قررت السلطات المغربية استقبال وزير العدل الجزائري عبدالرشيد طبي موفدا للجزائر لتسلم دعوة المشاركة في القمة العربية المقبلة في سياق دعوات توجهها الدولة الجزائرية للدول العربية، وفق ما تنص عليه الأعراف الدبلوماسية وبروتوكول الجامعة.
وتأتي زيارة طبي إلى الرباط رغم الإعلان أحادي الجانب من الجزائر عن قطعها العلاقات مع المغرب في أغسطس الماضي وعدائها لوحدته الترابية على خلفية النزاع في الصحراء المغربية.
ورغم أن الجزائر تتحدث عن رغبتها في عقد قمة عربية لجمع شمل العرب، إلا أنها تحرص على عدم تفويت أيّ مناسبة لمهاجمة المغرب، واتهامه بالسعي لإفشال القمة، التي ينتظر أن تعقد بالجزائر العاصمة يومي 1 و2 نوفمبر المقبل.
وخرج عمار بلاني، الذي يشغل منصب المبعوث الخاص المكلف بدول المغرب العربي وملف الصحراء، بتصريحات يتهم فيها الرباط بمحاولة إفشال القمة العربية بعد أن تقرر تنظيمها بشكل نهائي وذلك عقب إعلان الرئاسة الجزائرية إيفاد مبعوث شخصي للرئيس عبدالمجيد تبون إلى المغرب، من أجل توجيه الدعوة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بشكل رسمي لحضور القمة.
ناصر بوريطة: السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية بعيدا عن أيّ حسابات ضيقة
ووصف بلاني تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بشأن عقد القمة بأنها “مزايدات سخيفة” وأنها “رسكلة للخطاب المعتاد الذي يخفي حالة الإحباط والخيبة التي أصيب بها المغرب بعد فشله في محاولات تأجيل موعد انعقاد القمة العربية”، على حد تعبيره، مبديا أسفه تجاه ما صدر على لسان بوريطة متهما الرباط بممارسة ما وصفها “الأساليب القذرة والحسابات الضيقة”.
وجاءت هذه التصريحات العدائية من المسؤول الجزائري، بعدما أكد ناصر بوريطة، الثلاثاء من القاهرة، أن “السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية بعيدا عن أيّ حسابات ضيقة أو منطق متجاوز وتوطيد الثقة اللازمة، والتقيد بالأدوار الخاصة بكل طرف”.
وقال بوريطة خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية بالعاصمة المصرية إن المغرب بقيادة الملك محمد السادس، حرص على الانخراط في صلب العمل العربي المشترك، سواء من داخل الأجهزة الرئيسية لجامعة الدول العربية، أو من خلال الهيئات المتفرعة عنها، والذي تجسد في احتضان الرباط لسبع قمم عربية، ساهمت في جمع الكلمة العربية وإعطاء زخم جديد للعمل العربي المشترك.
ويقول مصدر دبلوماسي إن زيارة وزير العدل الجزائري للمغرب لا تدخل في أي إطار علاقات دبلوماسية بين الدولتين كونها مقطوعة من طرف الجزائريين، بل يتعلق الأمر بسياق بروتوكولي لا أقل ولا أكثر ضمن دعوات توجهها الجزائر إلى الدول العربية. مضيفا في تصريح لـ”العرب” أن مناورات النظام الجزائري لن تفتر في الفترة المقبلة على أمل دفع المغرب لعدم المشاركة في القمة لما سيشكله من إحراج لهم.
ويرى هشام عميري، أستاذ العلوم السياسية، أنه بالرغم من المناورات التي قامت بها الجزائر تجاه المغرب، وقطعها للعلاقات الدبلوماسية معه، إلى جانب التصريحات العدائية لعمار بلاني وغيره، فإن المغرب لن يرفض دعوة الجزائر لحضور القمة العربية، وذلك راجع إلى كون المغرب دائماً يمد يده إلى الجزائر قصد العمل سويا لتجاوز مجموعة من الخلافات والنهوض بما يخدم المنطقة وهو ما عبر عنه الملك محمد السادس في مجموعة
من خطاباته.
واستدرك هشام عميري، بالقول إن الحضور المغربي لا يتناسب مع سلوك ومخططات الجزائر التي مارستها ولا تزال تمارسها تجاه الرباط، ولا يناسبها كذلك مشاركة المغرب في القمة العربية، لأنها ستكون في موقف محرج نظرا للبرتوكولات التي تطبع هذا النوع من القمم، ما سيؤدي إلى إفشال الخطة الجزائرية فيما يخص عزل المغرب عن المنطقة العربية.
وأفاد بيان لوزارة الخارجية المغربية أنه “سيتم إيفاد وزير العدل الجزائري إلى المغرب، بعد السعودية والأردن، في حين سيسلم وزير الداخلية الدعوة نفسها إلى القمة لتونس وموريتانيا، في إطار التحضير للقمة العربية المقبلة، المقرر عقدها بالجزائر العاصمة.
ودعا ناصر بوريطة لقراءة موضوعية لواقع العالم العربي، المشحون بشتى الخلافات والنزاعات البينية، والمخططات الخارجية والداخلية الهادفة إلى التقسيم ودعم نزعات الانفصال وإشعال الصراعات الحدودية والعرقية والطائفية والقبلية، واستنزاف المنطقة وتبديد ثرواتها، لافتا إلى أن الإشكال الرئيسي يكمن في غياب رؤية مشتركة واضحة لمواجهة تلك التحديات، بما يحافظ على أمن الدول واستقرارها ووحدتها الترابية والوطنية.
ولفت هشام عميري إلى أن الدبلوماسية المغربية تعمل في جميع الاتجاهات وتتوفر على مكانة داخل القمم العربية، كما أنها تحظى بدعم عربي كبير خاصة من طرف دول مجلس التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي عبّرت عنه مجموعة من المواقف العربية تجاه الوحدة الترابية للمغرب.
وكانت الجزائر تعتزم فرض أجندتها الخاصة على الدول الأخرى في جامعة الدول العربية، بعدما سبق لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن صرح بأن “القمة العربية المقبلة ستكون قمة التضامن بين الدول العربية، ودعم القضية الفلسطينية والشعب الصحراوي”، رغم أنه لم يسبق لجامعة الدول العربية أن ناقشت نزاع الصحراء.