مفاتيح ليز تراس لم تستطع انقاد و فتح ابواب اقتصاد بريطانيا الجريح !!
من لندن : سميرة ملوكي
استقالت ليز تراس من منصبها كرئيسة للوزراء بعد 45 يوما من انهيار الاقتصاد والجنيه الاسترليني وتصنيفاتها في استطلاع الرأي.
– يمكن اختيار رئيس الوزراء القادم في التالث من يونيو القادم من قبل ما لا يزيد عن 300 من اعضاء البرلمان المحافظين وقد يعني هذا رئيسًا اخر غير منتخب وسط كارثة معيشية ساحقة!
دخلت ليز تراس كتب التاريخ بصفتها رئيسة الوزراء التي تولت المنصب لأقصر فترة بعد أن حطمت الرقم القياسي الذي سجله رئيس الوزراء الأسبق جورج كانينغ الذي شغل المنصب لمدة 119 يوما.
لندن – أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس الخميس عن استقالتها من رئاسة حزب المحافظين وإجراء انتخابات الأسبوع المقبل لاختيار خلف لها، لتنهي بذلك أقصر فترة لرئيس وزراء في تاريخ المملكة المتحدة.
وقالت تراس (47 عاما) أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن “في ظل الوضع الحالي لا يمكنني إتمام المهمة التي انتخبني حزب المحافظين للقيام بها”.
وأضافت “لذلك تحدثت إلى جلالة الملك (تشارلز الثالث) لإبلاغه باستقالتي من رئاسة حزب المحافظين”.
وأضافت تراس أن تصويتا سيجري لاختيار خلف لها داخل حزب المحافظين “بحلول الأسبوع المقبل”.
وبعيد ذلك أعلن رئيس “لجنة 1922” المسؤولة عن تنظيم حزب المحافظين غراهام برادي أنه سيتم تعيين رئيس الوزراء المقبل بحلول الثامن والعشرين من أكتوبر، موضحا أن التصويت سيشهد منافسة بين مرشحين اثنين على الأكثر في اقتراع سيكون أقصر بكثير من العملية التي حملت تراس إلى السلطة خلال الصيف.
وقال برادي “ندرك جيدًا الحاجة، من أجل المصلحة الوطنية، إلى حل هذه الأزمة بسرعة وبشكل واضح”.
وحتى صباح الخميس، بدت رئيسة الوزراء متمسّكة بالسلطة. وأكدت الناطقة باسمها أنها “تعمل” مع وزير ماليتها جيريمي هانت لإعداد خطتهما الاقتصادية للأمد المتوسط غداة يوم كان كارثيا بالنسبة إليها.
وقد اعترفت بأنها واجهت “يوما صعبا” الأربعاء، لكنّها شددت على ضرورة أن تركّز الحكومة جهودها على أولوياتها. وقال المتحدث باسمها إنها تريد من الحكومة التركيز بنسبة أكبر على “إنجاز الأولويات” و”بنسبة أقل على السياسة”.
وصباح الخميس التقت تراس رئيس “لجنة 1922” بينما كانت لائحة البرلمانيين المحافظين الذين يطالبون برحيلها تطول تدريجيا.
وفي خضم أزمة غلاء المعيشة التي يعاني فيها الملايين من البريطانيين من التضخم، يعود حزب المحافظين إلى انتخابات داخلية بحثا عن قائد جديد له سيكون الخامس في ست سنوات. وقد جرت آخرها في الصيف بعد استقالة بوريس جونسون على خلفية فضائح في مقر رئاسة الحكومة وفي الأغلبية.
وتطرح أسماء مرشحين عدة لتولي رئاسة الحكومة خلفا لتراس مثل ريشي سوناك وبيني موردونت الوزيرة المسؤولة عن العلاقات مع البرلمان وحتى بوريس جونسون رئيس الوزراء السابق الذي حلت محله في سبتمبر.
ويُنظر إلى سوناك المصرفي السابق الثري البالغ 42 عاماً على أنه يجسّد الشخصية المطمئنة في إطار عقيدة الميزانية التقليدية.
وخلال الحملة جادل مرارا وتكرارا بأنّ التخفيضات الضريبية غير المموّلة تخاطر بدفع التضخّم إلى مستوى غير مسبوق منذ عقود وتقويض ثقة السوق.
في خضم أزمة غلاء المعيشة التي يعاني فيها الملايين من البريطانيين من التضخم، يعود حزب المحافظين إلى انتخابات داخلية بحثا عن قائد جديد له سيكون الخامس في ست سنوات
ورغم أنّ الحقائق أثبتت أنه على صواب، إلّا أنّه يواجه عرقلة كبيرة تتمثّل في أنّ العديد من أتباع جونسون ينظرون إليه على أنه خائن، بعدما أدّت استقالته في بداية الصيف إلى إسقاط رئيس الحكومة السابق.
وأما موردونت فكانت مرشّحة ضدّ تراس لخلافة جونسون هذا الصيف. وكانت محبوبة من ناشطي حزب المحافظين في بداية الحملة.
وتُعرف وزيرة الدفاع السابقة البالغة 49 عاماً بكاريزميّتها. وظهرت الاثنين أمام البرلمان حيث مثّلت تراس في مواجهة المعارضة ودافعت بثقة عن التغيير في الاتجاه الاقتصادي، مؤكدة أنّ رئيسة الوزراء “لا تختبئ تحت مكتب”.
وكان تقديم ميزانية مصغرة في الثالث والعشرين من سبتمبر تتضمن مساعدات لنفقات الطاقة وتخفيضات ضريبية هائلة وغير ممولة السبب في سقوط تراس. وتسبّبت هذه الخطة في انخفاض الجنيه إلى أدنى مستوياته التاريخية وأثارت ذعرا في الأسواق وكادت تفضي إلى أزمة مالية لولا التدخل السريع من بنك إنجلترا.
وارتفع سعر الجنيه الإسترليني الخميس قليلا مقابل الدولار بعد إعلان استقالة ليز تراس. وحتى بعد إقالة وزير ماليتها وصديقها المقرب كواسي كوارتنغ ثم تخليها عن خطتها، لم تنجح تراس في استعادة الثقة في صفوف حزب المحافظين. وتراجعت شعبيتها المنخفضة أساسا في استطلاعات الرأي.
ومنذ ذلك الحين، أكدت أنها تريد البقاء في منصبها مع أن ذلك بدا مستحيلا. وكان الأربعاء كارثيا إذ شهد استقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان ثم تصويت البرلمان على نص بدا وكأنه مواجهة بين النواب المحافظين.
ملايين من البريطانيين يعانون من أزمة في تكلفة المعيشة في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد إلى ركود وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في 40 عاما
وبعد تعيينها في السادس من سبتمبر، اضطرت تراس الأسبوع الماضي إلى إقالة وزير ماليتها وأقرب حليف سياسي لها كواسي كوارتنغ، والتخلي عن كل برنامجها الاقتصادي تقريبا بعد أن أدت خطط البرنامج لخفض ضريبي كبير بلا تغطية مالية إلى انهيار الجنيه الإسترليني والسندات البريطانية. وشهدت كذلك معدلات التأييد لها ولحزب المحافظين تراجعا حادّا.
والأربعاء خسرت تراس وزيرا ثانيا من أربعة وزراء هم الأهم في الحكومة، وقوبلت محاولتها للدفاع عن سجلها أمام البرلمان بالضحك وشهدت شجارا علنيا بين النواب من حزبها بشأن السياسة المتبعة، مما أدى إلى تعميق الشعور بالفوضى في وستمنستر.
ويسابق وزير المالية الجديد جيريمي هانت الآن الزمن لخفض الإنفاق بمبالغ تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية في محاولة لطمأنة المستثمرين وإعادة بناء سمعة بريطانيا المالية.
ويعاني ملايين من البريطانيين من أزمة في تكلفة المعيشة في الوقت الذي يتجه فيه الاقتصاد إلى ركود وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في 40 عاما.
ونأى هانت بنفسه عن خوض سباق زعامة الحزب، ومن المقرر أن يقدم ميزانية جديدة في الحادي والثلاثين من أكتوبر.
وقرر حزب المحافظين تجنّب إجراء انتخابات تشريعية مبكرة مع تقدم المعارضة العمالية في استطلاعات الرأي.
وبعد إعلان تراس دعا زعيمها كير ستارمر إلى إجراء انتخابات عامة “الآن” وليس أواخر 2024 أو أوائل 2025 كما هو مقرر.
وأثارت هذه العاصفة السياسية في إحدى القوى العالمية الكبرى في خضم الحرب في أوكرانيا ردود فعل على المستوى الدولي.
ووعد الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس بمواصلة “التعاون الوثيق” مع الحكومة البريطانية بعد استقالة تراس التي شكرها. وقال في بيان “أشكر رئيسة الوزراء ليز تراس على هذه الشراكة”، مؤكدا أن الصداقة “طويلة الأمد” و”قوة” التحالف بين البلدين ستبقيان بلا تغيير.
ومن جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يأمل في أن تستعيد المملكة المتحدة “بسرعة الاستقرار”.
وأما الخارجية الروسية فقد سخرت من استقالة ليز تراس، مشيرة إلى أن هذا البلد “لم يشهد مثل هذا العار يوما”.