وجه المغرب إنذارا للشركات الجنوب أفريقية بأن استمرار أنشطتها في البلاد رهين بتغيير موقف حكومة بلادها من النزاع حول الصحراء المغربية، في خطوة تشير إلى أن الرباط اختارت الرد على “الاستعراضات” الأخيرة لجنوب أفريقيا باستخدام ورقة الضغط الاقتصادي.
وبعث وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الخميس رسالة تحذير إلى شركة “سانلام” بقوله “لا يمكن لمقاولة جنوب أفريقية أن تجني الأرباح بالمغرب وتقف مكتوفة الأيدي أمام ما تقوم به حكومتها”، وذلك بعد تصريحات رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا ضد الوحدة الترابية للمغرب عقب استقباله لزعيم بوليساريو إبراهيم غالي.
وأشار بوريطة خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر وزارة الخارجية في الرباط، بحضور وزيرة الخارجية البلجيكية حجة لحبيب، إلى أن استقبال زعيم ميليشيات بوليساريو يسيء إلى العلاقات الثنائية، خاصة في الجوانب الاقتصادية، إذ لا يمكن للشركات الجنوب أفريقية أن تربح في المغرب وهي تنظر إلى تداعيات ما تقوم به الحكومة في بريتوريا.
ووضعت جنوب أفريقيا أقدامها داخل النسيج الاقتصادي المغربي عبر مجال التأمين من خلال شركة “سانلام” التي أخلت مسؤوليتها عما يقع بين المغرب وجنوب أفريقيا.
وقالت “سانلام” في بيان رسمي إنها على علم بالزيارة لكنها تتبنى موقفا سياسيا محايدا ولن تعلق على الأمور السياسية للبلدان التي تعمل فيها، مضيفة أن لديها التزاما طويل الأمد تجاه المغرب وأنها تثق في هذا البلد واقتصاده.
وأكد نبيل الأندلوسي رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية أن المغرب سبق أن استخدم سلاح الضغط الاقتصادي في الأزمة مع السويد سنة 2015 بمنع شركة “إيكيا” السويدية المتخصصة في الأفرشة والتجهيزات المنزلية والمكتبية، بعدما تسربت معطيات حينها، بشأن عزم السويد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية، ليسمح بعدها للمجموعة بافتتاح فرعها في المغرب بعد تأكيد الحكومة السويدية على موقف إيجابي بشأن الصحراء المغربية، وهو ما يعني إمكانية لجوء السلطات المغربية إلى هذا السلاح إذا دعت الضرورة إلى ذلك ضد شركة جنوب أفريقيا.
وأكد الأندلوسي أنه ما دامت لغة المصالح هي الأبلغ في الدفاع عن القضايا والإقناع بالمواقف، في بعض الحالات والسياقات، فالمغرب من حقه الضغط عبر شركة “سانلام” لدفع حكومة بريتوريا إلى إعادة حساباتها.
وكان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا وصف المغرب بـ”المحتل غير الشرعي للصحراء، وأنه لا يزال مصدر قلق بالنسبة إلى أفريقيا والمجتمع الدولي”.
وجاءت تصريحات الرئيس الجنوب أفريقي بعد استقباله لزعيم بوليساريو الذي وصل الأربعاء على متن طائرة رئاسية جزائرية، وفرشت له السجادة الحمراء. كما قامت وزيرة التضامن الجنوب أفريقية بالمشاركة في وقفة احتجاجية بمعية موالين لجبهة بوليساريو الانفصالية أمام سفارة المغرب.
ووصف وزير الخارجية المغربي هذا الاستقبال بكونه “بهرجة وسينما”، وأن “وضع خرقة أو سجادة حمراء لا يغير في الملف شيئا، بل يعبّر عن عدم القدرة على التأثير”.
وقال “تابعنا خلال اليومين الماضيين ما يمكن أن نصفه ببهرجة وسينما في بريتوريا، هذه ليست المرة الأولى التي تسير فيها جنوب أفريقيا في هذا الاتجاه، فمنذ عام 2005 وهي تتخذ مواقف سلبية متشددة تعكس عجزها عن التأثير في محيطها”، مبرزا أن “المغرب سيستمر في مواجهة هذا الصخب من خلال عزل جنوب أفريقيا ومواقفها والمنطق المعادي للشرعية الدولية، وسيستمر في الدفاع عن مصالحه”.
وأضاف “خلال عام 2005، عندما اعترفت بريتوريا بجبهة بوليساريو كانت تظن أن دول العالم ستسير وتتخذ الخطوة نفسها، لكن ما حصل هو أن أكثر من عشرين دولة سحبت الاعتراف من الجبهة الوهمية”.
ولفت إلى أن “جنوب أفريقيا دخلت مجلس الأمن أكثر من مرة، لكنها لم تنجح في تنفيذ أجندتها، حيث أنها باتت تعي أن 90 دولة تعترف بمقترح الحكم الذاتي، بما فيها 30 دولة أفريقية، وهذا يعكس بعمق عجزها عن التأثير على هذا الملف”.
من جانبها قالت وزيرة الخارجية البلجيكية إن بلادها “تعتبر مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب عام 2007 مجهودا جادا وذا مصداقية للمغرب وأساسا جيدا لحل مقبول”.
وذكرت لحبيب أن “بلجيكا تدعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من كل الأطراف”.
وفي السياق ذاته دعا السفير المغربي لدى الأمم المتحدة عمر هلال جنوب أفريقيا إلى “الالتزام بالموقف الرسمي للأمم المتحدة، كما عبر عنه أمينها العام في تقاريره المتعاقبة لمجلس الأمن”.