لقاء المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني ومديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية الأميركية يجسد المستوى المتقدم للشراكة الثنائية بين البلدين في مجال الأمن.
يسعى المغرب لتعزيز تعاونه الأمني والاستخباراتي مع الولايات المتحدة، في ظل التطورات في المنطقة والتهديدات التي تمثلها بعض التنظيمات الإرهابية، وفي خضم التقدم في العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.
وذكرت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية المغربية أن المدير العام للأمن الوطني عبداللطيف حموشي، استقبل الاثنين في الرباط أفريل هاينز مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية بالولايات المتحدة.
وأفاد البيان بأن اللقاء “مثّل تتويجا لمخرجات اللقاء الثنائي رفيع المستوى، الذي سبق أن جمع حموشي بالمسؤولة الأولى عن تجمع أجهزة الاستخبارات الوطنية الأميركية أفريل هاينز، على هامش زيارة العمل التي أجراها للولايات المتحدة خلال يومي الثالث عشر والرابع عشر من يونيو 2022”.
وكشفت المديرية وفق نفس البيان أن “المباحثات تمحورت حول تقييم الوضع الأمني على المستوى الإقليمي والجهوي، ودراسة التهديدات والتحديات الناشئة عن هذا الوضع في بعض مناطق العالم، إضافة إلى استعراض المخاطر التي تطرحها الارتباطات القائمة بين التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة، بما فيها الجريمة المعلوماتية وغيرها من صور الإجرام العابر للحدود”.
المغرب يمثل ركيزة أساسية للجهود الدولية والغربية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ودعم الاستقرار العالمي
وقال البيان إن “اللقاء الجديد بين المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني ومديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية الأميركية، يجسد المستوى المتقدم للشراكة الثنائية بين البلدين في مجال الأمن والاستخبارات، اعتبارا للمنصب الرفيع الذي تشغله أفريل هاينز كمنسقة ومسؤولة عن العديد من الوكالات والأجهزة الاستخباراتية الأميركية، وبالنظر كذلك إلى انتظامية واستمرارية اللقاءات بين الجانبين والتقائية وجهات النظر بشأن القضايا الإستراتيجية ذات الاهتمام المشترك”.
وبحث الجانبان وفق البيان “آليات دعم وتطوير التعاون الثنائي المشترك بين أجهزة الأمن والاستخبارات في المغرب والولايات المتحدة، ليكون في مستوى التعاون الإستراتيجي القائم بين البلدين، وأيضا في مستوى وحجم التحديات التي يفرضها السعي المشترك لإرساء الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي”.
وكان المدير العام للأمن الوطني أدى زيارة في يونيو الماضي إلى واشنطن، حيث التقى عددا من المسؤولين الأميركيين، وتم التباحث بشأن “تبادل الخبرات والتجارب وتقاسم المعلومات ذات الصلة بمكافحة التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة”.
وتوافق المسؤول المغربي مع الجانب الأميركي حينها على أهمية تنسيق الجهود المشتركة وتطوير آليات الرصد والمكافحة، بما يضمن التصدي الحازم لمختلف المخاطر والتهديدات المتنامية على الصعيد الدولي.
العديد من الدول الأوروبية إضافة إلى الولايات المتحدة على قناعة بأهمية دور المغرب في تحقيق الاستقرار الأمني في منطقة شمال أفريقيا
ويرى مراقبون أن المغرب يمثل ركيزة أساسية للجهود الدولية والغربية لمكافحة الظاهرة الإرهابية والجريمة المنظمة، حيث نجحت الرباط في جهودها للقضاء على الجماعات المتطرفة وساهمت السلطات المغربية على المستوى الدولي في مكافحة الظاهرة الإرهابية، من خلال تعزيز التعاون والتنسيق مع العديد من الدول.
و أفاد نبيل أندلوسي، الباحث في العلاقات الدولية، بأن الاجتماعات على أعلى المستويات الأمنية والاستخباراتية بين الجانبين المغربي والأميركي هي مؤشر على حجم الثقة والحضور الأمني المغربي دوليا وقاريا وإقليميا، وتعكس درجة كبيرة من التنسيق والتعاون ما بين البلدين لتحقيق الأمن والاستقرار الدولي والإقليمي، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية.
وأضاف أن “المغرب بات رقما لا يمكن تجاوزه في معادلات حفظ الاستقرار والأمن، خاصة في منطقة الشمال الأفريقي والساحل والصحراء، وأن أجهزته الأمنية والاستخباراتية تمرست على عمليات تتبع ورصد ومكافحة المخاطر الإرهابية والجرائم العابرة للحدود، وباتت تحظى بسمعة على المستوى الدولي”.
وينسق البلدان بشكل مكثف، خاصة في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب لمواجهة ظاهرة التطرف، حيث أشرف المغرب في هذا المنتدى على ثلاث مبادرات، تتعلق بأمن الحدود ومكافحة الإرهاب المحلي وتحسين قدرات الكشف ومنع الإرهابيين من السفر من خلال المراقبة المتقدمة وتبادل المعلومات.
وعززت الرباط علاقاتها الإستراتيجية والتاريخية مع واشنطن، خاصة بعد قرار إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2020 الاعتراف بمغربية الصحراء، ليتم في الثاني والعشرين من ديسمبر 2020 توقيع “إعلان مشترك” بشأن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة، خلال أول زيارة لوفد رسمي إسرائيلي أميركي للرباط.
الرباط عززت علاقاتها الإستراتيجية والتاريخية مع واشنطن، خاصة بعد قرار إدارة ترامب في 2020 الاعتراف بمغربية الصحراء
كما عززت الرباط بعد تولي الرئيس الحالي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة العلاقات مع واشنطن، خاصة في الجانب الأمني والاستخباراتي، حيث تم التباحث في ملفات عديدة، من بينها تطورات الوضع في ليبيا، ومنطقة الساحل الأفريقي.
ويرى مراقبون أن متانة العلاقات المغربية – الأميركية أثارت انتقادات الجانب الجزائري، حيث طالبت الحكومة الجزائرية مرارا من الأميركيين العمل على تحقيق نوع من التوازن في ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية تجاه ملفات شمال أفريقيا، خاصة بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على إقليم الصحراء.
ولا تزال الدبلوماسية المغربية تحقق المزيد من النجاحات، حيث تعمل على تعزيز تعاونها مع عدد من الدول التي اتخذت مواقف مخالفة لوحدة التراب المغربي، لتتراجع عن قراراتها وتعترف بمشروع الحكم الذاتي، على غرار إسبانيا وألمانيا.
ويرى المراقبون أن العديد من الدول الأوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة، على قناعة بأهمية دور المغرب في تحقيق الاستقرار الأمني في منطقة شمال أفريقيا، وكذلك مواجهة ملف الهجرة غير النظامية، وخاصة الكشف عن الخلايا الإرهابية.
وتعتقد القوى العظمى والدوائر الغربية في قدرة المغرب على إدارة العديد من الأزمات وفقا للقوانين الدولية، بما يضمن الاستقرار الدولي.