روسيا تطمئن المنطقة بشأن مناوراتها القادمة مع الجزائر

البازي

اضطرت السلطات الروسية إلى تقديم توضيحات بشأن مناوراتها العسكرية المقررة مع الجزائر من أجل تقديم ضمانات لمن تصفهم بـ”الطرف الثالث”، في إشارة إلى المغرب وربما فرنسا وإسرائيل، وذلك في ظرف إقليمي ودولي تخيم عليه الحسابات الإستراتيجية بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.

قدمت مسؤولة في وزارة الخارجية الروسية ضمانات للمنطقة، وتحديدا للمغرب وحلفائه، بشأن المناورات العسكرية المرتقبة والمشتركة بين الجيشين الروسي والجزائري، والتي ستقام في منتصف نوفمبر القادم بالجزائر، وصرحت بأن المناورات كانت مبرمجة من قبل ولن تكون موجهة ضد أي طرف.

ونفت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن تكون هذه المناورات موجهة ضد طرف ثالث، وأنها كانت مبرمجة ضمن أجندة التعاون العسكري بين البلدين.

وكان الإعلان من طرف مسؤولين عسكريين في الجزائر وموسكو، عن تنظيم مناورات عسكرية مشتركة في منتصف نوفمبر القادم في بلدة حماقير التابعة لمحافظة بشار الحدودية مع المغرب، قد تم تأويله من طرف دوائر مختلفة على أنه استقواء جزائري بالحليف الروسي ضد المغرب، ورد مبطن على التعاون العسكري والأمني القائم بين الرباط وتل أبيب بعد التطبيع بين الطرفين.

التطمينات الروسية تعتبر خطوة لسحب البساط من الدعاية الأوروبية التي تروّج لتغول عسكري روسي في العالم

ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية قولها “التدريبات العسكرية المقبلة بين روسيا والجزائر لمكافحة الإرهاب.. عملية ‘درع الصحراء 22’ مخطط لها وليست موجهة ضد طرف ثالث”.

وفيما أكدت المتحدثة على أن المناورات المذكورة ستجري من طرف وحدات تابعة لسلاح القوات البرية في النصف الثاني من شهر نوفمبر القادم، بعدما ذكرت تصريحات سابقة أدلى بها مسؤولون في البلدين أنها ستجري في مطلع الشهر القادم، شددت على أنها مبرمجة بين البلدين وليست موجهة ضد أي طرف.

وقالت إن هذه المناورات هي “تدريبات على مكافحة الإرهاب، وكان مخططا لها من قبل في إطار البرنامج المعتمد للتعاون العسكري بين البلدين، وأود أن أؤكد أنها مثل جميع التدريبات العسكرية التي تشارك فيها روسيا ليست موجهة ضد أي طرف آخر”.

وذكر بيان روسي صادر عن قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية أنه “انعقد في مدينة فلاديقوقاز المؤتمر التخطيطي الأول لإعداد مناورات القوات البرية الروسية – الجزائرية المشتركة لمكافحة الإرهاب، والتي من المقرر إجراؤها خلال شهر نوفمبر القادم في قاعدة حماقير بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية”.

وأضاف “لقد تم تنسيق سيناريو التمرين وتنظيم اللوجستيات بما في ذلك إجراءات الإقامة، وأن المناورات ستكون عبارة عن تحركات تكتيكية للبحث عن الجماعات المسلحة غير الشرعية وكشفها وتدميرها”.

ولفت إلى أن تعداد القوات الروسية سيكون في حدود 80 عنصرا، وأن العملية تندرج ضمن برنامج تدريبات قوات المنطقة الجنوبية لعام 2022، وهي التدريبات التي تنص على طابعها الدولي ومشاركة وحدات من جيوش مصر والجزائر وكازاخستان وباكستان.

ويبدو أن التطورات الميدانية في أزمة أوكرانيا قد اضطرت الروس إلى تقديم توضيحات بشأن مناوراتها العسكرية العابرة للحدود، من أجل تقديم ضمانات لمختلف الأطراف المتواجدة في مناطق المناورات، في خطوة لسحب البساط من الدعاية الأوروبية التي تروج لتغول عسكري روسي في العالم.

عيون الدب الروسي تراقب كل شيء
عيون الدب الروسي تراقب كل شيء

كما يطرح برنامج المناورات المذكور مسألة التعداد العسكري الروسي في ظل لجوء الرئيس فلاديمير بوتين إلى ما أسماه بـ”التعبئة الجزئية” والإعلان عن تجنيد 300 ألف عنصر من جنود الاحتياط لدعم جبهات القتال في أوكرانيا، وذلك ما قد يبرر العدد الرمزي الذي تشارك به روسيا في المناورات المقررة مع الجيش الجزائري، بالتزامن مع الحديث عن أزمة في تعداد الجيش الروسي.

وحمل تصريح مسؤولة وزارة الخارجية الروسية وبيان القيادة الجنوبية تطمينات إلى ما سمي بـ”الطرف الثالث”، ويشار هنا إلى المغرب، قياسا بالأزمة المتصاعدة بينه وبين الجزائر وتنظيم المناورات في منطقة حدودية بين البلدين، كما يعتبر التصريح رفعا للبس الذي يلف العملية، خاصة وأن ذلك جاء في أعقاب مناورات مماثلة (الأسد الأفريقي) أجراها الجيش المغربي، وتم تأويلها على أنها موجهة ضد الجزائر.

ويقر متابعون لشؤون المنطقة بأن “الطرف الثالث ليس بالضرورة أن يكون المغرب وحده، فهناك أطراف أخرى قد تكون معنية بالرسالة الروسية، وهي إسرائيل في ظل تطبيعها وتعاونها المتقدم مع الرباط، ثم فرنسا التي طوت صفحة الخلافات مع الجزائر وتسعى لتعزيز شراكتها الاقتصادية مع الطرف الجزائري خاصة في مجال الغاز”.

وتأتي المناورات المشتركة المذكورة في ظرف إقليمي ودولي تخيم عليه الحسابات الإستراتيجية بسبب الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة، والتجاذب المتصاعد بين موسكو والغرب بشكل عام حول الجزائر؛ حيث ظهر أن البلد المهم في المنطقة واقع تحت حسابات دقيقة للطرفين، خاصة مع بداية ظهور معالم سياسة العصا والجزرة تجاهه، فكل طرف يريد تحييده عن الطرف الآخر، ولذلك فإن أي خطوة لقيادته السياسية تكون تحت مجهر الروس والأميركيين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: