تسعى جبهة بوليساريو الانفصالية للعب على وتر توتير العلاقات بين فرنسا والمغرب التي تعرف منذ فترة حالة من البرود في محاولة لمواجهة النجاحات الدبلوماسية التي حققتها الرباط في ملف الصحراء.
واستقبل البرلمان الفرنسي مؤخرا ممثل الجبهة الانفصالية بفرنسا محمد سيداتي، الذي كان مرفوقا بالناشطة سلطانة خيا التي تدعي الدفاع عما تصفه بحقوق “الشعب الصحراوي”.
وتقدم النائب الفرنسي عن التجمع من أجل الجمهورية جون بول لوكوك استقبال وفد بوليساريو في مبنى البرلمان حيث من المتوقع أن تتواصل الزيارة من قبل ممثلي الانفصاليين أسبوعا يتم خلاله لقاء عدد من السياسيين الفرنسيين ونشطاء من المجتمع المدني.
ويرى مراقبون أن استقبال وفد بوليساريو من قبل مسؤولين ونواب فرنسيين سيؤدي إلى مزيد تعميق حالة البرود في العلاقات الفرنسية – المغربية والتي بدأت بأزمة التأشيرات ثم الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في أغسطس الماضي وما يشار إلى تصاعد التنسيق الأمني بين البلدين وتعزيز العلاقات الاقتصادية وفي مجال الطاقة.
ومن المنتظر أن يزيد انفتاح الجانب الفرنسي وبالتحديد البرلمان على الجبهة الانفصالية إلى توتير العلاقات فيما يسعى ممثلو الجبهة للتأثير في صانع القرار في باريس بذرائع حقوقية واهية.
ويظهر جليا أن فرنسا تتخذ مسارات مخالفة من المسارات التي تتخذها دول أوروبية مثل إسبانيا وألمانيا اللتين اعترفتا بمشروع الحكم الذاتي للصحراء المغربية بعد فترة من الخلافات.
ولا يعرف إن كان المغرب سيتخذ قرارات تصعيدية ضد فرنسا على غرار قراراته السابقة ضد برلين ومدريد في فترة الأزمة مع العاصمتين الأوروبيتين خاصة وأن ملك المغرب محمد السادس أكد في تصريح سابق أن ملف الصحراء “هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”.
وأضاف بمناسبة مرور 69 عاما على ‘ثورة الملك والشعب’ الشهر الماضي أن “الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء هو ما يحدد علاقات المغرب مع باقي دول العالم”.
ويأتي الموقف الفرنسي السلبي رغم العلاقات التاريخية والتقليدية التي تجمع الرباط بباريس وهو ما يثير الاستغراب حول الأهداف الحقيقية من خطوة استقبال ممثلين عن الجبهة الانفصالية التي تتهمها السلطات المغربية بالتورط في الجريمة المنظمة والإرهاب وتجارة السلاح في مؤسسة سيادية مثل البرلمان الفرنسي.
ويقول هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية في تصريح لموقع “هسبرس” إن “استقبال ممثلي الانفصاليين في البرلمان يترجم عدم رغبة واستعداد فرنسا السياسي لتجاوز الأزمة الدبلوماسية الصامتة مع المغرب”.
استقبال وفد بوليساريو في البرلمان سيعمق حالة البرود في العلاقات الفرنسية – المغربية والتي بدأت بأزمة التأشيرات
وتابع “قصر الإليزيه لم يتوان في الفترة الأخيرة في إعطاء إشارات غير مفهومة دبلوماسيا في تدبير سياسته الخارجية مع منطقة المغرب، بدخوله في بناء قنوات دبلوماسية مع بعض المكونات الإقليمية المغاربية على حساب توازنات تقليدية وعلاقات سياسية لفرنسا في المنطقة”.
ويرى مراقبون أن الجبهة الانفصالية وداعمتها الجزائر تسعيان لمزيد إحراج الرباط دوليا وإقليميا بعد النجاحات الدبلوماسية الأخيرة للمغرب والتي أسفرت عن اعتراف المزيد من الدول بمغربية الصحراء.
وتورطت بوليساريو والجزائر في توتير العلاقات بين المغرب وتونس وذلك عقب استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم الانفصاليين إبراهيم غالي خلال قمة ” تيكاد 8″ حيث أشار مراقبون إلى أن السلطات الجزائرية ربما ضغطت على سعيد لاستقبال غالي في محاولة فاشلة للنفخ في صورة بوليساريو.
ويقول معتضد إن “أصحاب القرار السياسي الفرنسي لم يستوعبوا بعد أن التدبير الإستراتيجي لملف الصحراء لم يعد حبيس مواقف دبلوماسية رمادية أو متجرا مفتوحا للابتزاز السياسي، لأن المنتظم الدولي أصبح يعتبر الملف قضية محورية مرتبطة مباشرة بالأمن الإقليمي”.
وأشارت مصادر أوروبية إلى أن عددا من مسؤولي بوليساريو متابعون حاليا أمام محاكم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لارتكابهم أعمالا إجرامية خطيرة وعمليات تعذيب في حق المعارضين إضافة إلى دورهم في ربط علاقات مع جماعات جهادية لها ارتباطات بالمجموعات المسلحة في منطقة الساحل والتجارة في السلاح ما يهدد أمن المنطقة وأمن أوروبا بما فيها فرنسا.