بعد أن وصلت الفجوة بين الناتج المحلي الإجمالي للجزائر والمغرب العام الماضي إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات، ها هي هذه الديناميكية تضعف، وفقا لصندوق النقد الدولي، الذي أعلن إصدار أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي (WEO) وهو التقرير الرئيسي لصندوق النقد الدولي، وعبر عن تحذير من عاصفة للاقتصاد العالمي والعديد من البلدان الإفريقية؛ حيث بدأ انتعاش ما بعد كوفيد العام الماضي يفقد قوته، ويرجع ذلك على وجه الخصوص إلى الأزمة في أوكرانيا، والتي لا تبطئ النمو فحسب، بل تعزز أيضا الضغوط التضخمية، كما أوردت مجلة “جون أفريك” الفرنسية.
من المتوقع أن ينخفض معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 3.2 بالمئة هذا العام، من 6 بالمئة في عام 2021. ويحذر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي أنه من المتوقع أن يرتفع التضخم العالمي من 4.7 بالمئة في عام 2021 إلى 8.8 بالمئة عام 2022.
أما جنوب الصحراء الكبرى ، فإن التراجع في النمو أقل وضوحا، من 4.7 بالمئة إلى 3.6 بالمئة هذا العام. من ناحية أخرى، يفترض أن يكون الدفع التضخمي أقوى بمقدار 3.3 نقطة عند 14.4 بالمئة هذا العام.
تطورات متناقضة في المغرب العربي
درس آخر مثير للاهتمام من تحديث عدد أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، يتعلق بالتطورات المتناقضة في دول شمال إفريقيا. فإذا كان صندوق النقد الدولي يعول في شهر أبريل على نمو بنسبة 2.2 بالمئة للبلدان المغاربية هذا العام، فإن تداعيات الوضع الاقتصادي العالمي دفعت خبراء الصندوق إلى مراجعة توقعاتهم نزولاً. وهم يعتمدون الآن على زيادة بنسبة 0.9 بالمئة، مع ركود فعلي للاقتصاد المغربي (+ 0.8 بالمئة) ، بعد زيادة تجاوزت 7 بالمئة العام الماضي، تضيف “جون أفريك”.
بالنسبة للاقتصاد الجزائري، مدفوعا بالارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، فإن التوقعات السنوية أكثر تشجيعا معدل النمو السنوي المتوقع في إصدار أكتوبر هو تقريبا ضعف ما كان متوقعا قبل ستة أشهر: 4.7 بالمئة مقابل 2.4 بالمئة. و بينما يتوقع أن يرتفع التضخم، سيكون ميزان الحساب الجاري أكثر إشراقا، مع فائض متوقع أن يتجاوز 6 بالمئة وفقًا للتقديرات الجديدة، مقارنة بأقل من 3 بالمئة وفقا لإحصاءات شهر أبريل.
إذا ظلت هذه البيانات خاضعة لمزيد من التنقيحات، فإن ارتفاع أسعار النفط الخام عند أعلى مستوى لها في خمس سنوات، والمتوقع أن يظل مرتفعا بسبب قرار دول “أوبك+” بخفض إنتاجها، ينبغي أن يضع حدا للتراجع البطيء من الناتج المحلي الإجمالي الجزائري (بالدولار الأمريكي) مقارنة بجارتها المغربية.
وبين عامي 2014 و2021، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للجزائر بالعملة الأمريكية بمقدار الربع تقريبا، إلى 163 مليار دولار، بينما ارتفع المغرب بنسبة 20 بالمئة، إلى 143 مليار دولار. كما شهدت تونس تراجعاً، لكنه أضعف (-7 بالمئة) من الجزائر.
صمود الصادرات المغربية
وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، لم تكن الفجوة بين الاقتصادين المغربي والجزائري أبدا صغيرة كما كانت في عام 2021، حوالي 20 مليار دولار. وتتوقع المؤسسة متعددة الأطراف اتساع هذه الفجوة إلى أكثر من 40 مليار دولار في المتوسط خلال الفترة 2022-2024.
لكن فيما يتعلق بقيمة صادرات السلع والخدمات، أظهرت المبيعات المغربية الأقل اعتمادا على الهيدروكربونات من عملاق النفط والغاز المجاور، مرونةً ملحوظة في السنوات الأخيرة. فعلى الرغم من تأثير كوفيد-19، فقد تم الحفاظ على الفجوة مع الجزائر العام الماضي، سواء من حيث القيمة الثابتة أو كحصة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورحب خبراء صندوق النقد الدولي في تقييمهم الأخير للاقتصاد الجزائري بـ“استراتيجية السلطات لإحياء النمو وتقليص اعتماد الاقتصاد على المحروقات”. ورأوا أن “إعلانات” الجزائر من حيث تعزيز الشفافية والإطار المؤسسي لمكافحة الفساد تسير في الاتجاه الصحيح.