طالبت النائبة الجمهورية ليزا ماكلين وعدد من زملائها بفرض عقوبات على الجزائر لشرائها أسلحة روسية وفق قانون “كاتسا”، وذلك لمنع تمويل روسيا لحربها في أوكرانيا وبعث رسالة قوية إلى العالم بأن واشنطن لن تتسامح مع من يدعمون بوتين.
قادت عضو الكونغرس ليزا ماكلين (جمهورية – ميشيغان) مجموعة من زملائها من الحزبين للمطالبة بفرض عقوبات على الجزائر بسبب شرائها أسلحة روسية، في انتهاك لقانون مكافحة خصوم أميركا من خلال العقوبات (قانون كاتسا)، وذلك على خلفية جهود واشنطن لعزل روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا.
ووجهت ماكلين وعدد من النواب في الكونغرس، يبلغ عددهم 27 نائبا، رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للبدء فورا في “تنفيذ عقوبات كبيرة على أولئك المتورطين من الحكومة الجزائرية في شراء الأسلحة الروسية، وذلك “لإبلاغ العالم بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والحرب البربرية التي يشنها نظامه”.
وأقرت الولايات المتحدة في 2017 قانون مكافحة خصوم أميركا من خلال العقوبات (قانون كاتسا)، حيث يؤكد المشرعون الأميركيون أن القانون يسمح للرئيس الأميركي بفرض عقوبات “على الأفراد الذين ينخرطون عن علم في صفقة مهمة مع شخص يمثل جزءا من قطاعي الدفاع أو الاستخبارات في حكومة الاتحاد الروسي أو يعمل لصالحهما أو نيابة عنهما”.
◙ ماكلين انتقدت عدم إقدام الخارجية على وضع عقوبات يمكن فرضها على الجانب الجزائري بسبب حجم الشراءات للسلاح الروسي
وفوّض الرئيس الأميركي سلطة العقوبات إلى وزير الخارجية، بالتشاور مع وزير الخزانة، وعلى هذا الأساس وجه النواب الأميركيون رسالتهم إلى بلينكن.
وقالت ماكلين في نص الرسالة إن “روسيا هي أكبر مصدّر للأسلحة العسكرية للجزائر. وأبرمت الجزائر في العام الماضي وحده صفقة شراء أسلحة مع روسيا بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 7 مليارات دولار. ووافقت في هذه الصفقة على شراء طائرات مقاتلة روسية متقدمة، بما في ذلك سوخوي 57. ولم توافق روسيا على بيع هذه الطائرة إلى أي دولة أخرى حتى الآن. وجعل هذا من الجزائر ثالث أكبر متلق للأسلحة الروسية في العالم”.
وانتقدت ماكلين عدم إقدام الخارجية الأميركية على وضع عقوبات يمكن فرضها على الجانب الجزائري، بسبب حجم الشراءات للسلاح الروسي، قائلة “رغم أن صفقة شراء الأسلحة الأخيرة بين الجزائر وروسيا ستُصنف على أنها ‘صفقة مهمة’ بموجب قانون مكافحة الإرهاب، فإن وزارة الخارجية لم تضع أي عقوبات يمكن فرضها”.
وحذّرت ماكلين من استغلال روسيا لعائدات مبيعات الأسلحة إلى الجزائر في حربها على أوكرانيا، قائلة إن “روسيا في حاجة ماسة إلى الأموال لمواصلة جهودها الحربية مع استمرار عملياتها في أوكرانيا. وقد أدت محاولة روسيا تسليط عقوبات على الاتحاد الأوروبي بسبب تدخله في الصراع إلى إيقاف الدول الأوروبية مشترياتها من الغاز الطبيعي، وجعل الرئيس فلاديمير بوتين يواجه تقلّص تدفق الأموال إلى خزائن الحكومة الروسية”.
وأضافت أن “من المرجح أن تواصل روسيا الضغط من أجل تحقيق مبيعات أسلحة إضافية”، مؤكدة أن “من المهم أن يستعد الرئيس بايدن وإدارته لمعاقبة أولئك الذين يحاولون تمويل الحكومة الروسية وآلتها الحربية من خلال شراء المعدات العسكرية”.
وتأتي رسالة ليزا ماكلين وزملائها من النواب بعد أقل من أسبوعين على رسالة بعثها السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو إلى بلينكن، لفرض عقوبات على المشتريات الجزائرية للسلاح الروسي.
◙ هناك مخاوف متزايدة من تداعيات التقارب الروسي – الجزائري، خاصة التعاون العسكري، في خضم الجهود الغربية لعزل موسكو
ويظهر جليا أن هناك مخاوف متزايدة من قبل المشرعين الأميركيين من تداعيات التقارب الروسي – الجزائري، خاصة التعاون العسكري في خضم الجهود الغربية لعزل موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.
وكان قائد الجيش الجزائري سعيد شنقريحة اجتمع الشهر الجاري مع سفيرة الولايات المتحدة إليزابيث مور أوبين، مع تصاعد المخاوف الأميركية من حجم التقارب مع روسيا، حيث يعتقد مراقبون أن اللقاء كان محاولة جزائرية للتقليل من المخاوف الأميركية.
ويعتقد متابعون للملف أن من المستبعد أن ينجح الجزائريون في تطمين الجانب الأميركي، خاصة وأن قائد الجيش الجزائري دعا روسيا إلى الانخراط بشكل مكثف في حماية أمن القارة الأفريقية ودعم اقتصاديات دولها، خلال مشاركته في ندوة الأمن الدولي التي انعقدت في موسكو خلال أغسطس الماضي، وذلك بعد أشهر على زيارة أداها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الجزائر ولقاء الرئيس عبدالمجيد تبون.
وقد أعلن الجيش الروسي إجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع الجيش الجزائري لمكافحة الإرهاب، أُطلق عليها اسم “درع الصحراء 2022″، وستجرى وفق معطيات بالجزائر للمرة الأولى، وذلك في أكتوبر المقبل، وهو ما أثار مخاوف غربية ودول إقليمية.
ويعتقد المراقبون أن نجاح الضغوط في واشنطن لفرض عقوبات على الجزائر بسبب المشتريات من الأسلحة الروسية سيمثل رسالة شديدة اللهجة إلى موسكو والجزائر على حد السواء، تفيد بأن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على مواجهة التحالفات التي تهدد مصالحها وتعبث بأمن المنطقة والاستقرار العالمي.