نفى مصدر دبلوماسي مغربي رفيع المستوى شائعات عن مغادرة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة العاصمة الجزائرية وعودته إلى الرباط مساء السبت، بعد خلاف مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة حول تسليح إيران لجبهة بوليساريو الانفصالية بطائرات دون طيار، وكذلك عقب الاستفزازات والخروقات البروتوكولية المنافية للأعراف الدبلوماسية التي تعرض لها وفد الرباط منذ وصوله إلى مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية.
جاء ذلك بعدما تداولت مواقع ومنصات وحسابات على وسائل التواصل معلومات عن خروج وزير الخارجية المغربي وانسحابه من الاجتماعات الوزارية العربية الممهدة للقمة المقررة الثلاثاء، بعد “خلافات” و”مشادات” مع نظيره الجزائري حول القرارات ومشروع البيان الختامي وإدراج الوفد المغربي مشروع قرار يدين تدخل إيران في الشؤون العربية وتسليحها الميليشيات وجماعات طائفية وانفصالية، من بينها جبهة بوليساريو، وتهديدها للأمن القومي العربي.
ونقلت مصادر متطابقة تحدثت عن جانب من نقاش دار خلال الجلسة المغلقة لاجتماعات وزراء الخارجية العرب بين وزيري خارجية المغرب ناصر بوريطة والجزائر رمطان لعمامرة.
وروى مصدر مطلع وقريب من دوائر عليا في المنطقة، أن الوزير المغربي طالب بإدراج نقطة تسليح إيران لجبهة بوليساريو الانفصالية بالدرون (الطائرات المسيّرة)، واستهدافها للأراضي العربية سواء في الخليج أو المغرب ضمن جدول الأعمال.
في حين رد نظيره الجزائري بالرفض قبل أن يتدخل من جديد رئيس الدبلوماسية المغربية ليقول مخاطبا لعمامرة “ليس من حقك الرفض، هناك تصويت وإجماع”، بيد أن وزير خارجية الجزائر تجاهل كلامه قبل أن يعيد بوريطة نفس الطلب، وسانده، حسب نفس المصدر، “معظم من في القاعة ثم خرج من قاعة الاجتماع ولم يغادر الجزائر”.
ونقلت مصادر مطلعة عن مصدر دبلوماسي مغربي رفيع تأكيده أنه عكس ادعاءات بعض المواقع ووسائل الإعلام الجزائرية بأن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة قد غادر مكان اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية بالجزائر إثر خلاف مع وزير الشؤون الخارجية الجزائري، فإن هذا الخبر لا أساس له من الصحة.
واحتج الوفد المغربي في وقت سابق على بتر قناة جزائرية، قدمت نفسها على أنها شريكة إعلامية لجامعة الدول العربية، للصحراء من خارطة المملكة، قبل أن تتراجع عن ذلك لاحقا.
ونفت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في بيان رسمي أن يكون لها أي “شركاء إعلاميين” في تغطية أعمال القمة العربية الحادية والثلاثين التي تُعقد بالجزائر، وأكدت عدم وجود صلة لها بأي مؤسسة إعلامية تدعي هذه الصفة.
جاء النفي على خلفية قيام قناة الجزائر الدولية AL24 News بنشر خارطة للعالم العربي على موقعها الإلكتروني تخالف الخارطة التي درجت جامعة الدول العربية على اعتمادها، ما أثار حفيظة الوفد المغربي.
وأكدت الأمانة العامة أن الجامعة العربية لا تعتمد خارطة رسمية مبينا عليها الحدود السياسية للدول العربية، وأنها تتبنى خارطة للوطن العربي من دون إظهار للحدود بين الدول تعزيزا لمفهوم الوحدة العربية.
وفي وقت لاحق أكد المصدر الدبلوماسي أن الوفد المغربي بقي داخل القاعة واحتج على عدم احترام خارطة المغرب كما هو متعارف عليه، من قبل قناة جزائرية، مما اضطر الجامعة العربية إلى إصدار بيان توضيحي، ورئاسة الجلسة إلى تقديم اعتذار.
وشدد ذات المصدر على أن ليس من قواعد وأعراف العمل الدبلوماسي المغربي وفق التعليمات السامية للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن يغادر قاعة الاجتماعات، بل أن يدافع من داخل أروقة الاجتماعات على حقوق المغرب المشروعة ومصالحه الحيوية.
وخلص المصدر إلى أن كل الأخبار الرائجة عن مغادرة الوفد المغربي لقاعة الاجتماعات لا أساس لها من الصحة.
وكان بوريطة قد قال في تصريح مقتضب للصحافة “إذا تجاوزنا الخلافات الجانبية، وإذا تجاوزنا الاستفزازات التي لا حاجة إليها، وإذا البلد المضيف تعامل وفق القواعد التي تحكم القمم سواء من الناحية البروتوكولية أو من ناحية الأعراف، وإذا كان هناك تلاعب بكل القواعد فأكيد أنه سيكون هناك فشل”.
وكشفت مصادر سياسية عربية أن الوفد المغربي الموجود حاليا في الجزائر في إطار التحضير للقمة العربية، يتعرض لمضايقات شديدة من السلطات الجزائرية.
وفسرت هذه المصادر المضايقات بخشية الجزائر من حضور العاهل المغربي الملك محمد السادس القمة.
وقالت إن هاجس حضور العاهل المغربي القمة جعل المسؤولين الجزائريين يخرجون عن كل ما له علاقة بالأصول والأعراف الدبلوماسية في تعاطيهم مع الوفد الوزاري المغربي.
وكشف الناشط السياسي رضوان الرمضاني ما يتعرض له الوفد المغربي، نقلا عن مصدر دبلوماسي مغربي رفيع المستوى عبر حسابه على تويتر، قائلا “ارتكبت في حق الوفد المغربي المشارك في اجتماع مجلس وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية خروقات بروتوكولية وتنظيمية متنافية مع الأعراف الدبلوماسية والممارسات المعمول بها بالاجتماعات التي تلتئم في إطار جامعة الدول العربية، بدءا بالتقصير في استقباله بالمطار”.
وأضاف “تفاقمت التجاوزات المرتكبة في حق الوفد المغربي سواء عند وصوله إلى قاعة الاجتماع أو خلال الأنشطة الموازية، بما فيها مأدبة العشاء التي أقامها وزير الخارجية الجزائري، والتي أمعنت الجهة الجزائرية في تهميش رئيس الوفد المغربي، متجاهلة تطبيق العرف الدبلوماسي”.
كما أضاف المصدر أن “من شأن تلك التجاوزات أن تحدث ارتباكا جسيما في ما تبقى من أشغال القمة العربية، وهي التي تفسر غياب مجموعة من القادة العرب أو عدول آخرين عن الحضور”.
إلى ذلك، أوضح المصدر الدبلوماسي المغربي أن الوفد المغربي، مثله مثل بقية الوفود العربية، عانى من استفزازات أحد الموظفين الجزائريين الذي اتسم سلوكه بالعنف والهجومية، وغياب الحياد وفرض وجهة نظره وفشله في البحث عن التوافق.