قمة الجزائر واستحقاقات المرحلة

أصطفان

لشهور عديدة خلت كان واضحاً أن القمة العربية بدورتها الـ31 المرتقبة في الجزائر في شهر نوفمبر القادم تحظى بمتابعة واهتمام كبيرين من قبل الإعلام والمحللين والسياسيين على حد سواء، واللافت أن هذا الاهتمام كان لسببين رئيسيين، أولهما أن القمة كما توقع كثيرون سوف تشهد عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية بعد أن تم تجميد عضويتها منذ قرابة 11 عاماً وبالتحديد في نهاية العام 2011، وهو ما يعني استئناف العلاقات مع أغلب الدول العربية، قبل أن يتم الإعلان مجدداً عن عدم مشاركة سوريا أو دعوتها وهو ما يؤكد أن جسور التواصل والتفاهم اللازمة خاصة على محور دمشق – الرياض والتي أشيع كثيراً الحديث عنها دون أي إعلان رسمي من قبل أي من الجانبين لم تكتمل بعد ولا تزال عاجزة عن تحقيق توافق معين يكون كفيلاً بإنهاء القطيعة الناجمة عن العقد الماضي الذي شهدته سوريا.

ورغم موجات التفاؤل التي عبر عنها الداعمون لعودة دمشق إلى الحضن العربي، لكنهم في الوقت نفسه يرون أن قراراً بهذا الحجم قد تكون له انعكاسات على المستوى الدولي وأقطابه التي كانت لها مواقفها من أحداث سوريا، وبالتالي فإن الحسابات الدقيقة حاضرة بقوة وسوف تستبق أي قرار من هذا النوع وإن كان هناك إجماع شبه تام أن التلاقي السعودي – السوري في حال تم سوف يكون إيذاناً بمرحلة جديدة تماماً خاصة من حيث تخفيف العقوبات وخاصة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب السوري وتنعكس بشكل تام على الكثير من مقومات الحياة الأساسية.

السبب الثاني أن موعد القمة يتزامن مع التصعيد والأحداث المتسارعة التي يشهدها عالم يغص بالتحديات والأزمات والانقسامات على امتداد الساحة الدولية والتي أعادت إلى الأذهان مصطلحات كانت شائعة في أوقات سابقة من قبيل الحرب الباردة، أو نذر الحرب العالمية الثالثة بفعل المضاعفات والانقسامات حول حرب أوكرانيا ومآلات التصعيد المتسارع خاصة في الفترة الأخيرة، والتي تجاوزت أهدافها وأسبابها المعلنة إلى اعتبارها معركة كسر عظم بين روسيا من جهة وحلف شمال الأطلسي “الناتو” من جهة ثانية.

مع اقتراب أعمال القمة العربية، هل ستكون النتائج على قدر الآمال، وهل سنشهد قرارات فاعلة تجد طريقها إلى الواقع؟ وهل سيكون ما يدركه الجميع من تحديات متعاظمة كفيلاً بقرع جرس الإنذار تجاه التحديات وخاصة الملفات التي تستوجب تضامناً يتعلق بتحصين الجسد العربي الذي لا تنقصه الجروح والآلام والتدخلات، علماً أن كافة الظروف الإقليمية والدولية تؤكد أن العرب أمام قمة استثنائية تستوجب العمل وفق إستراتيجيات قوية لمواكبة التطورات لدعم الاستقرار والآمال في التنمية في ظل عالم يتغير باستمرار وبشكل متسارع وهو ما يستوجب آليات تتسم بالحداثة وامتلاك القدرة على السير بالسفينة العربية نحو بر الأمان في وسط دولي يشهد الكثير من الأمواج والهزات والأحداث التي تتطلب تضامناً تاماً من خلال وقفة عربية جديدة مع التاريخ، لكن بالمقابل هل يكفي استشعار حجم التحديات والإدراك الدقيق لخطورتها وإعلان الرغبة في التضامن للتعامل معها وعدد من الدول غارقة في معاناتها وخاصة الاقتصادية، وثانية تحدد قرارها من أي تقارب أو تعاون بناء على المواقف من قضايا سياسية معينة، وثالثة لا تزال تحاول تلمس طريق التعافي من الأحداث التي شهدتها خلال السنوات الأخيرة، ورابعة أمام نذر الشلل والفراغ في قمة هرم السلطات في ظل انعدام تام للتوافق الداخلي واستمرار الانقسامات بين صناع القرار وغياب توافق القوى السياسية دون أفق لإنجاز التفاهمات المطلوبة.. وبالتالي كيف يمكن أن تكون قادرة على العمل الفاعل لمصلحة الأمة في حين أن عدداً منها يبدو في أشد الحاجة إلى المساعدة وغير قادر على ترتيب بيته الداخلي ذاته؟ ومع قرب أعمال القمة فإن معرفة حجم أي تحرك عربي وتقديم الإجابات المناسبة على التساؤلات يبقى رهناً بنتائج القمة العربية بالجزائر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: