ميراوي يقتل المنافسة الشريفة ويواصل محاولة تعيين أصدقائه ومقربيه بالجامعة المغربية: جامعة بني ملال نموذجا
La rédaction
أقدم عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، من أجل طلب ود الحزب الذي يترأس الحكومة، على الدفع بمصطفى أبو معروف، عميد كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، والمحسوب على الحزب المذكور، ك”مرشح الوزير” للتباري على منصب رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، بعدما استقدمه أواخر شهر غشت الماضي مستشارا له في ديوانه، في تناف مع ممارسة المسؤولية الإدارية، حتى يهيئ له الظروف المواتية للحصول على المنصب “المفتوح للتباري” ومنحه امتيازا “غير أخلاقي” باطلاعه على لائحة منافسيه والمشاريع التي قدموها بحكم أنها توضع بين يدي الوزير الذي يشكل لجنة الانتقاء بناءً على ذلك.
ولعل تركيبة اللجنة المكونة من طبيب، مثل مرشح الوزير، وعضو في حزب أبو معروف ووزير سابق بإسم نفس الحزب ومن الرئيس السابق للجامعة التي ينتمي إليها هذا الأخير حيث عين عميدا إبان ولايته، تؤكد بالملموس تضارب واضح للمصالح، بالإضافة إلى صفة المستشار التي يحملها أبو معروف في ديوان ميراوي، إلى جانب استقدام بوشعيب مرناري، الرئيس السابق لجامعة بني ملال والمنتمي هو الآخر لنفس حزب أبو معروف، إلى ديوان الوزير كذلك، دفع بعدد كبير من المترشحين إلى التراجع عن تقديم ملفات ترشيحهم بعدما اعتبروا “الماتش مبيوع”، إذ لم يتقدم سوى 6 مرشحين.
وحسب المعطيات المستقاة من بني ملال، فإن طريقة اقتراح ممثل الجامعة من قبل الوزير داخل لجنة الانتقاء تشكل لوحدها عاملا كافيا لإسقاط المباراة برمتها حيث عمد ميراوي إلى تعيينه من بين ثلاثة أساتذة ينتمون إلى مجلس الجامعة وليس من بين ثلاثة أساتذة ينتمون إلى الجامعة كما يقتضيه القانون المنظم لمباريات اختيار رؤساء الجامعات. كما يتساءل من تابع مجريات مباراة الانتقاء والظروف المحيطة بها عن كيفية إسقاط ثلاثة مترشحين والإبقاء على ثلاثة فقط، من ضمنهم “مرشح الوزير”، وعن المعايير التي تم تبنيها لذلك ووفق أي معامل وأي شبكة تقييم.
وتشكل نازلة جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال امتدادا للخروقات بالجملة التي نهجها عبد اللطيف ميراوي من أجل تعيين صديق له على رأس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، لولا تدخل رئيس الحكومة والأمين العام للحكومة لوقف ما وصف ب”المهزلة”، وتعيين صديقه القادم من فرنسا على رأس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، الأمر الذي خلق استياءً عارماً وسط الجسم الجامعي بعدما عرى رضوان مرابط، الرئيس المنتهية ولايته، عن الخيوط التي حبكها الوزير، بمعية نور الدين مؤدب، رئيس الجامعة الدولية للرباط ورئيس لجنة الانتقاء، من أجل خرق القوانين والأعراف.
وكردة فعله عن الطعن الذي تقدم به مرابط لدى رئيس الحكومة، لجأ الوزير إلى إعفاء هذا الأخير وإيفاد المفتش العام بالنيابة للوزارة، عبد الفتاح ولد النعناع، صديق طفولة الوزير الذي جاء به في أول الأمر مستشارا في ديوانه، حتى يعاقبه على فعلته بإصدار تقرير يلطخ صورته ويدافع عن قرارات (أو خروقات) الوزير، الذي صار حكما وطرفا في جميع الملفات والمنازعات، والتي وحده يراها “الصديق” كلها قانونية. كما أقدم ميراوي على شن هجوم “عنيف” على الرئيس الذي قال في حقه، خلال ندوة صحفية، “ملي كيكون عندنا مسار علمي ضعيف خاصنا نتخباو ونحشمو”، في سابقة خطيرة لم تعرفها الجامعة من قبل، إذ لم يسبق لأي وزير في كل الحكومات المتعاقبة أن احتقر وسب وشتم وتلفظ بمصطلحات بهذا الشكل في حق الكفاءات الجامعية الوطنية. في نفس السياق، فقد وصف ميراوي مدراء الوزارة ب”الخماج” في خرجة إعلامية أخرى، متناسيا أدبيات الصفة الحكومية والسياسية التي يحملها.
وبالرغم من حملة الاحتجاجات والاستنكارات والطعون التي تواجه عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يظل الرجل غير آبه بها وغير مبال بالجو المحتقن الذي يسود داخل الجامعة المغربية بسحبه من الأمانة العامة للحكومة القانون المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي وبتراجعه عن النظام الأساسي للأساتذة قصد فرض المقايضة على النقابات، بل ويواصل سياستة الرامية إلى خلق مزيد من الاحتقان بطرد الكفاءات من القطاع والتشهير بها و، في المقابل، بتثبيت المحسوبين عليه في مناصب المسؤولية، خارج إطار المنافسة الشريفة والنزاهة والشفافية، بالرغم من الشعارات الفضفاضة التي جاء بها للتمويه من قبيل “البحث عن الكفاءات” و”إعادة هيبة الجامعة” و”التأسيس لنموذج جامعي جديد” و”جيل جديد من الدكاترة” و”الجامعة 4.0″ و”تسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي” وغيرها من المفاهيم المبهمة.