فوز “إخوة إيطاليا” في الانتخابات يثير مخاوف من قيادة البلاد إلى المجهول

عبد السلام العلكي

اتخذت إيطاليا منعطفا سياسيا حادا نحو اليمين الاثنين إثر فوز الحزب الشعبوي الذي تقوده جورجيا ميلوني في الانتخابات التشريعية، وسط مخاوف من السير بالبلاد نحو مرحلة من الغموض السياسي، وفسح المجال لها لتكون أول رئيسة للوزراء.

حقق حزب “إخوة إيطاليا” ذو الجذور الفاشية الجديدة بزعامة جورجيا ميلوني فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية في إيطاليا، ما يرجّح حصول التحالف اليميني الذي تتزعمه ميلوني على أغلبية قوية في البرلمان وترؤّس الحكومة المقبلة، في خطوة تمثل زلزالا سياسيا يمكن أن يقود البلاد نحو المجهول.

وفاز حزب ميلوني “فراتيلي ديتاليا” (إخوة إيطاليا) الذي له جذور فاشية جديدة بـ26 في المئة من الأصوات في انتخابات الأحد وفق نتائج جزئية.

وتقود ميلوني ائتلافا يتوقع أن يفوز بغالبية مقاعد البرلمان ويؤلف حكومة هي الأكثر يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية.

ويمثل نجاحها تغييرا هائلا في إيطاليا العضو المؤسس للاتحاد الأوروبي وثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، بعد أسابيع فقط من انتصار اليمين المتطرف في الانتخابات في السويد.

وكتبت صحيفة “لا ريبوبليكا” اليومية في عنوانها الرئيسي “ميلوني تظفر بإيطاليا”، بينما قال ستيفانو فولي في افتتاحيتها إن إيطاليا “تستيقظ هذا الصباح وقد تغيرت للغاية”.

إنريكو ليتا: اليوم هو يوم حزين بالنسبة إلى إيطاليا وأوروبا

وأضاف فولي “إنها المرة الأولى منذ عقود التي يتغير فيها الوجه السياسي للبلاد بشكل كامل. لا نعرف حتى الآن ما إذا كان مصيرها في أوروبا قد تغير أيضا، لكن هذا السؤال هو الأول من بين العديد من الأسئلة” التي تواجه الإيطاليين الآن.

وقالت ميلوني البالغة من العمر 45 عاما لأنصار حزبها القومي “إخوة إيطاليا” في ساعة مبكرة من صباح الاثنين “يجب أن نتذكر أننا لم نصل إلى نقطة النهاية، فنحن في نقطة البداية. اعتبارا من الغد يجب أن نثبت جدارتنا”.

وتواجه ميلوني وحلفاؤها حزمة من التحديات الصعبة، من بينها ارتفاع أسعار الطاقة والحرب في أوكرانيا وتجدد التباطؤ في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

ومن غير المرجح أن يتم تنصيب حكومتها الائتلافية رقم 68 في إيطاليا منذ عام 1946، قبل نهاية أكتوبر ولا يزال رئيس الوزراء ماريو دراغي على رأس الإدارة المؤقتة.

وقالت جورجيا ميلوني إن الناخبين بعثوا “برسالة واضحة” لدعم حزبها في قيادة الائتلاف اليميني إلى السلطة.

وأضافت في تصريحات للصحافيين “إذا دعينا لحكم هذه الأمة فسوف نفعل ذلك من أجل جميع الإيطاليين، سنفعل ذلك بهدف توحيد الناس وتعزيز ما يوحدهم وليس ما يفرقهم”.

وحلّ حليفاها في الائتلاف، حزبا “الرابطة” اليميني المتطرف بقيادة ماتيو سالفيني، و”فورزا إيطاليا” بزعامة رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني خلف حزبها، وفق النتائج الجزئية.

ويُتوقع أن يفوزوا جميعا بنحو 44 في المئة من الأصوات، وهو ما يكفي لتأمين غالبية في مجلسي البرلمان.

ولا ينتظر إعلان النتائج الكاملة حتى وقت متأخر من الاثنين، لكن الحزب الديمقراطي من يسار الوسط المنافس الرئيسي للتحالف اليميني اعترف بأن هذا يوم “حزين”.

وقال الأمين العام للحزب الديمقراطي في إيطاليا إنريكو ليتا الاثنين إنه سيستقيل عقب خسارة حزبه في الانتخابات البرلمانية، مشيرا إلى أنه لن يترشح لمنصب أمين عام الحزب خلال مؤتمره القادم.

وأضاف ليتا أنه “من مهمة جيل جديد الآن تشكيل معارضة قوية لحكومة يمين الوسط المتوقعة بقيادة الفائزة بالانتخابات جورجيا ميلوني”.

وتابع “اليوم هو يوم حزين بالنسبة إلى إيطاليا وأوروبا”، مؤكدا أن “الحزب الديمقراطي لن يسمح باختفاء إيطاليا من قلب أوروبا”.

وستتابع العواصم والأسواق المالية الأوروبية بعناية تحركاتها المبكرة نظرا إلى ماضيها المتشكك في الاتحاد الأوروبي والموقف المتضارب لحلفائها بشأن روسيا.

وأكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين أنه يحترم “الخيار الديمقراطي” للإيطاليين الذي أدّى إلى فوز اليمين المتطرّف في الانتخابات العامّة، داعيًا روما إلى “مواصلة التعاون” مع الأوروبيين.

وقال في خطاب نشره قصر الإليزيه “اتّخذ الشعب الايطالي خيارًا ديمقراطيًا وسياديًا. نحن نحترمه”، مضيفًا “بصفتنا جيرانا وأصدقاء، علينا مواصلة التعاون فيما بيننا”.

في المقابل، قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن في تصريح صحافي إنها لا تريد التعليق على الخيارات الديمقراطية للشعب الإيطالي، لكنها ترغب في التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي لديه قيم محددة يتمسك بها مثل حقوق الإنسان.

من غير المرجح أن يتم تنصيب حكومتها الائتلافية رقم 68 في إيطاليا منذ عام 1946، قبل نهاية أكتوبر ولا يزال رئيس الوزراء ماريو دراغي على رأس الإدارة المؤقتة

وحذّر وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس من أن “الحركات الشعبوية تكبر دائما، لكنها تنتهي دائما بالطريقة نفسها، بكارثة”.

وامتنعت الحكومة الألمانية عن إبداء تقييم شامل عن توجهات الحكومة الإيطالية المستقبلية بعد توقعات بفوز تحالف يمين الوسط بقيادة حزب “إخوة إيطاليا” في الانتخابات.

وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية فولفغانغ بوشنر الاثنين في برلين “إيطاليا بلد موال للغاية لأوروبا، به مواطنون موالون للغاية لأوروبا، ونحن نفترض أن هذا لن يتغير”.

وأضاف أن هذا هو موقف المستشار أولاف شولتس، مشيرا إلى أنه “يجب أولا انتظار النتيجة النهائية الرسمية حتى يمكن إبداء أي تأملات”.

وبعد فرز الأصوات، جاء “إخوة إيطاليا” في المقدمة بحصوله على أكثر من 26 في المئة، ارتفاعا من 4 في المئة فقط في الانتخابات العامة الأخيرة في 2018، ليحل محل حزب ماتيو سالفيني كقوة دافعة لليمين.

وحصل حزب “الرابطة” على حوالي 9 في المئة فقط من الأصوات، انخفاضا من أكثر من 17 في المئة قبل أربع سنوات، أما الحزب المحافظ الآخر وهو “فورزا إيطاليا” بزعامة سيلفيو برلسكوني فقد حصل على حوالي 8 في المئة من الأصوات.

وبلغت نسبة المشاركة 64 في المئة فقط مقابل 73 في المئة قبل أربع سنوات، وهو مستوى منخفض قياسي في بلد لديه تاريخ في المشاركات القوية للناخبين.

وتحالف ميلوني منقسم بشأن بعض القضايا شديدة الحساسية التي قد يكون من الصعب الوصول إلى حلول وسط بشأنها بعد تولي الحكومة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: