طالب المغرب شركة الألبسة الرياضية الألمانية المعروفة “أديداس” بسحب أقمصة لمنتخب الجزائر لكرة القدم، بدعوى أن تصميمها مستوحى من نقوش الزليج المغربي ما عدّه “سرقة ثقافية”، في تطور جديد يظهر أن الخلاف السياسي بين المغرب والجزائر قد توسع ليشمل مستويات أخرى كانت بعيدة عنه.
وقال مراد العجوطي، رئيس نادي المحامين في المغرب، إن وزارة الثقافة والشباب والاتصال كلفته بتوجيه إنذار قضائي إلى الممثل القانوني لشركة أديداس، في مقرها بألمانيا، بخصوص استعمال أنماط من التراث الثقافي المغربي (الزليج المغربي) في تصاميم خاصة بأقمصة رياضية مع نسبها إلى بلد آخر (الجزائر).
يأتي ذلك بعدما ظهر لاعبو المنتخب الجزائري مرتدين أقمصة إحماءات جديدة، يظهر عليها شكل من أشكال الزليج المغربي.
وكتب المحامي العجوطي في تدوينة على فيسبوك “قمنا بتنبيه الشركة إلى أن الأمر يتعلق بعملية استيلاء ثقافي ومحاولة للسطو على أحد أشكال التراث الثقافي المغربي التقليدي، واستخدامه في خارج سياقه، مما يساهم في فقدان وتشويه هوية وتاريخ هذه العناصر الثقافية”.
ويعتقد مراقبون أن الشركة العالمية لم تكن لتختار هذا الشكل لو لم يعرض عليها من أوساط المنتخب الجزائري على أساس أنه تصميم من التراث الثقافي الجزائري، معتبرين أن هذه القضية تكشف حجم التوتر في العلاقة بين البلدين في مجالات كانت إلى وقت قريب غير معنية بالخلاف السياسي مثل الرياضة والثقافة.
ومنذ أسبوعين دعا المغرب الاتحاد العربي لكرة القدم إلى اتخاذ إجراءات “صارمة”، إثر تعرض منتخبه لأقل من 17 سنة إلى ما وصفه بـ”اعتداء” في الجزائر، وذلك على هامش اللقاء النهائي بين البلدين وما سبق من تحشيد إعلامي وشعبي جزائري ضد منتخب المغرب، خاصة أن المقابلة جرت في الجزائر.
ووصفت الرسالة المغربية تلك الأحداث بـ”اللا رياضية والاعتداءات الوحشية”، مستغربة “الغياب التام للأمن في حضور جماهيري غفير وظروف مشحونة قبل وأثناء المباراة”.
ونشب هذا الجدال في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجارين المغاربيين توترا حادا بسبب الخلاف حول قضية الصحراء.
وفي أغسطس من العام الماضي قطعت الجزائر علاقاتها مع المغرب بسبب ما أسمته “حملة عدائية متواصلة ضدها”، ووصفه المغرب بأنه اتهام زائف وعبثي. وحظرت بعدها تحليق الطيران المغربي فوق أجوائها، كما لم يتم تجديد عقد خط أنابيب الغاز المار عبر أراضيها وصولا إلى إسبانيا.
وسارعت الجزائر قبل ذلك إلى إغلاق مجالها الجوي مع المغرب بعد اتهامها المغرب بالقيام بـ”الاستفزاز والممارسات العدائية”.
◙ شركة أديداس لم تكن لتختار هذا الشكل لو لم يعرض عليها من أوساط المنتخب الجزائري على أساس أنه تصميم من التراث الثقافي الجزائري
وسبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن دعا الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى “تغليب منطق الحكمة”، والعمل في أقرب وقت على تطوير العلاقات بين الجارين.
وقال العاهل المغربي في الذكرى الثالثة والعشرين لجلوسه على العرش في يوليو الماضي “إننا نتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك”.
ويعتبر المراقبون أن الخلاف الرياضي حول قضية الأقمصة هو واجهة جديدة من واجهات الصراع بين البلدين.
وكانت العلامة الشهيرة للألبسة الرياضية قد نشرت على تويتر الأسبوع الماضي صورا لطقم جديد من أقمصة منتخب الجزائر لكرة القدم، موضحة أن تصميمها “مستوحى من التاريخ والثقافة” و”التصاميم العريقة لقصر المشور” في مدينة تلمسان الجزائرية.
لكن وزارة الثقافة المغربية اعتبرت أن هذه التصاميم “سرقة لأنماط من الزليج المغربي نسبت إلى الجزائر”، وقررت تبعا لذلك توكيل المحامي العجوطي لمطالبة الشركة الألمانية بسحب تلك الأقمصة من السوق، حسب توضيح مصدر من الوزارة لوكالة فرانس برس.
وأدان الأخير ما اعتبره “عملية استيلاء ثقافي”، فيما أكد محامي الوزارة في الرسالة التي وجهها إلى أديداس عبر البريد الإلكتروني ومفوض قضائي أنها “تحتفظ بحقها في استعمال كافة الوسائل القضائية الممكنة (…) لحماية عناصر التراث الثقافي المغربي من محاولات التملك غير المشروع”.
والزليج عبارة عن صناعة تقليدية رائجة في المغرب لبلاط تزينه رسوم ونقوش ملونة ومختلفة، ويستعمل في أرضيات وجدران البيوت أو القصور والمساجد.