القنصلية العامة للمملكة بفرانكفورت…إنحرافها عن العمل الديبلوماسي المحض نحو العمل الجمعوي

بوشعيب البازي

فوجئ العديد من مواطني المهجر بمدينة فرانكفورت ألمانيا ، ومعهم جمعيات المجتمع المدني النشيطة بالمنطقة ، بمنشور صادر عن القنصلية العامة للمملكة المغربية بفرانكفورت ، يدعوهم إلى تأسيس جمعية تطلق عليها “شبكة الكفاءات النسائية المغربية المقيمة بألمانيا” ، المزمع إنشاءها من كثلة المواطنين والمواطنات المغاربة المقدرة في 90 ألف ، والموجودين بدائرة نفودها ، بدعوى الإحتفالات باليوم الوطني للمرأة الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة ، وبحجة جمع الكفاءات النسوية في تكثل واحد يكون عبارة عن منصة للتواصل وتبادل الأفكار والمعلومات بين أعضائها ، وتسخير طاقاتها لتلبية مختلف إحتياجات النساء المغربيات وعائلاتهم ، وتقديم الخدمات الإنسانية والصحية والإجتماعية والتعليمية والثقافية وغيرها ، وتمكينهن من الإندماج والمشاركة في الحياة العامة بالمجتمع الألماني والقيام بكل ما من شأنه أن يعود على المرأة المغربية وأسرتها بالنفع المادي والمعنوي ، على حد تعبيرها.

وبناءا على ذلك ، وكما يعلم الجميع ، وكملاحظة خاطفة وبسيطة ، فإن عمل القنصلية يتجلى في كونها بعثة ديبلوماسية تبعث بها دولة ما إلى دولة أخرى ، لتمثيلها والدفاع عن مصالحها ولتسهيل أعمال وشؤون مواطنيها المقيمين في الدولة المضيفة ، وكذلك العمل على تنمية العلاقات التجارية والإقتصادية والديبلوماسية والثقافية والعلمية بين الدولة الموفدة والموفد إليها .

ومن غرائب الأمور ، أنه لم يكن في الحسبان أبدا ، أن القنصلية العامة المغربية بفرانكفورت و على رأسها القنصل العام بثينة الكردودي الكلالي، بدأت في الآونة الأخيرة تتدخل في إنشاء جمعيات وشبكات جمعوية ، بدل الإهتمام بالمسائل الديبلوماسية والسياسية الحساسة التي يعيشها المغرب حاليا .

حيث أصبحت تتدخل في بعض المجالات التي ليس من إختصاصها ، إذ أن تأسيس الجمعيات يخضع لقانون الحريات العامة لدول الاقامة و يضبط بموجبه حق تأسيسها من طرف أفراد وجماعات مخول لها ذلك .

حيث أن النسيج الجمعوي النسائي بفرانكفورت ، مدرك تمام الإدراك أنه قادر وبمحض إرادته وقدر مواطنته على جمع كل أطيافه ، بإعتبار أن المرأة نصف المجتمع وكعنصر فاعل في بلدان المهجر .

وقد سبق للقنصل العام للمملكة ، أن قامت بتجربة فاشلة إذ أسست جمعية داخل القنصلية تنشط في العمل الجمعوي ، لأنه وبكل بساطة ، العمل الجمعوي له مختصين ومتخصصات بعيدا عن الأعراف والتقاليد الديبلوماسية ، الشيء الذي سيساهم في إفساد العلاقات الديبلوماسية بهذا البلد والتي أصبحت تعيش على صفيح ساخن .

الشيء الذي أضحى خطيرا ، يتنافى مع مهام المؤسسة الديبلوماسية ، التي وجدت للدفاع عن حقوق الجالية المغربية بالخارج وصيانة كرامتهم ، وتوفير إحتياجاتهم بالقنصلية ، والدوذ عن حياض الوطن وربط علاقات ديبلوماسية قوية مفيدة للوطن .

إذن مازال الحال على ماهو عليه ، ومازال مسلسل الهفوات والفضائح مستمر بأغلب السفارات والقنصليات المغربية بالخارج ، وما زالت وزارة الشؤون الخارجية والمغاربة المقيمين بالخارج ، تتعامل بالآذان الصماء والعيون المغمظة ، درءا للتجاوب مع الأصوات المطالبة ، بتجويد خذمات المصالح القنصلية بمختلف دول العالم ، والإرتقاء بتعاملها مع أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، عوض الدخول في إختصاصات هي في صلب النسيج الجمعوي للمغاربة المقيمين بالخارح وخصوصا بألمانيا “فرانكفورت”، ومحاولة فتح قنوات جديدة ريعية ، لهدر الأموال العامة بعيدا عن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وخلط الإختصاصات والأوراق ربما عن قصد أو جهل !!

وما العلاقات التي أصبحت متدهورة بين المملكة المغربية وألمانيا سوى نتيجة لسوء التدبير الديبلوماسي وإنعدام الخبرة الديبلوماسية بهذا البلد الأوروبي ، مما نتج عنه إحتضان ألمانيا الإرهابي حجيب ، الذي يدعو دوما للجهاد ضد المغرب .

وعليه ومنذ حلول القنصل العام “بثينة الكردودي الكلالي” ، على رأس قنصلية المملكة بفرانكفورت ألمانيا ، لوحظ أن سيل من المشاكل والمطبات وضعت أمام الديبلوماسية المغربية بذلك البلد الأوروبي الذي كان فيما مضى تجمعه علاقات متينة وطيبة مع المغرب ، حيث لم يتم إحترام حرمة الموتى وبالتالي الأحياء ، حين أقدمت السلطات الألمانية المختصة بتاريخ 29 ديسمبر 2021 ، على إحراق جثة مهاجر مغربي ، من دون إشعار القنصلية المغربية بخبر الوفاة ودون البحث عن عائلته المقيمة بفرانكفورت ، وذلك خلافا لما جرت عليه العادة في مثل هذه الحالات ، و كذا طرد القنصل العام بثينة الكردودي الكلالي لسائقها الذي يشتغل في نفس المنصب منذ 1980 و ارجاعه فيما بعد بعد تدخل مسؤولين مغاربة .

وما التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات برسم 2019-2020 ، الذي ضمن عددا من الملاحظات بشأن الخدمات القنصلية المقدمة للمغاربة المقيمين بالخارج ، إلا نقطة أفاضت كأس المشاكل التي يعانيها منها المهاجر المغربي بديار المهجر ،

مما يظهر بجلاء عدم توفق الهيئة الديبلوماسية القنصلية بفرانكفورت ، في مد حبل التواصل والتفاهم مع السلطات الألمانية والأجهزة الأخرى ، سواء عبر القنوات الديبلوماسية أو العادية .

فلزاما على وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ، أن تقوم بإرجاع الأمور إلى نصابها ، وتضع حدا لمثل هكذا تصرفات التي توصف بالتخبط وعدم الإلمام بإختصاصاتها الحقيقية ، والتي تزيغ عن سكة العمل الديبلوماسي التي أتت لأجله ، إرضاء لتطلعات أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، والأهذاف العليا للمملكة المغربية .

فالتاريخ يسجل ، والمهاجرين المغاربة بالخارج ، لم ولن ينسوا أبدا هفوات بعض السفراء والقناصلة بالخارج ، والتي ما زالت آثارها السلبية واضحة للعيان ، سواء على المستوى الوطني أو الدولي ، جراء فضيحة الدبلوماسيين المغاربة بالسفارة المغربية بالعاصمة الكولومبية بوغوتا ، وفضيحة الموظفين بقنصلية المملكة المغربية ببرشلونة ، الذين إختلسا مبالغ مالية مهمة من عائدات المصالح القنصلية ، والموظف المختلس المشتغل بإحدى القنصليات بأوروبا.

تم الفضيحة الكبرى التي فجرها القضاء الأمريكي في وجه سفير مغربي سابق وطليقته وشقيقها ، بتهم الإتجار بالبشر والتزوير في عقود عمل وأفعال أخرى .

فبعد كل هذه الوقائع المشينة ، التي لطخت وجه الديبلوماسية المغربية ، تبقى الكرة في مرمى وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ، للقيام بمسؤولياتها الآنية ، لتصويب وتعديل تصرفات بعض القناصلة الخارجة عن نطاق ماهو معمول به في الأعراف والتقاليد والعمل القنصلي ، ودعوتهم إلى التعامل بمواطنة ومسؤولية مع أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، وعدم تجاوز إختصاصاتهم القنصلية ، وفق التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى الإنصات لهموم الجالية المغربية وإشراك كفاءاته وخبراءه في التنمية الوطنية .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: