أثار العرض الذي تقدمت به الحكومة المغربية لتحسين أوضاع الموظفين، والذي تجاهل اتفاقا سابقا للزيادة في الرواتب، خلافات بين النقابات التي انقسمت فيما بينها، حيث هناك من تحفظ على العرض واعتبره غير كاف، ولا يستجيب للضغوطات المعيشية التي يعاني منها المواطن، وبين من أشاد به.
ويواجه الاقتصاد المغربي تحديات غير مسبوقة، بسبب الأوضاع العالمية الراهنة التي خلفتها الأزمة الأوكرانية المستمرة، إلى جانب مشكلة الجفاف التي تضرب القطاع الزراعي الذي يوفر نحو 14 في المئة من الناتج المحلي للبلاد.
وانعكست هذه التحديات بشكل كبير على المقدرة الشرائية للمواطن المغربي، في ظل ارتفاع لافت في أسعار المواد الأساسية والخدمات. وفي محاولة لاستيعاب صدمة الأسعار وتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية طرحت الحكومة عرضا يقضي بتخفيض سقف الضريبة على الدخل.
ولم يتضمن العرض الحكومي الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الثلاثين من أبريل الماضي بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلا والاتحاد العام لمقاولات المغرب، والذي نص على الزيادة العامة في الرواتب.
◙ العرض الحكومي لم يتضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلا والاتحاد العام لمقاولات المغرب
ووفق مشروع قانون المالية، فقد تم رفع نسبة الخصم الجزافي للمصاريف المرتبطة بالوظيفة أو العمل من 20 إلى 35 في المئة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يقل أو يساوي دخلهم الإجمالي السنوي المفروضة عليه الضريبة 78 ألف درهم.
وحدد المشروع هذه النسبة الجزافية للمصاريف المرتبطة بالوظيفة أو العمل بـ25 في المئة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يفوق دخلهم الإجمالي السنوي المفروضة عليه الضريبة 78 ألف درهم، مع رفع سقف الخصم من 30 ألف درهم إلى 35 ألف درهم.
وتضمن مشروع قانون المالية رفع نسبة الخصم الجزافي المطبق على المعاشات والإيرادات العمرية من 60 إلى 70 في المئة من المبلغ الإجمالي الخاضع للضريبة الذي لا يتجاوز 168 درهما.
وأعلنت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل رفضها لمشروع القانون، واعتبرته هزيلا ولا يستجيب للحد الأدنى من تطلعات الشغيلة والمتقاعدين لمواجهة الارتفاع المهول في أسعار المواد والخدمات الأساسية.
وقالت النقابة، في بيان لها، إن العرض الحكومي لا يحقق العدالة الجبائية ولا يحترم الالتزام الوارد في اتفاق الثلاثين من أبريل المتعلق بمراجعة الأشطر، ودعت إلى مراجعة مشروع القانون وتحسينه بما يستجيب لمتطلبات الوضعية الاجتماعية.
وأشارت الكنفدرالية إلى أن المقترح الذي قدمه لها فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، اقتصر على مراجعة جزئية للضريبة على الدخل، ولن يكون له أثر ملموس على حماية القدرة الشرائية للشغيلة، التي تراجعت بفعل الزيادات المتتالية في أسعار المواد الأساسية، وارتفاع معدل التضخم إلى مستويات قياسية.
وأعلنت الكنفدرالية تمسكها بمطلب تحسين الدخل وضرورة ترجمة هذا الالتزام في مشروع قانون المالية 2023، وحملت الحكومة مسؤولية عدم الوفاء بالتزاماتها، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من احتقان اجتماعي.
وكان خليهن الكرش، عضو المكتب التنفيذي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، قد صرح في وقت سابق بأن تأثير العرض الحكومي على الزيادة في الرواتب يتراوح بين 25 درهما و187 درهما فقط.
◙ الكنفدرالية الديمقراطية للشغل تعلن رفضها لمشروع القانون وتعتبره هزيلا ولا يستجيب للحد الأدنى من تطلعات الشغيلة والمتقاعدين
وفي المقابل نقل موقع “هسبريس” المحلي عن مصادر مطلعة، قولها إن نقابة الاتحاد العام للشغالين، التي يقودها النعم ميارة القيادي في حزب الاستقلال الشريك في الائتلاف الحكومي، قد أبدت موافقتها على العرض الحكومي.
ولم يصدر إلى حد الآن أي موقف عن نقابة الاتحاد المغربي للشغل، أكبر النقابات في المغرب، لكن مصدرا مطلعا كشف أن “النقابة تعول على تحسين العرض الحكومي في البرلمان باتفاق مع الحكومة، كما تسعى إلى مناقشة تضمين الزيادة العامة في الرواتب مع رئيس الحكومة قبل إعلان موقفها”.
ويقضي الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أبريل الماضي برفع الحد الأدنى للرواتب بنسبة 10 في المئة خلال عامين في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات. ويستثني الاتفاق قطاع الزراعة.
وبموجب الاتفاق، سيبلغ الحد الأدنى للرواتب في القطاع العام 3500 درهم صافية من الضرائب (نحو 330 يورو) مقارنة بـ3362 درهما حاليا (نحو 320 يورو).
وسبق أن تم رفع الحد الأدنى للرواتب بنسبة 10 في المئة على عامين في العام 2019. وأعلنت الحكومة في معرض حديثها حينها عن الاتفاق أنها تريد أيضا أن تقارب الرواتب الزراعية مع رواتب القطاعات الخاصة الأخرى.