حصلت شركة “توتال إنرجي” الفرنسية على حصة جديدة في خطط قطر لزيادة إنتاجها من الغاز مع اختيارها كشريك رئيسي في توسعة رقعة من حقل ضخم، وذلك في خضم أزمة الطاقة الأوروبية على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا.
ويتزامن هذا الاتفاق مع جولة للمستشار الألماني أولاف شولتس إلى دول الخليج تقوده إلى السعودية والإمارات وقطر. ويصف مراقبون هذه الخطوة بأن من شأنها أن تغير معادلة الغاز في أوروبا ومساعدتها على مواجهة الأزمة الحادة في علاقتها مع روسيا.
وقال وزير الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي في مؤتمر صحافي في الدوحة إن الشركة الفرنسية التي انضمت في يونيو إلى مشروع توسعة آخر في قطر، ستنضم أيضا إلى جهود توسعة مشروع حقل الشمال الجنوبي.
باتريك بويان: الدول الأوروبية يجب أن تكون مستعدة للمزيد من الصفقات طويلة الأجل
وأوضحت وكالة الأنباء القطرية “بنسبة تبلغ 9.375 في المئة، قطر للطاقة تعلن عن اختيار شركة ‘توتال إنرجي’ كشريك لتطوير حقل الشمال الجنوبي، وسيتم الإعلان عن شركاء جدد في مرحلة لاحقة”.
وحصلت “توتال إنرجي” قبل أشهر على حصة نسبتها 6.25 في المئة وقيمتها نحو ملياري دولار من مشروع تطوير حقل الشمال من الجهة الشرقية، بموجب اتفاق تم توقيعه في 12 يونيو ويسري حتى العام 2054.
ويتضمن مشروع حقل الشمال الشرقي، الذي من المقرر أن يبدأ الإنتاج في 2026، توسيع حقل الشمال البحري، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم وتشترك فيه قطر مع إيران.
ويضم حقل الشمال حوالي 10 في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم، بحسب تقديرات شركة قطر للطاقة. وتبلغ تكلفة توسعته نحو 29 مليار دولار.
ويساعد المشروع قطر على زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 60 في المئة ليصل إلى 110 ملايين طن بحلول العام 2027.
وتسبّب الغزو الروسي لأوكرانيا في مضاعفة الجهود حول العالم لتطوير مصادر جديدة للطاقة في وقت تحاول الدول الغربية تقليل اعتمادها على روسيا.
ويتوقع أن تنضم شركات أخرى إلى المشروع إلى جانب “توتال انرجي”. إذ قال الكعبي إن حصة بنسبة 25 في المئة ستُخصّص للشركات الأجنبية سيعلن عنها لاحقا.
وتحدثت تقارير الأسبوع الماضي عن أن شركتي المرافق الألمانيتين “يونيبر” و”آر.دبليو.إي” اقتربتا من إبرام صفقات طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال من مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي للمساعدة في توفير بديل للغاز الروسي.
◙ مشروع حقل الشمال الشرقي يتضمن توسيع حقل الشمال البحري، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم وتشترك فيه قطر مع إيران
وقال الكعبي “تربطنا مع ‘يونيبر’ و’آر.دبليو.إي’ علاقة هامة، ونحن نتعامل معهما منذ 20 عاما، ولدينا عقود سويا”. وأضاف “لذلك، نحن نتحدث مع كليهما ولا يسعني قول شيء يختلف عما أقوله دائما فيما يخص العقود التجارية، وهو أنني لا أناقشها”.
وشهدت المحادثات بين ألمانيا وقطر خلافات حول شروط رئيسية مثل أجل العقود والتسعير، لكن مصادر بالقطاع قالت إنه من المتوقع أن يتوصل الطرفان قريبا إلى حل وسط.
وأفاد الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية باتريك بويان أن شركته كانت ستقبل بحصة أكبر لو كان ذلك ممكنًا، موضحا “نحن في حاجة إلى قدرات (إنتاج) جديدة بالتأكيد وهذا يأتي في توقيت مثالي”.
وتابع “معظم قادة العالم اكتشفوا عبارة الغاز الطبيعي المسال”، مضيفًا أن الدول الأوروبية يجب أن تكون مستعدة للمزيد من الصفقات طويلة الأجل وربما لأسعار أعلى لضمان الطاقة. وقال “من أجل تأمين الإمدادات، هناك ثمن”.
ورفض الكعبي، الذي سيلتقي بالمستشار الألماني في الدوحة الأحد، مناقشة المفاوضات مع الدول الأوروبية، لكنه قال إن بعضها “أكثر تقدما” من الآخر، مشيرا إلى أن قطر تجري محادثات أيضا مع بريطانيا.
وتعد كوريا الجنوبية واليابان والصين الأسواق الرئيسية للغاز الطبيعي المسال الذي تنتجه قطر، وإثر أزمة الطاقة التي واجهتها أوروبا العام الماضي، ساعدت الدوحة بريطانيا بإمدادات إضافية وأعلنت اتفاق تعاون مع ألمانيا.
سعد بن شريدة الكعبي: المصنع سيتكلف 1.2 مليار دولار وسيبدأ الإنتاج في الربع الأول من العام 2026
ورفضت أوروبا طويلا توقيع اتفاقات طويلة الأمد مع قطر تسعى إليها الدوحة لتصريف إنتاجها، لكن النزاع في أوكرانيا غيّر المعادلة.
وقطر أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا.
ويتهيّأ الأوروبيون لفصل شتاء صعب ستكون خلاله واردات الغاز الروسي دون مستوياتها المعتادة، في واحدة من تبعات الحرب على أوكرانيا الأشد تأثيرا على حياتهم اليومية.
ويتطلّع مسؤولون أوروبيون إلى مصدّري الغاز الكبار في العالم لسدّ النقص في الإمدادات.
ويعتبر الغاز القطري من بين أرخص الغازات المنتجة، وقد أحدث ثورة اقتصادية في الدولة الصغيرة التي أصبحت واحدة من أغنى دول العالم بفضل مواردها من الطاقة.
وفي نهاية أغسطس الماضي، أعلنت قطر اعتزامها بناء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء، أحد أنواع الوقود الجديدة التي توصف بأنها مصدر نظيف للطاقة.
وذكر وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي أنّ المصنع سيتكلف 1.2 مليار دولار وسيبدأ الإنتاج في الربع الأول من العام 2026.
ويمكن استخدام الأمونيا الزرقاء، والتي يمكن نقلها على متن سفن، في محطات الطاقة لإنتاج كهرباء منخفضة الكربون.
وتسوّق الدول المنتجة للغاز مثل قطر لهذه المادة الكيميائية ذات الرائحة الكريهة كبديل من الهيدروجين.