تواجه الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش ضغوطا متصاعدة من عدد من الفعاليات النقابية والمدنية تطالبها بزيادة رواتب العاملين في القطاعين العمومي والخاص.
يأتي ذلك في ظل ظرفية وطنية ودولية صعبة، تحاول حكومة أخنوش تجاوزها بأخف الأضرار سياسيا واقتصاديا.
ودعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الخميس الحكومة إلى إقرار زيادات عامة في الأجور، من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين، واتخاذ إجراءات ردعية بحق لوبيات المضاربة والاغتناء غير المشروع.
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بسنّ سياسات اجتماعية عادلة وشفافة وتضامنية، والعمل على تحقيق العدالة المجالية، بتقليص التفاوتات الاجتماعية.
ولا تملك الحكومة المغربية ترف إثقال كاهل ميزانيتها بالتزامات مالية إضافية، وتسعى لزيادة في حدود الإمكانيات المتاحة، حيث سبق لوزير الميزانية فوزي لقجع استبعاد الزيادة العامة في الأجور التي تتشبث بها النقابات.
وشدد لقجع على أن المنهجية التي تعتمدها الحكومة تستند على الإصلاح الشامل لكل قطاع حيث أنه لا يمكن الحديث فقط على زيادة في الأجور فقط للقطاعات، بل هناك حاجة لإصلاح شامل، مشيرا إلى الاتفاق الذي تم مع أساتذة التعليم العالي، الذي شمل مراجعة النظام الأساسي لأساتذة التعليم العالي، والزيادة في الأجور، والأمر نفسه ينطبق على الطب والصحة.
وتطالب النقابات بتحقيق زيادات مهمة لتحسين دخل المواطن، ومبررها في ذلك ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والخدمات.
وتضغط الكنفيدرالية الديمقراطية للشغل على حكومة أخنوش لتنفيذ التزاماتها المتضمنة في اتفاق الثلاثين من أبريل الماضي، من زيادة عامة في أجور الموظفين، مبرزة أن الزيادة في أجور الأطباء لم تشمل كافة موظفي قطاع الصحة الذي لا يضم الأطباء فقط، كما أن الزيادة في أجور أساتذة التعليم العالي لم تشمل باقي موظفي الجامعات.
وأكدت شريفة لمويير الباحثة في العلوم السياسية أن الحكومة مطالبة بإحراز تقدم في كل الورش التي اعتمدتها خاصة منها الاجتماعية تماشيا مع الشعار الذي رفعته لبلوغ دولة اجتماعية، والانكباب على الملفات التي تعتبر أولوية لدى المجتمع المغربي منها تعميم الزيادة العامة في أجور الموظفين والمأجورين بما يحسن قدرتهم على مواجهة الارتفاع الحاد للأسعار، مشددة على أهمية التعامل الفعال مع المضاربين الذين يستغلون الأزمة للزيادة في أثمنة المنتجات.
وتطالب النقابات بالعودة إلى محضر اتفاق الثلاثين من أبريل، بين النقابات والحكومة، الذي ينص على الزيادة العامة في أجور القطاع العام، والعمل مع المركزيات النقابية ذات التمثيلية على تنفيذ هذا الالتزام خلال دورة سبتمبر 2022.
وأوضح الوزير المنتدب المكلف بالميزانية لقجع أن عدد الموظفين الذين استفادوا من الزيادات وصل إلى 26 في المئة من أعداد الموظفين، مبرزا أنه في الأيام أو الأسابيع المقبلة، أي حينما سيتم الاتفاق بين قطاع التربية الوطنية الذي يضم 273 ألف موظف، ستنتقل نسبة المستفيدين إلى 75 في المئة.
وأضاف لقجع “سيتبقى المهندسون الذين يصل عددهم إلى 11 ألفا و420 مهندسا، والمتصرفون الذين يبلغ عددهم 31 ألفا، والتقنيون والمحررون الذين يبلغ عددهم 24 ألفا، إضافة إلى قطاع الوظيفة العسكرية”.
وربطا لحماية القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة بالحزم مع لوبيات المضاربة، كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن إشكالية ضعف تنظيم الأسواق الخاصة بالمنتجات الزراعية، وتعدد الوسطاء، أحد العوامل التي أدت إلى توسع نطاق ارتفاع الأسعار بالمغرب.
ويرى المجلس أنه رغم كون الزيادات المهمة في الأسعار التي سجلت منذ العام 2021، تعزى بالأساس إلى عوامل خارجية، فإن هذه الوضعية لا تمنع من وجود عوامل داخلية لها تأثير على الأسعار، لاسيما أن الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2022 شهدت توسع نطاق ارتفاع الأسعار ليشمل المنتجات غير التجارية.
وأكد علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن على مجلس المنافسة تحمل مسؤوليته كمؤسسة دستورية مستقلة، ليلعب دورا رئيسيا بالتحقق مما إذا كانت الأسعار المسجلة بالمغرب ناتجة عن عوامل خارجية مرتبطة بأسعار المواد الأولية المستوردة أم تعزى إلى عناصر غير مشروعة مرتبطة بممارسات محظورة مثل الغش والاتفاقات والاستغلال التعسفي الهجين لوضع معين أو أزمة وهي ممارسات يجرمها القانون.
وذكر رئيس الحكومة في تصريحات صحافية الخميس أن مجموعة من الإجراءات تم القيام بها من أجل تفادي الإضرار بالقدرة الشرائية للمواطنين، مضيفا أن “الحكومة مسؤولة وقدمت تعهدات وتقوم بتنزيلها، نحن سائرون في ظروف صعبة، لكن نحاول مجاراتها ومحاربتها”.
وقد سجلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وجود تحديات كبيرة استمرت رغم عقود من محاولات النمو والتقدم، وتزداد تعقيدا وبوتيرة غير مسبوقة بفعل التغيرات الدولية والإقليمية وكذلك الوطنية المتسارعة، لتبلغ حد الأزمات الوجودية.
وقال المجلس في بيانه إن المغرب يواجه، على غرار بقية بلدان العالم، منذ سنة 2021 إلى غاية اليوم، تداعيات استمرار وتيرة ارتفاع معدل التضخم، مما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، مقترحا إصلاح وتنظيم فضاءات تسويق المنتجات الفلاحية، ودراسة جدوى إحداث شركة وطنية للشحن البحري، مع إحداث مرصد للأسعار وهوامش الربح المتعلقة بالمواد الأساسية.
واعتبرت شريفة لمويير، في تصريحها لها، أن التعجيل بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم لمستحقيه، ولاسيما منهم العائلات الهشة والفقيرة، وضمان نجاعته، والشروع في تعميم التعويضات العائلية تدريجيا ابتداء من نهاية سنة 2023، يعتبر خطوة مهمة في تحقيق الدولة الاجتماعية.