أصبح ريشي سوناك أول رئيس حكومة غير أبيض في تاريخ المملكة المتحدة بعدما فاز في السباق إلى داونينغ ستريت الإثنين على إثر عدول بوريس جونسون عن الترشّح وفشل منافسته بيني موردونت في التأهّل.
وتعهد سوناك الإثنين بتحقيق “الاستقرار والوحدة” في المملكة المتحدة التي تواجه أزمة اقتصادية. وقال في أول تصريح بعد اختياره لمنصبه الجديد “نحتاج إلى الاستقرار والوحدة، وجمع الحزب والبلاد سيكون أولويتي القصوى. إن المملكة المتحدة دولة عظيمة لكن لا شكّ في أننا نواجه تحديًا اقتصاديًا عميقًا”.
وأدى سوناك، وهو حفيد أحد المهاجرين من أصول هندية، اليمين أمام البرلمان على البهاغافاد غيتا، وهو أحد النصوص الأساسية للهندوس.
وقال المسؤول عن تنظيم الاقتراع غراهام برايدي “يمكنني أن أؤكد أنّنا تلقّينا ترشيحاً واحداً صالحاً فقط”، مضيفاً “هكذا انتُخب ريشي سوناك زعيماً لحزب المحافظين”.
◙ سوناك خامس رئيس للحكومة منذ بريكست، الذي فتح الباب أمام فصل طويل من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية
وبما أنّ حزب المحافظين يملك الغالبية في مجلس العموم، يصبح سوناك رئيساً للحكومة، في مواجهة أزمة اجتماعية عميقة وفي ظلّ محاولة توحيد الأغلبية التي يعتبرها البعض غير قابلة للإدارة بعد 12 عاماً على وجودها في السلطة.
وبعد عطلة نهاية أسبوع شهدت مداولات مكثفة، أعلن سوناك ترشيحه الأحد قائلاً “أريد إصلاح اقتصادنا وتوحيد حزبنا وتقديم المساعدة لبلدنا”.
ولتمييز نفسه عن بوريس جونسون، وعد بـ”النزاهة والاحتراف والمسؤولية”.
وبمجرد تسليم استقالة ليز تراس رسمياً إلى الملك تشارلز الثالث، سيكلّف الملك ريشي سوناك بتشكيل حكومة جديدة، في إطار جدول زمني يجب توضيحه قريباً.
وستكون هذه المرة الأولى التي يقوم فيها الملك الجديد بتكليف رئيس حكومة، حيث اعتلى العرش في الثامن من سبتمبر بعد وفاة والدته إليزابيث الثانية.
وبذلك يصبح سوناك خامس رئيس للحكومة منذ إجراء الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في عام 2016، والذي فتح الباب أمام فصل طويل من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية غير المسبوقة في المملكة المتحدة.
وكان سوناك قد خسر السباق إلى داونينغ ستريت هذا الصيف، والذي فازت فيه ليز تراس. إلا أنّ هذه الأخيرة أعلنت استقالتها بعد 44 يوماً فقط على تسلّمها منصبها كرئيسة للحكومة، على إثر تأزّم الوضع في البلاد بسبب خططها الاقتصادية.
ورُفض ترشّح الوزيرة المسؤولة عن العلاقات مع البرلمان بيني موردونت البالغة من العمر 49 عاماً، بعدما فشلت في جمع 100 صوت تسمح لها بخوض هذا السباق.
واعترفت موردونت بخسارتها عبر تويتر، قبل وقت قليل من الإعلان الرسمي عن الأمر.
وقالت موردونت في بيان إعلان انسحابها “قررنا الآن من سيكون رئيس وزرائنا المقبل، هذا القرار تاريخي ويظهر مرة أخرى تنوع حزبنا وموهبته”.
ويحظى سوناك وزير المالية السابق المؤيد للانضباط في الميزانية والعمل الكثيف، بتأييد قسم كبير من حزبه فيما البلاد تشهد أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، احتدّت بسبب أخطاء ليز تراس والتي زعزعت استقرار الأسواق وتسببت في انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني.
وكان سوناك قد شجب بانتظام خطة ليز تراس الاقتصادية هذا الصيف، كما يظهر كشخصية مطمئنة للأسواق البريطانية.
ويأتي نجاح ريشي سوناك تتويجاً لصعوده السريع داخل حزب المحافظين. فبعد خمس سنوات من انتخابه نائباً عن يوركشاير (شمال إنجلترا) في عام 2015، تبوأ منصب وزير المالية قبيل ظهور كوفيد – 19.
ثم حظي هذا المؤيد الكبير لبريكست بشعبية عبر توزيع المليارات من الجنيهات الإسترلينية كمساعدات عامة خلال الوباء.
لكن ثروته التي جمعها خلال مسيرته المهنية في عالم المال ومن خلال زواجه من أكشاتا مورتي، ابنة الملياردير الهندي، أثارت أحياناً الضيق، في الوقت الذي كان فيه البريطانيون يشدون أحزمتهم. ومن الأمثلة الدالة على ذلك الفيديو الذي يجري تداوله بانتظام ويظهر فيه وهو يقر ضاحكاً عندما كان شاباً بأن لا أصدقاء لديه من الطبقة العاملة.
وكان جونسون أعلن في بيان مساء الأحد أنه حصل على المئة صوت اللازمة لدعم ترشيحه في هذه العملية الداخلية في حزب المحافظين لكنه عدل عن الترشح بسبب الانقسامات في الحزب اليميني.
وقال “خلال الأيام القليلة الماضية توصلت للأسف إلى نتيجة مفادها أنه لن يكون (الترشح) الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. لا يمكنك الحكم بفاعلية إذا لم يكن لديك حزب موحد في البرلمان”.
وعاد جونسون (58 عاما)، الذي غادر السلطة في مطلع سبتمبر بعد سلسلة فضائح، السبت من عطلة في الكاريبي لتأمين الأصوات المئة اللازمة لدعم ترشحيه، ونال 102.
وجونسون الواثق من نفسه على الدوام قال لسوناك إنه على قناعة بأنه كان ليحصل “على فرصة جيدة للعودة إلى داونينغ ستريت” لو قرّر البقاء في السباق. وقد استقال جونسون في يوليو بعد توالي الاستقالات في حكومته ومن بينها استقالة سوناك.
كما قال إنه “في وضع جيد” لقيادة معسكره خلال الانتخابات التشريعية المقبلة المرتقبة بعد عامين.
ويحظى بوريس جونسون على الدوام بشعبية لدى القاعدة المحافظة، لكنه يثير انقساما داخل معسكره. وهو لا يزال موضع تحقيق برلماني لمعرفة ما إذا كان كذب على البرلمان بشأن الحفلات غير المشروعة في داونينغ ستريت خلال فترات الإغلاق لمواجهة وباء كوفيد – 19.
وتدعو المعارضة العمالية التي حسّنت مواقعها في استطلاعات الرأي إلى انتخابات مبكرة.