اختراق دبلوماسي مغربي جديد: كينيا تسحب اعترافها ببوليساريو

ماموني

نجحت الدبلوماسية المغربية بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس في تحقيق اختراق جديد في ما يتعلق بحشد الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولرؤية الرباط لحل النزاع بعد أن سحبت كينيا اعترافها ببوليساريو وما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”.

وقررت كينيا، إثر الرسالة التي وجهها العاهل المغربي إلى الرئيس الكيني الجديد وليام ساموي روتو، العدول عن اعترافها بما يسمى “الجمهورية الصحراوية” والشروع في خطوات إغلاق تمثيليتها في نيروبي.

وأفاد بيان مشترك، أورد الموقع الإلكتروني لقصر رئاسة جمهورية كينيا فقرات منه، بأن “جمهورية كينيا قررت العدول عن اعترافها بالجمهورية الصحراوية المزعومة والشروع في خطوات إغلاق تمثيليتها في البلاد”.

هشام معتضد: كينيا كانت قلعة حصينة للمدافعين عن الأطروحة الوهمية لبوليساريو

وأوضح البيان المشترك أنه “احتراما لمبدأ الوحدة الترابية وعدم التدخل، تقدم كينيا دعمها التام لمخطط الحكم الذاتي الجاد وذي المصداقية الذي اقترحته المملكة المغربية، باعتباره حلا وحيدا يقوم على الوحدة الترابية للمغرب” من أجل تسوية هذا النزاع. وأضاف المصدر ذاته أن “كينيا تدعم إطار الأمم المتحدة كآلية حصرية من أجل التوصل إلى حل سياسي دائم ومستدام للنزاع حول قضية الصحراء”.

واعتبر هشام معتضد، الأكاديمي والخبير المغربي في العلاقات الدولية المقيم في كندا، أن “قرار كينيا العدول عن اعترافها بـ’الجمهورية الصحراوية’ المزعومة، والشروع في خطوات إغلاق تمثيليتها في البلاد، اختراق كبير ومهمّ للدبلوماسية المغربية في أفريقيا الشرقية، خاصة وأن كينيا كانت تعتبر قلعة حصينة للتيار المدافع عن الأطروحة الوهمية لبوليساريو”.

وأوضح معتضد أن “هذا التوجه الجديد في السياسة الخارجية الكينية سيكسبها المزيد من الاحترام الدبلوماسي على المستوى القاري والدولي، خاصة وأن سحب اعترافها ربطته باحترامها لمبدأ الوحدة الترابية وعدم التدخل، وهو ما يترجم نضج الرؤية السياسة للمؤسسات الكينية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية”.

وبهذا الموقف المتقدم من طرف كينيا يكون المغرب قد حقق مكسبا جديدا مهما في أفريقيا، حيث ستنضاف كينيا إلى عدد من البلدان الأفريقية التي سحبت اعترافها بهذه الجبهة الانفصالية، وهو ما ينذر باقتراب فقدان جميع الداعمين لأطروحتها الانفصالية داخل القارة.

وأكد معتضد أن التحول الإستراتيجي لكينيا تجاه ملف الصحراء يؤكد مرة أخرى نجاح المقاربة المغربية في بناء قنوات التواصل السياسي مع كافة الفاعلين الدوليين وقدرتها على تفكيك الرؤى المليئة بالمغالطات لتصحيح المفاهيم المجانبة للحقائق التاريخية والسياسية لملف الصحراء المغربية.

وأضاف الباحث المغربي أن “تقديم كينيا دعمها التام لمخطط الحكم الذاتي واعتبارها هذا المقترح جادّا وذا مصداقية، يبرهنان مرة أخرى على عدالة القضية وقوة تماسك مكونات الملف المغربي بعيدًا عن الحسابات الضيقة ومنطق الأيديولوجيات الذي يهيمن على حاملي مشروع الأطروحة الوهمي”.

وكان العاهل المغربي أكد خلال خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لجلوسه على العرش أن المغرب يعتبر قضية الصحراء “النظارة التي ينظر بها إلى العالم”.

وفي رسالته التي سلمها وفد يقوده وزير الخارجية ناصر بوريطة، هنأ الملك محمد السادس وليام ساموي روتو على انتخابه كخامس رئيس لجمهورية كينيا، وأشاد بالاستكمال الناجح للانتخابات الديمقراطية في البلاد في أغسطس 2022، مؤكدا أن هذه الاستحقاقات ترسخ مكانة كينيا كدولة رائدة في مجال الديمقراطية على صعيد القارة.

كما نوه العاهل المغربي بتعهد الرئيس الكيني بتعزيز وتعميق العلاقات الثنائية القائمة بين بلاده ومختلف دول أفريقيا وغيرها.

وبدوره أعرب وليام ساموي روتو عن إرادته والتزامه بالعمل مع الملك محمد السادس من أجل توطيد العلاقات بين البلدين، مشيدا بريادة العاهل المغربي من أجل النهوض بسياسات التسامح والتوافق على صعيد المنطقة المغاربية، وكذلك مساهمته في تحقيق السلام والأمن العالميين.

وأشار البيان إلى أن البلدين التزما بالارتقاء بعلاقاتهما الدبلوماسية الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية في الأشهر الستة المقبلة، مضيفا أن جمهورية كينيا تعهدت بفتح سفارتها في الرباط.

كما تم الاتفاق على التسريع الفوري للعلاقات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية بين البلدين، ولاسيما في مجالات الصيد البحري والزراعة والأمن الغذائي (استيراد الأسمدة).

ويتعلق الأمر أيضا بمجالات الصحة والسياحة والطاقات المتجددة والتعاون في المجال الأمني، فضلا عن التبادل الثقافي والديني والمعاملات بين الأفراد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: