الراحة و السياحة داخل القنصليات : النظام الفاشل للمواعيد يفتح الباب أمام السماسرة والإنتهازيين
بوشعيب البازي
حلم تحول إلى كابوس مخيف بعدما إكتشفت الجالية المغربية أن ما تم الترويج له من ما سمي ب” الإنتقال الكلاسيكي إلى عهد الرقمنة والنظام الآلي ” في تحديد المواعيد بالنسبة للقنصليات المغربية ما هو سوى إمتداد لأزمة مسكوت عنها إنطلقت منذ بضعة أشهر في فرنسا و بلجيكا و غيرها من الدول وسيتم تعميمها على باقي المراكز القنصلية المغربية في العالم.
هذا النظام الجديد الذي لا فائدة منه كما يبدو لكل من حاول إستخدامه للضفر بموعد، إذ لا يلبي ولو 20 في المائة من حاجيات الجالية لأنه بكل بساطة دائم التعطل والخلل تتحكم فيه القنصلية و كذا في نسبة المواعيد التي تعطى للجالية ، زيادة هن المعلومات التي يجب ادخالها في التطبيق و التي ليس لها اي علاقة بالخدمة المقدمة بالقنصلية و لا نعرف لأي جهة تستخدم هذه المعلومات ، لا بل خلق إحتقانا وصراعات في أبواب المراكز القنصلية وصار عنوانا عريضا للسب والشتيمة كل صباح ضد الموظفين دون إستثناء حتى أصبح الهاجس الوحيد لدى بعضهم هو إعداد العدة ليلا لمواجهة الغاضبين من المرتادين في اليوم الموالي، وتلك ما هي سوى إنتكاسة حقيقية جديدة في تاريخ العمل القنصلي الذي تطور بشكل ملموس خلال السنوات الأخيرة.
هذا النظام الرقمي الفاشل والمتعثر الذي إعتمدته الوزارة فتح الباب على مصراعيه أمام لوبيات السمسرة لترتيب المواعيد بالمقابل في غياب تدخل الإدارة المركزية على خط المعاناة المستمرة للمهاجرين المغاربة الذين يؤذون عشرات الاضعاف من الرسوم مقارنة مع مغاربة الداخل ( التصديق على وثيقة 5€ بدلا من درهمين بالمغرب ) ليجدوا أنفسهم خارج الإهتمامات التي تليق بهم كجالية “تغسل وجهها بيدها” وتعتبر موردا إقتصاديا مهما للعملة الصعبة وإنعاش الإقتصاد الوطني، أضف إلى ذلك أنها قائمة بذاتها كليا ولا تكلف خزينة الدولة فلسا واحدا للتطبيب والتعليم والخدمات الإجتماعية.
وإن كانت وزارة الخارجية منكبة على تعميم هذه التجربة الفاشلة على مختلف القنصليات فالأفضل لها أن توقف هذا العبث بمصالح المهاجرين حيث تبين بالملموس أن لا فائدة منه سوى ضياع الوقت وتعطيل ممنهج لمصالح المواطنين، ولمن أراد أن يتأكد فما عليه إلا أن يتصفح التطبيق محاولا أخذ موعد مع قنصلية معينة، ويستحسن أن تكون المبادرة لرؤساء المصالح في وزارة الخارجية قبل غيرهم من عامة الناس.
الشيء الذي يتطلب تطوير الخدمات القنصلية وتبسيط المساطر وتسهيل الإجراءات للخدمات الإدارية والاجتماعية المقدمة لمغاربة العالم من خلال دعم العمل القنصلي بنصوص تشريعية جديدة تساعد على تجويد مستوى الخدمات التي يكفلها القانون لمغاربة العالم، تنزيلا لتعليمات الملك محمد السادس في العديد من الخطابات السامية، ولا سيما في خطاب العرش لسنة 2015 وخطاب 14 أكتوبر 2016، لكل الفاعلين سواء ضمن القطاعات الحكومية أو المؤسسات الدستورية بضرورة التنسيق والعمل بصفة مشتركة للاستجابة لمتطلبات الجالية والتفاعل مع قضاياها.
وكان الملك قد دعا إلى ضرورة التتبع الدقيق لمشاكل الجالية، خصوصا في علاقتها مع الخدمات الإدارية المقدمة لهم من لدن البعثات القنصلية في الخارج، بعدما عبّروا له في أكثر من مرة عن استيائهم من سوء المعاملة ببعض القنصليات، ومن ضعف الخدمات التي تقدمها لهم، سواء من حيث الجودة أو احترام الآجال أو بعض العراقيل الإدارية.