الجزائر والمغرب: معارك «لمّ الشمل العربي»!

حنان الفاتحي

بتعث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وزير عدله، عبد الرشيد طيبي، إلى العاصمة المغربية الرباط لتوجيه دعوة رسميّة للملك محمد السادس لحضور القمة العربية المزمع عقدها في بلاده.
تم تفسير تلك الدعوة باعتبارها تفنيدا لإشاعات حول عدم اعتزام الجزائر دعوة المغرب، على خلفية النزاع المتأجج بين البلدين، لكنها تحتمل تأويلا آخر مفاده أن الجزائر تشعر بضغوط تجاذبات السياسة العربية.
أعلنت هذه التجاذبات عن نفسها بأكثر من شكل، ومنها الحديث في عدة منابر عربية ودولية عن تصريحات صادرة من العاصمة المصرية القاهرة، على ألسنة دبلوماسيين «يتحفظون على أسمائهم»، عن إمكانية تأجيل القمة المقررة بداية شهر تشرين الثاني المقبل، بسبب الخلاف على الأجندة التي تقترحها الجزائر، ورغبة بعض الدول في عدم اللقاء فيها بسبب مواقفها من تلك الدول.
الخلافات التي ثارت تتعلق بعلاقاتها المقطوعة مع المغرب منذ أكثر من سنة، وعلاقاتها الجيدة مع دول مثل إيران، مما يزعج بعض الدول الخليجية، ومثل إثيوبيا، وهو ما تعتبره مصر إضرارا بمصالحها في ما يخص نزاعها مع إديس أبابا حول سد «النهضة»، وحصتها من ماء النيل.
إحدى العلامات البارزة على تلك الاستقطابات الحادة كانت الأزمة الجديدة التي أشعلها استقبال الرئيس التونسي قيس سعيّد للأمين العام لجبهة بوليساريو، إبراهيم غالي. أجج هذا اللقاء خلافا مستجدا، بين المغرب وتونس، واعتبرت الرباط الاجتماع موجها ضدها، ومرتبا من قبل الجزائر، وهو ما زاد عناصر التوتّر مغاربيا وعربيا، ورغم أن الجامعة العربية أعلنت، أمس الأول، «تسوية الخلاف» المذكور، فإن من الصعب الاعتقاد أن ذيوله لم تترك آثارها على البلدين، والنخب السياسية فيهما.
ظهر أحد أشكال التجاذبات أيضا في قضية ترؤس ليبيا لاجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في القاهرة، والموقف الدراميّ الذي حصل مع خروج وزير الخارجية المصريّة سامح شكري عند ظهور نجلاء المنقوش، نظيرته الليبية، بدعوى أن حكومة «الوحدة الوطنية» التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، «انتهت ولايتها»، على حد تعبير الناطق باسم الخارجية المصرية، في انتصار لحكومة فتحي باشاغا، المؤيدة من الجنرال خليفة حفتر، وقد أشارت مصادر مغربية إلى أن قرار ترؤس المنقوش للجلسة جاء باقتراح من الرباط.
تظهر المعارك الآنفة، الظاهرة منها والباطنة، وجود آليتين عربيتين متعارضتين تعملان بالتناظر والتوازي، تقوم الأولى على رفع شعارات «لمّ الشمل العربي»، فيما تقوم الثانية على تعزيز الجيوش وشراء الأسلحة والاستقواء بالقوى الكبرى وتوسيع الصدوع بين النخب والشعوب!

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: