ماذا لدى الجزائر أكثر من السعودية أو قطر لرعاية مصالحة فلسطينية

البازي

لا ينظر الفلسطينيون بحماس إلى مسعى الجزائر لعقد جلسات مصالحة بين كبريات الفصائل لاعتبارات من بينها أن الجزائر بعيدة كليا عن الملف الفلسطيني ولا تمتلك أيّ تأثير مباشر في المشهد الفلسطيني سياسيا أو ماليا، قياسا بدول مثل السعودية أو قطر أو مصر.

ويرى مراقبون فلسطينيون أن وفود الفصائل التي ستتوجه إلى الجزائر ستتعامل بحذر مع “لقاء الجزائر”، وسيكون الهدف هو سماع ما يقوله الجزائريون إن كانوا سيقدمون مبادرة أم أن الأمر مجرد خطاب عام هدفه إظهار الجزائر في صورة الطرف المهتم بالملف الفلسطيني لأجندات خاصة بها داخلية أو إقليمية.

ويعتقد المراقبون أن التصريحات الفلسطينية ستكون محسوبة وأن فصائل مثل فتح وحماس لن تجاري ما سيقوله الجزائريون من شعارات تعود إلى زمن الحرب الباردة، لا تؤخر أو تقدم خاصة بالنسبة إلى حركة حماس التي تريد لفت أنظار الفاعلين الإقليميين والدوليين، بما في ذلك إسرائيل، إلى رغبتها في أن تكون شريكا مباشرا ومنافسا للسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس على الاعتراف الخارجي.

ولا أحد يعرف بالضبط كيف يفكر الجزائريون وماذا سيعرضون من أفكار على الوفود الفلسطينية، وحدود الوساطة التي يفكرون بها. لكن سقف التوقع يظل محدودا.

مصطفى إبراهيم: عقبات تحقيق المصالحة لا زالت ماثلة، وهذه الجولة التي تنظمها الجزائر لن تخرج عن سياق الجولات السابقة غير المثمرة

ويتساءل مراقبون “كيف يمكن للجزائر أن تكون وسيطا أهم من السعودية أو أغنى وأكثر تأثيرا من قطر”، وهو تساؤل معقول خاصة أن الجزائر ظلت بعيدة عن الموضوع الفلسطيني منذ ثمانينات القرن الماضي، وكانت خارج الحراك الفلسطيني الذي أفضى إلى مسار السلام مع إسرائيل، ولم يلجأ إليها أيّ طرف إقليمي أو دولي للتأثير على هذا الفصيل أو ذاك، وهو ما يعكس محدودية تأثيرها، وأن ليس لديها غير شعارات القضية الفلسطينية لتقدمه أرضية لانطلاق الحوار، وهو أمر بات من الماضي، والفلسطينيون يريدون مكاسب مباشرة وأموالا ولا يريدون الشعارات.

وسبق أن حاولت السعودية، وهي الطرف الأهم في موضوع المساعدات، أن ترعى وساطة بين الفلسطينيين في لقاء مكة وما أفضى إليه من تعهدات بين فتح وحماس، لكن محاولتها فشلت.

وإذا كان السعوديون أقل معرفة بتفاصيل الخلافات البينية عند الفلسطينيين، فإن القطريين كانوا على علاقة متينة بمختلف الفصائل المتصارعة، وعقدوا لقاءات ووعدوا ودعموا، ورغم ذلك فقد فشلوا في رعاية “مصالحة” بين فرقاء لا يستطيعون العيش خارج الصراعات. في المقابل، لا يمتلك الجزائريون من هذا أو ذاك شيئا سوى الرهان على الشعارات.

وكانت الجزائر تسعى لتحويل الملف الفلسطيني إلى محور رئيسي في القمة العربية، لكن المشاورات الأولية كشفت أن القمة ليست في وارد أن تتحمل الشعارات والمزايدات والعودة إلى الماضي، ما دفع المسؤولين الجزائريين إلى عقد “لقاء المصالحة” بين الفصائل لاستثماره سياسيا في الداخل مع عودة المؤسسة العسكرية للإمساك بالسلطة وسعيها لخلق مناخ يسيطر عليه التخويف من المخاطر الخارجية والمؤامرات في نسخة جديدة من خطابات الحرب الباردة.

واستبعد المحلل السياسي الفلسطيني مصطفى إبراهيم وجود أيّ مؤشر على “التوصل إلى حل لإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية”.

وقال في تصريح له  إنه “من غير المتوقع حدوث اختراق حقيقي في هذا الملف” خلال لقاءات الجزائر.

وذكر إبراهيم أن “عقبات تحقيق المصالحة لا زالت ماثلة، وهذه الجولة التي تنظمها الجزائر لن تخرج عن سياق الجولات السابقة غير المثمرة”.

وأوضح أن التصريحات الإيجابية الصادرة عن مسؤولين في حركتي فتح وحماس ليست إلا “مجاملات”.

وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبدالمجيد سويلم إن “الظروف الحالية تشير إلى الذهاب نحو المزيد من تكريس الانقسام الفلسطيني وصولا إلى حالة انفصال غير معلنة”. وأضاف “الواقع الانقسامي أصبحت له مصالح ومؤسسات وبالتالي لا أعتقد أن الأمور ستسير نحو المصالحة”. وتابع سويلم “نتائج حوارات الجزائر ستسير غالبا باتجاه المجاملات السياسية”.

عبدالمجيد سويلم: الظروف الحالية تشير إلى الذهاب للمزيد من تكريس الانقسام الفلسطيني وصولا إلى حالة انفصال غير معلنة

وأعلن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبويوسف الأربعاء أن لقاءات مشتركة للفصائل الفلسطينية ستعقد الأسبوع المقبل في الجزائر لبحث المصالحة وإنهاء الانقسام الداخلي.

وذكر أبويوسف أن الجزائر وجهت دعوات إلى 14 فصيلا هي فصائل منظمة التحرير وحركتي حماس والجهاد خلال اليومين الماضيين، لعقد لقاءات مشتركة يومي 11 و12 أكتوبر الجاري.

وأشار إلى أن اللقاءات المشتركة ستعقد بناء على حوارات منفصلة جرت بين وفود الفصائل والمسؤولين الجزائريين في فبراير الماضي وتضمنت تقديم الرؤى والآليات لتحقيق المصالحة.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أعلن قبل يومين أن الجزائر ستدعو الفصائل الفلسطينية، بما فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركتا حماس والجهاد، لاجتماع من أجل إتمام جهدها الرامي إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني.

وذكر اشتية أن الحكومة الفلسطينية “ستكون جاهزة لأيّ خطوة تدعم جهود المصالحة وإنهاء الانقسام” الفلسطيني الداخلي.

ويعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة منتصف عام 2007، فيما فشلت عدة اتفاقيات وتفاهمات عربية في وضع حد للانقسام.

وقال الرئيس الفلسطيني في الأول من أكتوبر الجاري إن لدى حركة فتح التي يرأسها “قرارا بالتجاوب مع الجهود العربية لتحقيق المصالحة الفلسطينية”.

وأضاف عباس، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية “وفا” آنذاك، “هناك قرار مركزي في حركة فتح بالتجاوب مع جهود المصالحة المبذولة من قبل مصر والأشقاء العرب والعمل على إنجاحها”.

وقالت حركة حماس إنها “تتعاطى بجدية وإيجابية مع الجهد الجزائري بشأن المصالحة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: