يعود المستشار الألماني أولاف شولتس من الإمارات إلى بلاده راضيًا ومحمّلا باتفاقيات كبرى لتعويض إمدادات الغاز والنفط الروسية، في مشهد يناقض عودة الرئيس الأميركي جو بايدن بلا أيّ إنجازات أو وعود من الدول الخليجية المنتجة الكبرى للنفط والغاز.
وفيما لم يتم التجاوب مع ضغوط بايدن لزيادة الإنتاج لأنها كانت ضغوطا سياسية ترتبط برضا المستهلك الأميركي خصوصا في موسم الإجازات وارتفاع أسعار البنزين، تفاعلت الإمارات تفاعلا جيدا مع طلب ألمانيا تزويدها بكميات من الغاز والديزل لتكون بديلا، ولو جزئيا، عن واردات النفط والغاز الروسية التي اتخذت الاقتصاد الألماني رهينة بسبب الحرب في أوكرانيا.
فضلا عن تصدير الغاز، وافقت أدنوك أيضا على بيع الأمونيا لشركات ألمانية أخرى، من بينها ستيج وأوروبيس
ويرى مراقبون أن الإمارات لا تنظر إلى ألمانيا على أنها سوق فقط، بل تعتبر أن أيّ هزة يتعرض لها اقتصادها ستنعكس بشكل كبير على بقيّة العالم.
وأعلنت شركة “أر. دبليو. إي” الألمانية الأحد أنها أبرمت اتفاقا مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) لإيصال شحنات من الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، بحلول نهاية ديسمبر الجاري.
وعلى الرغم من أن الكمية التي سيتم تسليمها قليلة نسبيا، تكتسب الصفقة أهمية سياسية من ناحية دعم إمدادات الغاز من خارج روسيا؛ إذ يسعى المستشار الألماني إلى تعزيز العلاقات مع الخليج وإيجاد مصادر بديلة للطاقة.
وجاء الاتفاق مع الإمارات، الذي يتضمن مذكرة تفاهم على تصدير الغاز الطبيعي المسال لعدة سنوات، في اليوم الثاني من رحلة يقوم بها شولتس إلى منطقة الخليج.
“أر. دبليو. إي”: الشحنة التي ستسلمها أدنوك هذا العام ستكون 137 ألف متر مكعب وستكون أول كمية من الغاز الطبيعي المسال يتم توريدها إلى سوق الغاز الألماني
وقال شولتس للصحافيين قبل إعلان الاتفاق “نحن في حاجة إلى التأكد من أن إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم قد تقدم إلى النقطة التي يمكن فيها تلبية الطلب الكبير القائم دون الحاجة إلى اعتماد الطاقة الإنتاجية الموجودة في روسيا”.
وقالت شركة “أر. دبليو. إي” إن “الشحنة التي ستسلمها أدنوك هذا العام ستكون 137 ألف متر مكعب وستكون أول كمية من الغاز الطبيعي المسال يتم توريدها إلى سوق الغاز الألماني عبر محطة استيراد الغاز الطبيعي العائمة في مدينة برونسبوتل قرب هامبورغ”.
وحجزت أدنوك كذلك عددا غير محدد من شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا لعام 2023.
وفي نهاية المطاف ستتمكن محطتان عائمتان جديدتان للغاز الطبيعي المسال في ألمانيا من استقبال ما يصل إلى 12.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويا، أي ما يعادل نحو 13 في المئة من استهلاك الغاز في البلاد عام 2021، وفقا لبيانات من شركة الأبحاث إنرداتا.
وأضافت “أر. دبليو. إي” في بيان “هذا يمثل ركيزة مهمة في تشكيل بنية تحتية لإمدادات الغاز الطبيعي المسال في ألمانيا وتوفير إمدادات غاز أكثر تنوعا”.
ويأمل المسؤولون الألمان في أن تساعد مجموعة من الاتفاقات، على غرار تلك المبرمة مع أبوظبي للغاز الطبيعي المسال، في تهدئة ارتفاع أسعار الطاقة.
في غضون ذلك تظاهر ألمان محبطون الأحد، ودعوا إلى تشغيل مشروع خط أنابيب نورد ستريم 2 الذي كان يهدف إلى نقل الوقود من روسيا إلى ألمانيا وتم تجميده بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ورفع محتجون لافتة كُتِب عليها “افتحوا نورد ستريم 2 فورا”. وتوقع المنظمون أن يصل عدد المشاركين إلى خمسة آلاف في المظاهرة التي تشهدها مدينة لوبمين، حيث نقطة وصول خط الأنابيب في ألمانيا.
وفضلا عن التصدير إلى شركة “أر. دبليو. إي” وافقت أدنوك أيضا على بيع الأمونيا لشركات ألمانية أخرى، من بينها ستيج وأوروبيس. كما ستوفر 250 ألف طن من الديزل شهريا لشركة هوير الألمانية.
والأحد وقّع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتفاقا مع شولتس “في مجال تسريع أمن الطاقة والنمو الصناعي”.
وبشكل منفصل، ستستكشف شركة الطاقة المتجددة الإماراتية “مصدر” تطوير طاقة الرياح قبالة الساحل الألماني.
وغادر شولتس إلى قطر بعد اللقاءات التي عقدها في أبوظبي. وقد أجرى السبت محادثات في جدة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.