تعرض حزب العدالة والتنمية المغربي إلى هزيمة ثانية في الانتخابات الجزئية بعد نحو شهرين من هزيمة مماثلة أمام حزب الأحرار، حيث فشل الحزب الإسلامي في كل الدوائر التي أعيدت فيها الانتخابات، رغم حضور الأمين العام عبدالإله بنكيران في الحملة الانتخابية بشكل شخصي وهجومه المتكرر على سياسة الحكومة وخصومه السياسيين.
وجاءت هذه الهزيمة المتكرّرة رغم إشراف مباشر من طرف بنكيران على حملات مرشحي العدالة والتنمية بدوائر عين الشق بالدار البيضاء، وآسفي، وجرسيف شرقا، والدريوش، شمال شرقا، ودعوته إلى التصويت لفائدة مرشحي حزبه، لكن يبدو أن هذا الحضور المكثف في حملة الحزب الانتخابية لم ينجح في إقناع الناخب المغربي.
اقرأ أيضا…
وأكد بنكيران في تصريحاته، لاستمالة الناخبين في الدوائر الانتخابية التي شارك فيها، أن حزبه قام بإجراءات وقرارات صعبة وتاريخية في صالح البلد خلال توليه المسؤولية الحكومية، مشددا على أن فضل حكومة حزبه الأولى والثانية على هذه الحكومة لا يُتخيل. وقال أمين عام حزب العدالة والتنمية إنه “لولا ما تم من إجراءات لوصلنا اليوم إلى حالة الاستثناء”.
وعلق عمر الشرقاوي، أستاذ القانون بجامعة الحسن الثاني، على تصريحات بنكيران قائلا إن “العدالة والتنمية في عهد عبدالإله بنكيران يحاول التشبث بأي قشة لإظهار أن له وزنا انتخابيا”.
وأكد الشرقاوي أن الحزب لا يزال يعاني من المزاج الانتخابي ضده الذي ساد في الاستحقاقات السابقة مضيفا أن “هذه الانتخابات أكدت مرة أخرى أن الشعبوية لم يعد لها أي مجال للتكسب السياسي”. وتابع “رغم أن بنكيران قاد حملات انتخابية بنفسه ودعا المواطنين إلى التصويت لحزبه ومعاقبة الأحزاب الأخرى إلا أن النتيجة كانت مغايرة”.
ويقتصر رصيد العدالة والتنمية داخل البرلمان الآن على 13 نائبا عقب انتخابات 8 سبتمبر 2021، بعدما كان القوة البرلمانية الأبرز خلال الولاية السابقة بـ125 نائبًا. واعتبر عمر الشرقاوي أن “هزيمة العدالة والتنمية لم تكن من حيث عدم حصوله على مقاعد انتخابية بل الهزيمة كانت من خلال ضعف الأصوات التي حصل عليها والتي لم تتعد في بعض الدوائر بضع عشرات”.
وشرح الشرقاوي هذا التطور قائلا “هذا يعني أن ما حدث في مدن كانت قلاعا انتخابية لهذا الحزب يبين أن أثر بنكيران غائب وربما حضوره أدى إلى نتيجة عكسية ومخالفة لتوقعات حزبه تماما”.
وتعتبر إنجازات بنكيران بعد عودته إلى قيادة الحزب في أكتوبر من العام الماضي غير موفقة بالحسابات السياسية، حيث لم يستطع الحزب تحت قيادته النجاح في الانتخابات الجزئية (انتخابات برلمانية تمّت إعادتها من طرف المحكمة الدستورية) التي عرفتها كلٌّ من مكناس والحسيمة في يوليو الماضي.
واعتبر مراقبون أن خطة بنكيران للرفع من شعبية حزبه لم تؤت أكلها، رغم إشرافه المباشر على 12 مؤتمرًا جهويًا لإعادة الهيكلة التنظيمية للحزب واستغلال حضوره لانتقاد الحكومة وتسفيه إنجازاتها والحديث عن مدى حاجة المجتمع المغربي والدولة إليه في هذا الظرف وتذكير مناضليه بأن الحزب لا زال محافظًا على المرجعية الإسلامية.
وأكد عبدالإله بنكيران في ندوة صحافية قبل الانتخابات بيوم واحد، أن “أبناء العدالة والتنمية يشعرون بأنه وقع عليهم ظلم كبير، خاصة وأنهم لم يفعلوا أي شيء سلبي للمجتمع حتى يسقط الحزب هذه السقطة الكبيرة” وذلك في خطاب حمل الكثير من عبارات المظلومية.
وفي هذا الصدد أكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن رئيس حزب العدالة والتنمية فشل في استجلاب التعاطف المطلوب من طرف الناخبين، رغم محاولته استغلال القضايا الخلافية أو المحظورة وقضايا الحريات الفردية وتنصله من عدد من القرارات التي ساهم فيها أثناء ولايته حكومته، لاستعادة الفئة الناخبة التي كانت موالية له طيلة سنوات، لكنه فشل في شحذ التعاطف السابق نفسه.
ويرجع هشام عميري أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة شعيب الدكالي فشل العدالة والتنمية في الانتخابات الجزئية للمرة الثانية، إلى عدد من الأسباب أهمها أنه لم يستفد من درس انتخابات 8 سبتمبر مع فشله في مجموعة من القطاعات وعلى رأسها قطاع التعليم الذي يشكل كتلة ناخبة كبيرة.