دي مستورا يطرح الحكم الداتي كخيار وحيد على البوليساريو او البقاء في الخيام الى يوم القيامة
البازي
يتساءل العديد من المراقبين عما يمكن أن تقدمه زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية ستيفان دي ميستورا إلى تندوف الجزائرية لحل النزاع حول الصحراء المغربية في ظل وضع “مغاربي” متشنج ودخول فاعلين دوليين للمنطقة على غرار روسيا.
والتقى دي مستورا زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي الأحد في تندوف بالجزائر في إطار جولة بالمنطقة.
والتقى المبعوث الأممي السبت، رئيس وفد مفاوضي البوليساريو خطري آدوه بالإضافة إلى ممثل “البوليساريو” لدى الأمم المتحدة عمر سيدي محمد.
وأعرب سيدي محمد عقب اللقاء عن استعداد جبهة البوليساريو للتعاون مع الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي في جهودهما الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي.
وعينت الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا مبعوثا خاصا في الصحراء المغربية في أكتوبر 2021 من بين 12 اسما كانوا مرشحين للمهمة.
وأبدى المغرب عدم ارتياحه لدي مستورا في البداية بينما رحبت به جبهة البوليساريو، غير أن جهات دبلوماسية تقول إن المغرب قبل لاحقا بدي مستورا على مضض بعد وساطة أميركية.
ويمثل هذا اللقاء جولة ثالثة أو استكمالا لجولة ثانية في مهمة دي مستورا الذي قاد طيلة أربع سنوات جولات من أجل سلام لم يتحقق، عندما كان مبعوثا أمميا في سوريا خلفا للأخضر الإبراهيمي قادما من العراق وأفغانستان.
ويزداد ملف الصحراء المغربية تعقيدا بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية والكشف عن لعبة المحاور التي انخرطت فيها كل من الجزائر والمغرب.
وبات واضحا اصطفاف الجزائر مع روسيا ضد الغرب غير أن موسكو لم تُبد حتى الآن أي موقف داعم للمقاربة الجزائرية بخصوص الصحراء المغربية رغم أن الولايات المتحدة أيدت الرباط في مقترح الحكم الذاتي.
وقام دي مستورا في يناير الماضي بجولة إقليمية هي الأولى في مهمته الجديدة، شملت المغرب والجزائر وموريتانيا.
وفي نفس الفترة التي تم فيها تكليف دي مستورا بمهمته “المغاربية”، دعا مجلس الأمن في قراره 2602، الجزائر والمغرب وموريتانيا والبوليساريو إلى استئناف المباحثات “دون شروط مسبقة وبحسن نية”، بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف”.
لكن متابعين يرون أن مهمة دي مستورا تشعبت في ظل موقف الجزائر “المتعنت” بعد انسحابها من “الموائد المستديرة” التي كانت تعول عليها الأمم المتحدة لإدارة النزاع.
واستقبل الطرف المغربي دي مستورا بكثير من الارتياح بين كانت الجبهة متوترة، وهاجمت مجلس الأمن ومواقفه من النزاع، على لسان ممثلها في نيويورك سيدي محمد عمار، الذي اتهم المجلس بـ “التقاعس”، محملا إياه مسؤولية تعثر المسار الأممي للتسوية بالخضوع لما وصفه بـ”تأثير بعض أعضائه الفاعلين”.
وكان المغرب مرتاحا في تلك الفترة بسبب نجاح جيشه في تأمين معبر الكركرات الحدودي، وطرد عناصر محسوبة على الجبهة التي تمكنت من إغلاقه طيلة أسابيع وتعطيل حركة المسافرين والبضائع بين المغرب وموريتانيا.
ثم عاد دي مستورا في إطار جولة ثانية في يوليو الماضي حيث التقى مسؤولين مغاربة في الرباط دون أن يمر بالمحطات التقليدية التي مر بها المبعوثون السابقون وهي الجزائر وموريتانيا وتندوف حيث يوجد مخيم للاجئين الصحراويين.
وألغى دي مستورا في آخر لحظة زيارته إلى مدينة العيون بالصحراء المغربية كان قد أعلن عنها قبيل الشروع في زيارته.
ولم تتسرب عن لقاء دي مستورا وغالي الأحد أي معلومات كما لم تعقبها تصريحات من الطرفين تكشف ما دار في اللقاء الذي وُصف بالمغلق.
وشهد ملف الصحراء المغربية تطورات لافتة في الفترة الأخيرة تبرز خاصة في الموقف الإسباني الداعم لمقترح المغرب بإقامة منطقة حكم ذاتي بالصحراء المغربية يتم بموجبه نقل جزء من اختصاصات المملكة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى سلطات الحكم الذاتي، ليدبر سكان الصحراء “شؤونهم بأنفسهم بشكل ديمقراطي”، بينما تحتفظ الرباط باختصاصاتها المركزية “في ميادين السيادة، لا سيما الدفاع والعلاقات الخارجية”، فضلا عن ممارسة الملك لاختصاصاته الدينية والدستورية.
وقوبل المقترح المغربي برفض الجزائر وجبهة البوليساريو التي تقترح تنظيم استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة.
وتسيطر الرباط على حوالي 80 بالمئة من المساحة الجملية للصحراء بينما توفر الجزائر التي قطعت علاقاتها بالمغرب في أغسطس 2021، ملاذا لأعضاء جبهة البوليساريو.
ويعتبر محللون أن موقف حكومة بيدرو سانشيز تاريخي ومهم للغاية باعتباره صادرا عن القوة التي كانت تستعمر الصحراء، وهي الطرف الأساسي إلى جانب موريتانيا في اتفاقية مدريد التي أنهت الواقع الاستعماري للصحراء.
وتأتي زيارة دي مستورا الراهنة في سياق آخر مهم يتمثل في نشوب أزمة دبلوماسية بين المغرب وتونس بعد أن استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد، إبراهيم غالي نهاية أغسطس بمناسبة قمة تيكاد 8 بتونس.
وتبادل الطرفان إصدار البيانات واستدعاء السفراء للتشاور لتنطلق حملات إعلامية وشعبية في كلا البلدين اللذين يشهدان لأول مرة أزمة مماثلة.
ودأبت تونس على انتهاج سياسة الحياد إزاء الصحراء المغربية ولم تعلن دعمها لأي طرف متمسكة بمبادئ الأمم المتحدة وبحلم المغرب العربي الذي تعثر طويلا بسبب الموقف الجزائري الذي يعتبره المغرب تدخلا في شؤونه الداخلية.