يعتبر إرساء أسس تعاون عسكري متين في مجال الدفاع متعدد الأبعاد والتجديد العسكري من أساسيات أجندة الجنرال الفاروق بلخير المفتش العام للقوات المسلحة المغربية، قائد المنطقة الجنوبية، ضمن لقائه بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها الوفد العسكري المغربي رفيع المستوى إلى إسرائيل على هامش مشاركته في المؤتمر الدولي الأول حول الابتكار في المجال العسكري.
وتندرج مشاركة المفتش العام للقوات المسلحة الملكية في هذا المؤتمر الدولي المخصص للعديد من قادة الجيوش ووكالات التجديد في مجال الدفاع في إطار إرساء أسس تعاون عسكري متين في مجال الدفاع متعدد الأبعاد والتجديد العسكري.
وقال مختصون في الشأن العسكري إن المؤتمر هو لقاء تقني يناقش الإستراتيجيات الحديثة في الحروب التي أصبحت حروبا هجينة تعتمد على الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى والطائرات المسيرة، حيث يعمل المغرب على الاستفادة من القدرات الفنية في العمليات الإسرائيلية خاصة في الميدان السيبراني وأسلحة الجيلين الخامس والرابع والطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى لحماية أرضه من التهديدات المختلفة.
هشام معتضد: مشاركة المغرب في المؤتمر تصب في تعزيز التعاون المغربي – الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالأمن السيبراني والاستخبارات العسكرية
وتأتي هذه المشاركة بعد أشهر من استقبال الجنرال الفاروق بلخير لأفيف كوخافي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بمقر القيادة العليا للقوات المسلحة المغربية في الرباط لتعزيز فرص التعاون العسكري، سواء في ما يتعلق بتعزيز التدريبات أو في المجالات العملياتية والاستخباراتية.
وأشار هشام معتضد الأكاديمي والخبير المغربي في العلاقات الدولية المقيم بكندا إلى أن مشاركة المغرب في المؤتمر الدولي الأول حول الابتكار في المجال العسكري بإسرائيل على أعلى مستوى، تصب في تعزيز التعاون المغربي – الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالأمن السيبراني والاستخبارات العسكرية، وتعمل أيضا على تقوية المصالح المتبادلة بين البلدين في ما يخص التعاون الإستراتيجي مع تنامي التحديات الأمنية والتهديدات متعددة الجوانب لكلا البلدين.
وأكد مسؤولون إسرائيليون في إطار التعاون متعدد الأبعاد أن الجيش يدعم المنظمات التي لديها عقود مع القوات المسلحة المغربية، مؤكدين أنه عندما يشتري المغرب ويستخدم التكنولوجيا الإسرائيلية، فإنه لا يتلقى التكنولوجيا والخبرة والمفاهيم الخاصة بها.
وتم عقد هذا الحدث الذي ترعاه إسرائيل وشارك فيه المغرب والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا من بين دول أخرى، بعد أشهر قليلة من إعلان اسرائيل والمغرب عن عزمهما المتبادل على تعزيز التعاون العسكري، حيث وقع البلدان مذكرة تفاهم في نوفمبر الماضي أرست إطارًا متينًا للتعاون الأمني، وإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدفاعية بينهما، وتضمنت تنظيم التعاون الاستخباراتي والمشتريات الأمنية والتدريبات المشتركة.
وفي هذا الإطار أكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية أن الزيارة تأتي في إطار سعي المغرب لمواجهة مخاطر الإرهاب والتحديات الأمنية بالمنطقة عبر دخول ميدان تصنيع الأسلحة وتصديرها وتكوين خبرات مغربية لمواجهة كل ما من شأنه تهديد الأمن القومي، إلى جانب تنويع الترسانة المغربية ومراكمة الخبرات في ظل تباينات إقليمية وأخطار حقيقية في بيئة إقليمية تكن العداء لمصالح ووحدة المغرب.
وكان المفتش العام للقوات المسلحة المغربية الفاروق بلخير قد بدأ الثلاثاء زيارة غير مسبوقة إلى إسرائيل للمشاركة في مؤتمر عسكري دولي، إذ جرت مراسم استقبال رسمية للجنرال بلخير في مقر قيادة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي في مدينة تل أبيب برئاسة أفيف كوخافي.
وحسب بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة المغربية، فقد بحث بلخير وكوخافي سبل تعزيز التعاون بين الجيشين وتوسيعه ليشمل مجالات التكنولوجيا والابتكار.
وعلى هامش هذا الحدث التقى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الخميس الفاروق بلخير في تل أبيب، حيث قال غانتس “إنه منذ لقائنا الأول قبل نحو عام خلال زيارتي التاريخية إلى المغرب وتوقيع مذكرة تفاهم أمنية، تم إحراز تقدم كبير في العلاقات الأمنية بين البلدين”، وتابع في تغريدة على تويتر “نحن عازمون على الاستمرار في تعميقها (العلاقات) وتطويرها”.
وأكد غانتس أن التوقيع على اتفاقية التعاون العسكري هو حدث مهم للغاية سيفتح الطريق أمام مبيعات عسكرية محتملة وتعاون ثنائي، والدخول في مشاريع مشتركة، مضيفا أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل بحاجة إلى أن تستمر في التقارب الثنائي، وأن تستمر في التطور والتوسع.
ويتعاون البلدان بالفعل في المجال العسكري، حيث اشترى الجيش المغربي في العام الماضي نظام الدرع الصاروخية الإسرائيلية سكيلوك كجزء من رؤية المغرب لتحديث قدراته العسكرية، وخمسة أنظمة دفاعية مضادة للطائرات بدون طيار من نفس الشركة الإسرائيلية.
ويرى متابعون أن التعاون الأمني والعسكري بين البلدين يحركه التوافق حول رؤية مشتركة لخطورة الارتباطات بين الجماعات المتطرفة وتجّار الأسلحة والبشر مع الاختراق الشيعي الإيراني للمنطقة وما يمثله من تهديدات واقعية، وهو المتغير الذي دفع المغرب إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران.
وفي يوليو الماضي أعلنت المديرية الوطنية الإسرائيلية للفضاء الإلكتروني أن رئيسها التنفيذي ييغال أونا وقع اتفاقية تعاون مع السلطات المغربية من شأنها مساعدة الشركات الإسرائيلية على بيع المعرفة والتكنولوجيا، وكان ذلك أول اتفاق للدفاع الإلكتروني بين البلدين منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل.
وتشرف وزارة الدفاع الإسرائيلية على جميع صادرات الأسلحة كما أنها تدير المفاوضات بدلاً من شركات الدفاع نفسها، حيث تقدم إسرائيل أحدث المنتجات التي تتراوح بين الطائرات الهجومية بدون طيار إلى نظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية، وسيكون هذا النظام الجديد الذي سيقتنيه المغرب بمثابة جدار أمني في الجو لمنع أي محاولة اختراق للهجوم أو الاستطلاع الاستخباراتي.