التراجع عن تصريحات وزيرة الشؤون الخارجية البلجيكية ، بخصوص الصحراء المغربية هل هو تخبط سياسي أم ضغط من جهات أجنبية…
بوشعيب البازي
لم يكن تصريح “حجة لحبيب” وزيرة الشؤون الخارجية والشؤون الأوروبية والتجارة الخارجية والمؤسسات الثقافية الفيدرالية لمملكة بلجيكا ، خلال زيارتها للمغرب إعتباطيا ، حيث صرحت ، أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007، يمثل “أساسا جيدا لحل مقبول من لدن الأطراف” المعنية بقضية الصحراء وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والمغاربة المقيمين بالخارج ، بمقر وزارة الخارجية بالرباط ، حيث
شددت المسؤولة الحكومية البلجيكية على أن مخطط الحكم الذاتي، “يمثل مجهودا جادا وذا مصداقية للمغرب وأساسا جيدا لحل مقبول من لدن الأطراف”.
كما جددت الوزيرة البلجيكية دعم بلادها ، منذ أمد طويل، للمسلسل الذي ترعاه الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من لدن الأطراف.
وقالت إن بروكسيل تضم عددا كبيرا من المهاجرين المغاربة الذين يساهمون اليوم في الإقتصاد الوطني البلجيكي، ويلعبون دورا مهما في ربط أواصر التعاون مع الرباط.
وأعتبر ناصر بوريطة ، أن الزيارة التي تقوم بها الوزيرة البلجيكية ، تدخل ضمن سياق تعزيز التعاون المشترك مع بلجيكا وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين ، كما تعكس “الصداقة الكبيرة بين العائلتين الملكيتين ، على إعتبار أنهما أساس هذه العلاقات”، موردا: “لقد تبادلنا الحديث حول صداقتنا القديمة وتعاوننا المستمر، وأكدنا ضرورة عقد اللجنة العليا المشتركة ، التي لم تنعقد منذ أكثر من عشر سنوات، في العام المقبل”.
وكشف وزير الخارجية أن بلجيكا هي ثاني شريك إقتصادي للمغرب وعاشر مستثمر في البلاد ، وفي المرتبة السابعة من حيث إستقبال مغاربة العالم ، بينما يحتل المغرب المرتبة 42 في التبادل التجاري بالنسبة لبلجيكا.
وسجل الإعلان المشترك الصادر عن لقاء بوريطة وحجة أن الوزيرين يتفقان على الإختصاص الحصري للأمم المتحدة في رعاية المسلسل السياسي لنزاع الصحراء ، ويجددان التأكيد على دعمهما لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2602 ، الذي ينص على دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق لهذا النزاع.
وأبرز المصدر ذاته ، أن المغرب وبلجيكا يرحبان كذلك بتعيين المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، “ستافان دي ميستورا” ، ويجددان التأكيد على دعمهما لجهوده الرامية إلى الدفع بالمسلسل السياسي ، على أساس القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وبهذا الموقف ، تكون بلجيكا قد إنضمت إلى لائحة البلدان الأوروبية التي تدعم بشكل واضح مخطط الحكم الذاتي كإسبانيا ، وفرنسا ، وألمانيا ، وهولندا ، وقبرص ، واللوكسمبورغ ، وهنغاريا ، ورومانيا والبرتغال وصربيا.
وهنا نستحضر أنه يتوجب أن يتحقق السلوك السياسي السوي كنقطة تركيز ، في العلاقة بين المؤسسة السياسية البلجيكية والتصريحات التي قامت بها الوزيرة التابعة لها ، كنسق وعلاقة مرتبطة ومتكاملة ، الشيء الذي يثير الشك في إنفصامها عن بعضها البعض ، والكل ينادي في واد ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل تصريحات الوزيرة خلال الندوة الصحفية بالرباط مع وزير الخارجية المغربي “ناصر بوريطة” ، فهذا بالطبع يمس بالأعراف والمبادئ السياسية للدول وعلاقاتها السياسية مع بعضها البعص ، ولا يمكن أبدا أن يختلف السلوك الفردي للوزير عن محيطه التنظيمي المؤسساتي الذي ينتمي إليه ويؤطره .
الشيء الذي يخلق الإنطباع على أن ماهو ديبلوماسي لا يمكن فصله عن ماهو سياسي بالضرورة ، والعكس ما أرادت أن تحققه الوزيرة من خلال تراجعها عن تصريحاتها ، وهنا يتبادر إلى الذهن ، أن تراجع الوزيرة البلجيكية عن تصريحاتها في المؤتمر الصحافي الثنائي ، المنعقد من طرف الوزيرين بالرباط ، ربما راجع إلى ضغوطات مورست عليها من طرف جهات تخدم الأجندة الجزائرية ، وخصوصا أنها من أصول جزائرية ، ولربما هناك إتصالات سرية مع الجهات المعادية للمغرب المستعدة لدفع فاتورة جميع التوجهات التي تخذم توجهاتها العدوانية ضد الحق المغربي .
وهنا تظهر الإرتجالية وعدم التنسيق في مواقف الوزراء أو بالأحرى السياسيين البلجيكيين مع مؤسساتهم القيادية العليا ، مما عرضها للتشويش والشك في توجهاتها الحقيقية.
وعلاقاتها المستقبلية مع الدول التي تربطها علاقات صداقة تاريخية وتجارية ومؤسساتية .
فالقضية الوطنية في يد الأمم المتحدة والمغرب يسير بخطى تابثة لحلها عن طريق هذه المؤسسة الدولية ، التي تبنت طرح المغرب “الحكم الذاتي” الحل الممكن والقابل للتحقيق ، لحفظ ماء وجه الطرفين المتنازعين ، وبتزكية ومباركة المنتظم الدولي ، إذن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه .