زخم جديد لرهان المغرب على النهوض بالاقتصاد الأزرق

اردان ماجدة

تزايدت المؤشرات على تسارع خطوات المغرب للنهوض بالاقتصاد الأزرق الذي يعول عليه كثيرا بعدما اتخذت الجهات المعنية حزمة تدابير لضمان الاستثمار المستدام في الثروة السمكية خاصة في ظل ظروف تقلب المناخ مما يعطي هذا النشاط زخما أكبر مستقبلا.

 دخلت السلطات المغربية في سباق مع الزمن من أجل إعطاء قطاع الصيد البحري نفسا جديدا يسهم في تنميته بشكل أكبر وفي الوقت نفسه يحافظ على استدامة الثروة السمكية لزيادة الصادرات وتوفير المزيد من فرص العمل وتحقيق الأمن الغذائي.

ويعد الاقتصاد الأزرق أحد أشكال الجهود العالمية للحفاظ على الحياة البحرية، وتوفير الظروف لتحقيق الاستدامة في مجالات الطاقة والحياة البحرية والبيئة داخل البحار والمحيطات.

وبفضل الموقع الإستراتيجي للبلاد وواجهتيها البحريتين على المتوسط والمحيط الأطلسي واللتين تمتدان على 3500 كيلومتر، فإن المغرب يتمتع برأس مال بحري كبير ولديه مؤهلات حقيقية في هذا المجال المهم لغذاء السكان وتنمية الصادرات.

وللتأقلم أكثر مع الظروف المناخية المتقلبة ومكافحة الصيد الجائر قررت وزارة الفلاحة والصيد البحري قبل أيام اعتماد مجموعة من التدابير وخاصة في ما يتعلق بالأسماك السطحية، التي تعد الأهم من حيث الإنتاج والتسويق.

3 مليارات دولار عوائد صادرات القطاع التي تطمح إليها الحكومة كل عام بنهاية هذا العقد

وحددت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء المغربية الرسمية المصائد المهيأة لذلك على السواحل الجنوبية على الأطلسي، والوسطى والشمالية في حوض المتوسط.

وعلاوة على ذلك تحديد الأصناف السمكية ونوع الأسطول المسموح له بمزاولة نشاط الصيد، وتحديد الحصة الفردية من الأسماك السطحية الصغيرة بالنسبة إلى بواخر من صنف آر.أس.دبليو وبواخر الصيد الساحلي بالمصيدتين الوسطى والجنوبية.

ويأتي إرساء تدابير لترشيد الصيد البحري لضمان الاستغلال المستدام لهذا المخزون بعدما أظهرت المؤشرات أن حجم الأحياء المائية تراجع في المنطقة الأطلسية الجنوبية.

وبحسب المعطيات المنشورة على المنصة الإلكترونية لوزارة الفلاحة، فإن سواحل البلاد تضم أكثر من 500 نوع من الأسماك وتتركز بشكل أساسي في وسط وجنوب المحيط الأطلسي.

وتشير البيانات أيضا إلى أن الأسماك السطحية الصغيرة تشكل أساس هذه الموارد بواقع 80 في المئة من حيث الكمية في المصائد التي يتم استغلالها.

وتدر هذه النوعية من الأسماك حوالي 3 مليارات درهم (نحو 270 مليون دولار) في الاقتصاد المحلي كقيمة مضافة، فضلا عن كون هذا الصنف السمكي يشغل أكثر من 35 ألفا بشكل مباشر ويساهم بشكل كبير في تموين سوق الاستهلاك الداخلي.

وكانت وزارة الفلاحة قد قالت الشهر الماضي إن الإنتاج في سواحل الأطلسي تحسن في أول تسعة أشهر من هذا العام بنسبة 6.5 في المئة على أساس سنوي أي ما يعادل 431.9 ألف طن.

ويُنتج المغرب قرابة 1.4 مليون طن من المنتجات البحرية سنويا، ويُعتبر سمك البلشار الأوروبي نوعا مهما بشكل خاص للمصائد، إذ يمثل 62 في المئة من الإنتاج الطبيعي.

وتحتل البلاد المركز الأول في أفريقيا والمرتبة 18 في العالم كأكبر مصدر للمنتجات البحرية، وتتكون الصادرات بشكل أساسي من المنتجات المجمدة والمعلبة والتي تمثل نحو 78 في المئة من قيمة الصادرات.

وفي مايو الماضي وافق البنك الدولي، الذي يتعاون مع البلد في العديد من المجالات من بينها التكنولوجيا المالية، على تمويل بقيمة 350 مليون دولار لمساندة الحكومة في دعم برنامجها المتعلق بتطوير نشاط الصيد البحري والاستفادة بشكل أكبر من الثروة السمكية.

ويوفر البرنامج فرص عمل جديدة لتحقيق نمو اقتصادي واستدامة الموارد الطبيعية وقدرة على الصمود، والأمن الغذائي، الأمر الذي ازدادت أهميته مع تداعيات الحرب في أوكرانيا.

وقال جيسكو هينتشل المدير الإقليمي لدائرة المغرب بالبنك في ذلك الوقت إن البلد “يتمتع بفضل واجهتيه البحريتين على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، بإمكانات قوية لتنمية اقتصاده الأزرق”.

 

قطاع واعد يدر أرباح كبيرة
قطاع واعد يدر أرباح كبيرة

 

وأضاف أن المناطق الساحلية “تسهم بأكثر من 50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي وفرص العمل في البلاد”.

وأكد هينتشل حينها أن الكثير من الإمكانات غير المستغلة في القطاعات القائمة والمستجدة للاقتصاد الأزرق بالبلاد مثل تربية الأحياء المائية، وزراعة الأعشاب البحرية والطاقة البحرية المتجددة.

ويرى خبراء القطاع أن المغرب مؤهل لأن يصبح “عاصمة بحرية” بسبب الثروة البحرية الكبيرة، وما يوازيها من موارد هائلة قابلة للتجديد لاسيما وأن المنتجات البحرية تشكل نصف صادرات الصناعات الغذائية للبلاد.

وتسعى الحكومة لزيادة عائدات التصدير لتبلغ نحو 3 مليارات دولار، في الوقت الذي تتوقع فيه منظمة الأغذية والزراعة (فاو) ارتفاع إنتاج البلاد بنحو 18.2 في المئة بحلول 2030 ليصل إلى 1.7 مليون طن من الأسماك سنويا.

وكان المغرب قد أطلق في العام 2009 إستراتيجية “أليوتيس”، كما أنشأ الوكالة الوطنية لتنمية وتربية الأحياء المائية في العام 2011، بهدف تطوير قطاع الصيد البحري ودارسة أبرز التحديات التي تواجهه.

وتسهم أنشطة الصيد البحري بشكل كبير في ضمان الأمن الغذائي للبلاد باعتبارها تعد من أكثر القطاعات الاقتصادية توفيرا لفرص العمل وأسرعها نموا.

ووفق بيانات الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية، يشغل القطاع 97 ألف شخص، وهو ما يمثل 84 في المئة من الأهداف التي تخطط الدولة لتحقيقها في إطار مخطط أليوتيس، فضلا عن 108 آلاف صياد.

ويسهم الاقتصاد الأزرق بما يقارب اثنين في المئة في الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة قليلة وفق خبراء بالنظر إلى طول السواحل المغربية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: