الإسلاميون في المغرب يعوضون خسارتهم السياسية بالجانب الدعوي
تحاول حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية إعادة التموضع مجددا على الساحة في المغرب، عبر التركيز على الجانب الدعوي، خصوصا بعد الانتكاسة السياسية التي مني بها الحزب، والذي ما يزال يعاني تداعياتها على حضوره في المشهد.
الرباط – انتخبت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية في المغرب، أوس رمال (64 عاما) رئيسا لها خلفا لعبدالرحيم شيخي.
يأتي ذلك ضمن ترتيبات ترنو من خلالها حركة التوحيد وحزب العدالة والتنمية إلى تعويض الفشل السياسي، عبر التركيز على الجانب الدعوي، كي لا يجدا نفسيهما خارج المعادلة تماما.
ويقول مراقبون إن انتخاب رمال يندرج في إطار برنامج مراجعة أطلقته حركة التوحيد والإصلاح لميثاقها وصدّقت عليه في المؤتمر العام الذي جرى في أغسطس 2018، ويقضي بضرورة أن تنأى الحركة بنفسها عن السياسة وتركز على طابعها الدعوي.
ويقول هشام عميري الباحث في العلوم السياسية والقانون الدولي بجامعة الرباط، إن وبعد فقدان حزب العدالة والتنمية وظيفته السياسية فإن الحركة سعت لتفادي خسارة وظيفتها الدعوية هي الأخرى، خاصة أنها قدمت الكثير للحزب سواء عندما كان في المعارضة وأيضا عندما وصل إلى السلطة.
ومن خلال تدوير القيادة في المؤتمر الوطني السابع، تسعى حركة التوحيد والإصلاح لاستيعاب طاقات جديدة في صفوفها وعضويتها، وعبرت عن ذلك بشعار “وحدة المشروع عوض وحدة التنظيم”، حتى لا يتعين على أعضائها الابتعاد عن الدعوة بالانغماس في تعقيدات السياسة كجانب من التميز عن الحزب.
وأوضح عميري، أن الحركة قامت بفصل الرابطة الإستراتيجية التي تصلها بحزب العدالة، وهو ما شهدناه عندما تراجعت الحركة عن دعمه في الانتخابات الأخيرة، وذلك حتى لا تخسر وظيفتها، وهو ما قامت به الحركة في مؤتمرها العام سنة 2018، إذ منعت الجمع ما بين الانتماء لمكتب تنفيذها والانتماء إلى الأمانة العامة للحزب.
ويأتي انتخاب رمال خلفا للرئيس السابق شيخي الذي يعد إحدى الشخصيات البارزة في مشروع التوحيد والإصلاح، وصلة الوصل ما بين التنظيم الدعوي ورئيس العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران، حيث عرف بقدرته على امتصاص غضب القواعد والتفاعل مع الأحداث دون ضجة في الوقت المناسب، مع حضوره القوي في تجربة الإسلاميين السياسية في الحكومة.
وينعقد مؤتمر الحركة بعد عام من الهزيمة الكبيرة التي مني بها حزب العدالة والتنمية في انتخابات الثامن من سبتمبر 2021، وأيضا تعثر الحزب في عدد من الانتخابات الجزئية التي جرت خلال الأشهر الماضية.
وعلى مستوى الوظائف والقيادات والخطاب عملت حركة التوحيد والإصلاح في كل محطة انتخابية على الدعوة إلى المشاركة السياسية، وتقديم الدعم البشري واللوجستي للعدالة والتنمية.
وحتى لا يفقد كل رصيده البشري داخل حركة التوحيد والإصلاح، حاول بنكيران الوقوف مع الحركة منتقدا قرارات قيادة الحزب السابقة برئاسة سعدالدين العثماني، بخصوص التطبيع وقانون ‘الكيف’ الذي كان حسب تصريحاته خطأ، رغم أنه دافع بطريقة ضمنية عن قرار “تطبيع” العلاقات مع إسرائيل، معتبرا أن الأمر يدخل في إطار المصالح العليا للبلد.
وأشار عميري الباحث في العلوم السياسية والقانون الدولي بجامعة الرباط، إلى وجود خلافات حول عدة قوانين ومخططات وافق عليها حزب العدالة والتنمية عندما كان يقود الحكومة، وهو ما أثار احتكاكا ما بين الحزب والحركة.
منهج الحركة مع القيادة الجديدة هو لم شمل الجيل الجديد بإبعاده عن انشغالات العمل السياسي كي لا يستمر تآكل العمل الدعوي
ويعتبر رمال رابع رئيس لحركة التوحيد والإصلاح بعد عبدالرحيم شيخي ومحمد الحمداوي وأحمد الريسوني. وولد رمال في مدينة فاس (شمال شرق) عام 1958، وهو أحد الأسماء البارزة في حركة التوحيد والإصلاح.
ونال درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة محمد الخامس بالعاصمة الرباط، وتقلد في مساره المهني مناصب منها “مفتش ممتاز” بوزارة التعليم.
وجرى اختياره بعد انتخاب أعضاء الجمع العام الوطني السابع، خلال الساعات الأولى من فجر الأحد، حيت تم انتخاب رشيد العدوني نائبا أول لرئيس الحركة، وانتخاب منسق مجلس شورى الحركة وأعضاء المكتب التنفيذي الجديد باقتراح من رئيسها المنتخب، البالغ عددهم 11 عضوا.
ونشأت حركة التوحيد والإصلاح التي اختارت لمؤتمرها شعار “بالاستقامة والتجديد تستمر رسالة الإصلاح”، أواسط سبعينات القرن الماضي من خلال فعاليات أقامتها جمعيات إسلامية، قبل أن يُعلن في الحادي والثلاثين من أغسطس 1996 ميلاد الحركة من اندماج حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي.
ويقول متابعون للجماعات الإسلامية إن أمام الحركة تحديات كبيرة، أهمها الخروج بها من عباءة تجربة العمل السياسي التي أثرت على علاقة قواعدها بقيادة الحركة التي دعمت العدالة والتنمية.
ويرى هؤلاء أن منهج الحركة مع القيادة الجديدة هو لم شمل الجيل الجديد بإبعاده عن انشغالات العمل السياسي كي لا يستمر تآكل العمل الدعوي، خصوصا مع دعم الشباب داخل الحركة بانتخاب العدوني نائبا لرئيسها.