نظام التفاهة هو من يحكم اليوم بالمغرب

La rédaction

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً مهماً لتحقيق الشهرة، وجني الأموال في المغرب، لكن من طريق اعتماد المحتوى التافه وتكريس “الانحلال الأخلاقي”، ونشر الشائعات والأخبار الزائفة، ما أدى إلى تعالي أصوات مطالبة بضرورة وضع حد لتلك الظاهرة، بزعم تدميرها قيم المجتمع.

و بشكل يومي، تعج مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “يوتيوب”، بفيديوهات أقل ما يمكن القول عنها إنها تندرج ضمن خانة التفاهة؛ الأمر الذي بات يتطلب تدخلا صارما لوقف فوضى النشر، التي تسيء إلى الجميع.

التفاهة تثمر

وعرف المغرب خلال الأعوام الأخيرة سباقاً محموماً لتحقيق “البوز” و”الترند”، وهما آليتان أساسيتان لتحقيق أعلى كم من المشاهدات للمحتوى على شبكات التواصل، بالتالي ضمان تحقيق مدخول مادي مهم سواء من عائدات عدد المشاهدات على “يوتيوب”، أو من عائدات الإشهار على “تويتر” أو “فيسبوك”، لكن المحتوى يعتمد في الغالب على “التفاهة” و”الرداءة” اللتين أصبحتا ركيزة “النجاح”.

ولعل قمة التفاهة التي ستصيب المغاربة رواد مواقع التواصل الاجتماعي ما قامت به إحداهن، عبر نشرها فيديو توثق من خلاله تواجدها داخل المرحاض؛ الشيء الذي جر عليها وابلا من الانتقادات والاستهجان.

دعوات لوقف التفاهة

عجلت هذه الفيديوهات التافهة التي تقوم بها صاحبات “روتيني اليومي” بتعالي الأصوات المنددة، والمطالبة بوضع حد لهذا التسيب المسيء إلى الجميع، والذي يعكس صورة سلبية عن المغاربة لدى الرأي العام الدولي.

“تفاهة” بعض أصحاب القنوات على موقع “يوتيوب” جعلت برلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة تطالب الحكومة بضبط محتوى هذه الفيديوهات والعمل على تقنين المنشورات، على اعتبار أنها تتسبب في “الإهانة الممنهجة لبلادنا ولمكوناتها المجتمعية وخياراتها السياسية والدينية والاقتصادية، كما تتم من خلالها الإساءة إلى المرأة المغربية عن طريق برامج بعناوين روتيني اليومي”.

واعتبرت البرلمانية حنان أتركين، ضمن تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المطالبة بالتدقيق في المحتويات التي يتم نشرها لا علاقة له برقابة على حرية التعبير، مشيرة إلى أنه “لا يمكن غض النظر عن الرذيلة والمشاهد اللا أخلاقية بدعوى حرية التعبير”.

ولفتت النائبة عن جهة مراكش آسفي إلى ضرورة وجود لجان تسهر على ضبط ما ينشر وأن تكون هناك خطوط للنشر، مسجلة أنه “نحن مع حرية التعبير؛ لكن يجب أن تكون هناك ضوابط”.

وشددت البرلمانية “البامية”، ضمن تصريحها، على أن “ما يتم نشره اليوم بهذه المواقع فيه خدش للحياء؛ ما سيؤثر على الأجيال المقبلة، التي ستصير بدون قيم وبدون أخلاق”.

وأوضحت حنان أتركين أن التدخل بات واجبا، على اعتبار أن ما يتم نشره يتم اعتماده كأنه حقيقة ويكتسي مصداقية، بالرغم من أنه بعيد كل البعد عن ذلك.

وأكدت البرلمانية، في سؤالها الموجه إلى وزير الشباب والثقافة والاتصال، أن مواقع التواصل باتت تعج بمحتوى “يسيء إلى بلادنا وإلى مؤسساتها ورموزها، وأيضا إلى صورة المرأة المغربية ويمس بالحياة الخاصة للمواطنين”.

اكتساب المناعة

محسن بنزاكور، الباحث في علم النفس الاجتماعي، سجل أن هذه المحتويات المندرجة ضمن خانة التفاهة “للأسف، تلقى صدى ومتابعة؛ بالنظر إلى أن صاحبها يبحث عن المال، إلى جانب تضامن المتتبعين معه في إطار نتعاونوا معه، ثم هناك من المجتمع من يعشق الفراغ والتفاهة”.

وأوضح الباحث في علم النفس الاجتماعي أن “هناك محتويات مثيرة للشهوة الجنسية تنتشر أيضا؛ ما يعكس نظرة الازدراء لعلاقة جنسية سامية”، مسجلا أن “من يقوم بهذه المحتويات هم أذكياء يستقطبون المتابعين بذلك”.

ولفت المتحدث نفسه إلى أن عملية ضبط النشر بهذه الفضاءات تظل مستحيلة؛ غير أنه “يمكن العمل على عقلنتها، لأن الجيل الجديد الذي يتربى في زمن الأنترنيت يستحيل حرمانه منه”.

وفي هذا السياق، شدد على ضرورة “إقحام مادة في المقرر الدراسي من أجل حماية التلاميذ والناشئة من المحتويات التافهة، وكذا لدفعهم إلى استعمال ذكي للعالم الأزرق”.

وأوضح أن الطفل تكون له، من خلال توعيته داخل المقاعد الدراسية، مناعة ضد هذه المحتويات، ناهيك عن أنه يحظى بمتابعة من طرف الأستاذ.

كما أن الأسر بدورها، أضاف الباحث بنزاكور، يتطلب تحسيسها بكيفية التعامل مع الأبناء الذين يستعملون هذه الفضاءات والعمل على مصاحبتهم من أجل مواكبتهم للأبناء.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: