هل يتجاوز دي ميستورا سقف توثيق مواقف أطراف النزاع حول الصحراء المغربية

البازي

في السادس من أكتوبر المقبل، يكمل الدبلوماسي السويدي – الإيطالي ستيفان دي ميستورا عامه الأول كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة خاص بإقليم الصحراء.

وتثار تساؤلات متصاعدة بشأن قدرة دي ميستورا على تحريك عجلة تسوية نزاع ممتد منذ عقود بين الرباط وجبهة بوليساريو، لاسيما في ظل توترات بين الجارين المغرب والجزائر.

وفي الرابع والعشرين من أغسطس 2021، أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، بسبب ما أسمته “خطواته العدائية المتتالية”، فيما أعربت الرباط عن أسفها جراء هذه الخطوة ووصفت مبرراتها بـ”الزائفة”.

وفي السادس من أكتوبر 2021، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين دي ميستورا مبعوثا له إلى إقليم الصحراء، خلفا للمبعوث الألماني هورست كوهلر الذي استقال في الثاني والعشرين من مايو 2019.

نبيل الأندلوسي: لا أحد ينتظر من المبعوث الأممي حل الإشكال والنزاع

وتتمثل مهام المبعوث الخاص في تحريك المفاوضات بين طرفي النزاع على مسار تسوية دائمة مأمولة.

وفي الثاني عشر من يناير الماضي، زار دي ميستورا المغرب ضمن أول جولة له بالمنطقة، شملت الجزائر وموريتانيا ومخيمات تندوف للاجئين أقصى جنوب غربي الجزائر.

وأعلنت الرباط، عقب زيارة دي ميستورا، التزامها بالعملية السياسية على أساس مبادرتها للحكم الذاتي.

وقبل أسبوع، اختتم دي ميستورا ثاني جولة له إلى المنطقة وشملت المغرب في يوليو الماضي، ثم الجزائر ومخيمات اللاجئين بتندوف بداية سبتمبر الجاري.

واعتبر خبير مغربي أن مهام المبعوثين الأمميين إلى الصحراء لا تتعدى سقف توثيق مواقف أطراف النزاع.

فيما قال آخر إن لتقييم أداء دي ميستورا يجب أن نضع في الاعتبار تعنت الأطراف الأخرى في الملف مع مقترحات سلفه، واعتماد المغرب ما بات يُعرف بـ”دبلوماسية القنصليات”.

وقال الباحث المغربي في العلاقات الدولية نبيل الأندلوسي إن “على مشارف انتهاء سنة على تعيينه مبعوثا أمميا إلى الصحراء، دشن دي مستورا جولة ثانية إلى المنطقة في محاولة لتلطيف الأجواء”.

وتابع الأندلوسي، النائب السابق لرئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، أن “المبعوث الأممي استمع إلى مواقف وتصورات أطراف النزاع، خاصة بعد التطورات التي عرفتها العلاقات المغربية – الجزائرية”.

واعتبر أن “مهمة الوسيط الأممي، سواء دي ميستورا أو غيره، لم ولن تتجاوز سقف إدارة الأزمة في ملف الصحراء المفتعل”.

وأردف “لا أحد ينتظر من المبعوث الأممي حل الإشكال والنزاع”.

ولفت إلى أن “المغرب الرسمي والشعبي يعتبر قضية الصحراء قضية وجود لا حدود، وهو ما سبق وعبّر عنه العاهل المغربي الملك محمد السادس”.

محمد العمراني بوخبزة: يجب الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعطيات لتقييم أداء دي ميستورا

واعتبر الأندلوسي أن “مهام المبعوثين الأمميين إلى الصحراء لا تتعدى سقف تدبير الأزمة وتوثيق مواقف الأطراف أو طرفي النزاع، وأن الحل بيد الجزائر وليس بوليساريو”.

ودعا الجزائر إلى “مراجعة مواقفها بشأن هذا الصراع والذي له خلفيات تاريخية، في ظل انعكاسات سلبية لاستمرارية هذا النزاع على جميع شعوب المنطقة، وفي مقدمتها الشعب الجزائري”.

وفي الخامس من سبتمبر الجاري، بحث وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مع دي ميستورا تطورات القضية وتعزيز الجهود الأممية لاستئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب وبوليساريو، للتوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين”، وفق بيان للخارجية الجزائرية.

وشددت الخارجية على ضرورة أن يضمن الحل السياسي “تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير مصيره، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وعقيدتها في مجال تصفية الاستعمار”.

فيما اعتبر الأكاديمي المغربي المختص بالعلاقات الدولية محمد العمراني بوخبزة، أنه يجب “الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعطيات لتقييم أداء دي ميستورا”.

وقال بوخبزة، عميد كلية الحقوق بجامعة عبدالمالك السعدي (حكومية) بتطوان (شمال)، “لنتذكر أولا أن دي ميستورا جاء بعد تقديم المبعوث الألماني السابق استقالته، بفعل ما اعتبره آنذاك ظروفا شخصية، لكن اتضح جليا أن هناك تعنتا لدى الأطراف الأخرى في التفاعل مع مقترحاته”.

وتابع “الآن دي ميستورا يأتي في ظل توقف المفاوضات، وكذلك في سياق تحولات عميقة جدا يعرفها ملف الصحراء”.

وأضاف أن “المغرب اعتمد آلية ما بات يُعرف بدبلوماسية القنصليات، مما شكل اختراقا كبيرا مع التحول الكبير في مواقف كبريات العواصم الدولية المؤثرة في الملف”.

و”دبلوماسية القنصليات” يُقصد بها إقناع المغرب دولا عديدة بفتح قنصليات لها في إقليم الصحراء، ضمن مساعي الرباط لتأكيد سيادتها في الإقليم.

وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب وبوليساريو إلى أواخر 2018 وأوائل العام التالي، ولم يحدث تطور يذكر منذ ذلك التاريخ.

ونهاية سبتمبر 2018، دعا المبعوث الأممي آنذاك هورست كوهلر الأطراف المعنية بالنزاع إلى اجتماع “طاولة مستديرة” في مدينة جنيف، لبحث قضية الصحراء.

وعُقدت هذه الاجتماعات في ديسمبر 2018 وفي الربع الأول من العام التالي، بمشاركة المغرب وبوليساريو، طرفي النزاع، والجزائر وموريتانيا، كدولتين مراقبتين، لكنها لم تثمر شيئا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: