حظوظ ريشي سوناك لحكم بريطانيا وافرة ما لم تحصل مفاجأة

حنان الفاتحي

تنتظر رئيس الوزراء البريطاني المقبل أزمة خطيرة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وسيتعين عليه تهدئة الأسواق المضطربة منذ إعلان موازنة حكومة ليز تراس المستقيلة، وينبغي عليه أيضا محاولة توحيد حزب منقسم منذ سنوات قبل عامين فقط على الانتخابات التشريعية.

يحاول بوريس جونسون جاهدا تأمين ما يكفي من الدعم ليصبح رئيس وزراء بريطانيا المقبل بعد أن تكتلت شخصيات بارزة في الجناح اليميني لحزب المحافظين خلف الرجل الذي اتهم بخيانته في السابق، ألا وهو ريشي سوناك.

وأكد سوناك، وزير المالية السابق البالغ من العمر 42 عاما، الأحد خوض المنافسة ليحل محل ليز تراس، وتعهد بمعالجة “الأزمة الاقتصادية العميقة” في البلاد “بنزاهة ومهنية ومساءلة”.

وقال سوناك، الرجل الذي اتهمه أنصار جونسون بالتسبب في إنهاء فترة رئيس الوزراء السابق التي امتدت لثلاث سنوات “أريد إصلاح اقتصادنا، وتوحيد حزبنا، وتقديم المساعدة لبلدنا”. واستقال سوناك من الحكومة في يوليو، مما أدى إلى تمرد لم يسبق له مثيل من الوزراء ضد جونسون.

ويمثل إعلان المرشح الأوفر حظا تحديا قويا أمام جونسون، الذي عاد من عطلة في منطقة البحر الكاريبي في محاولة لتأمين دعم 100 نائب قبل تصويت للمشرعين من حزب المحافظين الاثنين.

وخلال الفترة التي قضاها في داوننغ ستريت، كان جونسون يتمتع بدعم العديد من التيارات المختلفة في الحزب، بما في ذلك التيارات اليمينية التي قادت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

 

ستيف بيكر: عودة جونسون لرئاسة حزب المحافظين ستكون كارثة مؤكدة
ستيف بيكر: عودة جونسون لرئاسة حزب المحافظين ستكون كارثة مؤكدة

 

لكن هذه المرة، قال العديد من الداعمين السابقين لجونسون إنه يجب أن يتراجع، مشيرين إلى أن البلاد بحاجة إلى الاستقرار بعد أن أدت الفوضى في الأسابيع الستة التي تولت فيها تراس السلطة إلى اضطرابات في الأسواق المالية، مما أضر بقيمة الجنيه الإسترليني.

ولا يزال جونسون أيضا يخضع لتحقيق تجريه لجنة الامتيازات بالبرلمان حول ما إذا كان قد ضلل مجلس العموم بشأن حفلات استضافها مقره في داوننغ ستريت في خضم جائحة كوفيد – 19. وقد يُجبر على الاستقالة أو يُوقف عن العمل إذا ثبتت إدانته.

وقال ستيف بيكر، وهو نائب مؤثر في جناح اليمين بالحزب، لشبكة “سكاي نيوز” “هذا ليس الوقت المناسب لأسلوب بوريس في الإدارة.. بوريس سيكون كارثة مؤكدة”. لكن جونسون حظي الأحد بجرعة دعم مع إعلان وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي دعمه له لرئاسة الوزراء.

وقال كليفرلي، عبر حسابه على تويتر “أظهرت الأسابيع القليلة الماضية أن شغل منصب رئيس الوزراء أمر صعب ولا يوجد أي منصب آخر في الحكومة مثله”.

وأضاف “أعلم أن بوريس تعلم دروسا من الفترة التي قضاها في مكتب رئيس الوزراء وأعلم أنه سيركز على احتياجات البلاد من اليوم الأول له”. وتابع “سأدعمه للعودة إلى منصب رئاسة الوزراء”.

وتشهد بريطانيا معركة جديدة على القيادة بعد أن أُجبرت تراس على الاستقالة بعد أن أدت سياساتها الاقتصادية إلى تصاعد تكاليف الاقتراض ومعدلات الرهن العقاري في وقت ارتفعت فيه فواتير الطاقة والغذاء.

ويتنافس كل من سوناك وجونسون ووزيرة الدفاع السابقة بيني موردنت لنيل المنصب. وسيكون الفائز هو خامس رئيس وزراء في البلاد خلال ست سنوات.

يُعد احتمال تولي جونسون رئاسة الوزراء مرة أخرى مسألة مثيرة للاستقطاب للكثيرين في حزب المحافظين المنقسم، مع تراجع شعبيته أيضا بين الناخبين قبل إجباره على التنحي.

بالنسبة إلى بعض النواب، فهو لديه القدرة على الفوز بأصوات وكسب شعبية في أنحاء البلاد نظرا إلى هالة المشاهير التي يتمتع بها وتفاؤله المعهود. أما لآخرين، فهو شخصية ضارة قد تفشل في توحيد الحزب، وبالتالي قد تقوض الجهود المبذولة لبناء قيادة مستقرة لتهدئة الأسواق المالية المضطربة.

ويتقدم سوناك في السباق لنيل دعم المشرعين، وذكرت “سكاي نيوز” أنه حصل على دعم 140 نائبا بينما حصل جونسون على 59. ولم يعلن نحو 130 مشرعا موقفهم علنا. وإذا وقع الاختيار على سوناك فسيكون أول رئيس وزراء بريطاني من أصل هندي.

وهاجرت أسرته إلى بريطانيا في الستينات، وهي الفترة التي وصل فيها العديد من المستعمرات البريطانية السابقة للمساعدة في إعادة إعمار البلاد بعد الحرب العالمية الثانية.

وبعد تخرجه من جامعة أكسفورد، التحق بجامعة ستانفورد حيث التقى بزوجته أكشاتا مورتي، ابنة الملياردير الهندي إن.آر نارايانا مورتي، مؤسس شركة إنفوسيس الهندية العملاقة في مجال التعهيد.

وجذب سوناك اهتمام العامة لأول مرة عندما أصبح وزيرا للمالية في عهد جونسون مع ظهور جائحة كوفيد – 19 في البلاد وكان عمره وقتها 39 عاما. وطور خطة إجازات لدعم الملايين خلال الفرض المتكرر لإجراءات الإغلاق.

 

جيمس كليفرلي: سأدعم عودة بوريس جونسون إلى منصب رئاسة الوزراء
جيمس كليفرلي: سأدعم عودة بوريس جونسون إلى منصب رئاسة الوزراء

 

وعلى الرغم من استطلاعات الرأي التي تظهر أن سوناك أكثر شعبية في البلاد، فهو لا يتمتع بشعبية كبيرة بين أطياف كبيرة من أعضاء الحزب بعد أن ألقوا باللوم عليه في الإطاحة بجونسون.

ووفقا لقواعد المنافسة التي تجرى على عجل، إذا حصل مرشح واحد فقط على دعم 100 من النواب المحافظين من أصل أكثر من 350 في البرلمان، فسيتم إعلانه رئيسا للوزراء الاثنين. وإذا حصل اثنان من المرشحين على هذا المستوى من الدعم، فسيخوضان تصويتا على مستوى أعضاء الحزب مع إعلان الفائز الجمعة.

ويقول أنصار جونسون إنه حصل على دعم أكثر من 100 مشرع، لكن الكثيرين يلتزمون الصمت لأنهم ما زالوا يشغلون مناصب حكومية. واستمرت المفاوضات الأحد داخل حزب المحافظين المنقسم بشدة.

والتقى سوناك وجونسون السبت لمناقشة إمكانية توحيد جهودهما، بحسب الكثير من وسائل الإعلام. والرجلان على خلاف منذ يوليو عندما أدت استقالة سوناك التي تلتها عشرات الاستقالات، إلى تنحي جونسون من رئاسة الوزراء. ومن الواضح أن الاجتماع لم يثمر اتفاقا. وقال وزير الدولة الحالي للشؤون الاقتصادية جايكوب ريس – موغ لهيئة “بي بي سي” الأحد إنه “من الواضح أن بوريس جونسون سيترشح”.

وفق استطلاع لصحيفة “صنداي تلغراف” ستكون لدى جونسون حظوظ مرتفعة إذا كان على أعضاء الحزب الاختيار بين مرشحين: أكثر من نصفهم بقليل يعتقدون أنه سيكون أفضل رئيس وزراء، بينما يميل 28 في المئة فقط إلى انتخاب سوناك. ويعتقد 60 في المئة من أعضاء حزب المحافظين أن رحيل جونسون في بداية الصيف كان خطأ.

وأما بيني موردنت التي نفت الأحد إجراء مفاوضات مع معسكر جونسون، فقالت إنها “واثقة” من حصولها على عدد كاف من التزكيات. وقالت لهيئة “بي بي سي”، “أعتبر أنني في أفضل موقع لتوحيد الحزب”، وأضافت “سئم الناس خلافاتنا.. المهم هو أن نعيد إرساء الاستقرار (..) والثقة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: