمرة بين حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي من أزمة المعارضة المغربية، التي تبدو إلى حد الآن مشتتة وعاجزة عن خلق مسار حقيقي في مواجهة الائتلاف الحكومي.
قرر حزب الاتحاد الاشتراكي الانسحاب من تنسيقية أحزاب المعارضة داخل البرلمان المغربي، ردا على الهجمات المتكررة التي يتعرض لها الحزب في الآونة الأخيرة من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران.
ويرى مراقبون أن القرار الذي جاء بناء على توجيهات من الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، من شأنه أن يؤثر على أداء المعارضة المهتز بطبعه، في مواجهة الائتلاف الحكومي الحالي.
ولم يشارك الاتحاد الاشتراكي في التعديلات التي تقدمت بها كتل أحزاب المعارضة بمجلس النواب، على مشروع قانون موازنة العام 2023، فيما عرفت هذه التعديلات توقيع الفريق الحركي وفريق التقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية.
وسبق للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي أن دعا في مارس الماضي نواب حزبه إلى الانسحاب من التنسيق مع حزب العدالة والتنمية.
وهاجم لشكر حينها رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية عبدالله بووانو، الذي اتهمه بـ”عدم الوفاء” بما يتم الاتفاق عليه داخل المعارضة.
وأكد هشام عميري، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن خطوة الكتلة النيابية لحزب الاتحاد الاشتراكي كانت منتظرة، حيث سبق وأن طالب الكاتب العام للحزب اليساري في العديد من المرات ممثلي حزبه بوقف التنسيق مع أحزاب المعارضة، خاصة حزب العدالة والتنمية.
وأوضح عميري، في تصريحات لـه، أن “الخلافات بين الاتحاد الاشتراكي وحزب العدالة والتنمية لها جذور سابقة، عندما رفض عبدالإله بنكيران وجود حزب الاتحاد الاشتراكي في الأغلبية التي كان يقودها حزب العدالة والتنمية”.
ولا يستبعد الباحث في العلوم السياسية أن تكون خطوة حزب الاتحاد الاشتراكي بالانسحاب من تنسيقية المعارضة مرتبطة برغبة لدى قيادته في ضمان موقع لها ضمن التعديل الحكومي المرتقب إجراؤه في الشهور المقبلة.
وسبق لرئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب عبدالرحيم شهيد أن لمّح إلى أن أيام التنسيق بين قوى المعارضة في مجلس النواب باتت معدودة، وقد ينفرط عقدها مع الدخول البرلماني الحالي.
وكشف مصدر برلماني مطلع أن التنسيق بين مجموعات أحزاب المعارضة في البرلمان يشهد ضعفا بطبعه، مؤكدا أن طريقة التعامل الهجومية للأمين العام لحزب العدالة والتنمية مع قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي ساهمت في كسر قواعد التنسيق.
لكن رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية أكد أن التنسيق داخل فرق المعارضة بمجلس النواب لا يزال قائما، وأن الصراع الموجود بين عبدالإله بنكيران وإدريس لشكر لا يؤثر عليه.
وأضاف بووانو، في ندوة صحافية بمجلس النواب، أنه يجب البحث عمن بدأ الاتهامات بين الأمناء العامين، مضيفا أن رؤساء فرق ومجموعة المعارضة اجتمعوا بالأمناء العامين لأحزاب المعارضة ولا أحد منهم طالب بالتراجع عنه.
الاتحاد الاشتراكي لم يشارك في التعديلات التي تقدمت بها كتل أحزاب المعارضة بمجلس النواب، على مشروع قانون موازنة العام 2023
وتقول الكتلة النيابية للاتحاد الاشتراكي إنه لا يمكن الاستمرار في هذا التنسيق مع الهجوم المتعمد على رئيس الحزب وقياداته.
وعلق رئيس الفريق الاشتراكي بأن “تكرار طرف من الأحزاب الهجوم على الاتحاد الاشتراكي، واعتباره الخصم في كل اللحظات، لن نصنع منه حدثا”، في إشارة منه إلى الهجوم المتكرر للأمين العام لحزب المصباح على الكاتب الأول لحزب الوردة.
ومؤخرا كثف بنكيران من هجومه على القيادة الحالية لحزب الاتحاد الاشتراكي، قائلا إن “العمل يكون مع أناس لديهم الشرف ويحترمون أنفسهم وليس مع الذي يكذب ويدلي بالتزوير بالرغم من أنه محام”، في إشارة إلى الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، واعتبر بنكيران أن هذا غير مقبول.
ودافع بووانو على بنكيران، مؤكدا أنه يطل تقريبا كل أسبوع ليقوم بأدواره في التأطير وإرسال الرسائل لمن يعنيه الأمر، وتعتبر إطلالاته الأقوى في حجم وأثر المعارضة للحكومة، وبالتالي يقول بووانو “لا صحة لمن يدعي بأن الأمين العام لا يريد المعارضة وأنه يقوم فقط بنصح الحكومة”.
واعتبر رئيس الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في تصريحات صحافية، أن الحزب متمسك بتفعيل التنسيق الذي تأسس العام الماضي وأن كتلته حريصة على الالتزام بمقتضياته والاشتغال ضمنه، إلا إذا كان للاتحاد الاشتراكي رأي آخر واختار الابتعاد، ولكن رغم ذلك يؤكد بووانو أن المجموعة ستبقى في التنسيق مع بقية المكونات الأخرى.
ويرى هشام عميري أن انسحاب الاتحاد الاشتراكي من التنسيق مع أحزاب المعارضة لن يؤثر كثيرا على هذه الأخيرة، ذلك لكون هذه الأحزاب لم تعرف بعد أي تنسيق جدي، بل لا تزال معارضة جامدة.