الملفات الاجتماعية الحارقة أكبر التحديات أمام الحكومة المغربية

ماموني

تطالب المعارضة المغربية الحكومة بالتخلي عن لغة الطمأنة ومواجهة رهانات وتعقيدات الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية، بينما تؤكد الحكومة أن همها الأبرز هو تحقيق الرفاه الاجتماعي استجابة لمطالب الشعب والعاهل المغربي الملك محمد السادس.

تجد الحكومة المغربية نفسها بعد سنتين من انطلاق عملها ومع قرب الدخول السياسي الجديد أمام انتظارات اجتماعية معلقة، على اعتبار أن شعارها خلال الفترات السابقة هو تحقيق دولة رفاه اجتماعي.

وتواجه الحكومة مطالب المعارضة بالتخلي عن لغة الطمأنة وتقديم عرض سياسي جديد يجيب عن الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة التي لا يجب التعامل معها وكأنها منعطفات عابرة.

واعتبر المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الدخول السياسي والاجتماعي الحالي يجب أن يكون مناسبة للتخلي عن لغة الطمأنة المخادعة للذات أولا، واستبدالها بخطاب الوضوح والمكاشفة، وسلوك سبيل الإنصات والحوار من أجل عبور هذه المرحلة الدقيقة، التي لم تعد تسمح بتغليب الأنانيات والمصالح الذاتية وكل أشكال الاحتكار والتغول.

ودعا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض في بلاغ إلى “ضرورة تقديم عرض سياسي جديد يجيب على الاختناقات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة التي لا يجب التعامل معها وكأنها منعطفات عابرة، بل ثمة مؤشرات كثيرة في الوضع العالمي تشير إلى استدامة لحظة الأزمة لتتحول إلى معطى بنيوي”.


مصطفى بايتاس: الحكومة في ظل السياق الصعب، اقتصاديا واجتماعيا، همها الوحيد هو كيف يمكن تنفيذ برنامجها الحكومي

وفي هذا الصدد أكدت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن الدخول السياسي لهذه السنة يحمل رهانات اجتماعية واقتصادية هامة جدا وهو ما يستدعي معه انخراط كل الفعاليات السياسية، موضحة أن أهم هذه التحديات ما يعرفه الشارع المغربي من ارتفاع مهول في الأسعار وخاصة المحروقات والتي عانى المواطن من وطأتها مقابل التغافل الذي تواجه به الحكومة كل هذه الأزمات.

وعبرت لموير عن توقعها بأن يشهد الدخول السياسي التباسا خاصة على ضوء التناقضات التي تعيشها أحزاب الأغلبية نفسها، لهذا فالحكومة مطالبة بإحراز تقدم في كل الأوراش التي اعتمدتها خاصة منها الاجتماعية وذلك تماشيا مع الشعار الذي رفعته أحزاب الأغلبية لبلوغ دولة اجتماعية.

وأكد محمد غيات رئيس مجموعة التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب أن الأغلبية الحكومية مقتنعة بأن أولويات المرحلة مختزلة في استكمال بناء الدولة الاجتماعية، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحكم على مدى تنفيذها ولم تمض على الولاية التشريعية سوى سنة من أصل خمس سنوات، ودورتين من أصل عشر سنوات.

وقال إن السنة الأولى تميزت بإطلاق أوراش اجتماعية كبرى مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وأمن الطاقة.

وقال مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة ردا على أنباء راجت حول تعديل حكومي مرتقب دون أن يتحقق ذلك “إن التعديل الحكومي هو تعديل إجراء سياسي ودستوري”، موضحا أنه على “المستوى السياسي فإن ذلك مرتبط بوجود نقاش حول الموضوع لدى الأغلبية، وعلى المستوى الدستوري، فذلك مرتبط بالإجراءات والتفعيل، وحين يتوفر الشرطان يمكن آنذاك الحديث عن التعديل”.

وشدد بايتاس على أن الحكومة منسجمة وتشتغل بنفس مشترك، مشيرا خلال ندوة صحافية عقب اجتماع المجلس الحكومي الخميس الماضي إلى أن “الحكومة في ظل السياق الصعب، اقتصاديا واجتماعيا، همها الوحيد هو كيف يمكن تنفيذ برنامجها الحكومي وتكون عن حسن ظن الملك محمد السادس والمغاربة”.

وأبرزت لموير أن الحكومة المغربية تعيش على ضغط ترقب تعديل حكومي محتمل، لذلك فعوض الانكباب على جملة الملفات التي تعتبر أولويات للمجتمع المغربي للخروج به من الأزمة الحالية التي ستنعكس على باقي القطاعات، فهي تصدر للمواطنين خطابات طمأنة، لكن في الواقع لا بد أن تتوافق الطمأنة مع كل الشعارات التي تبنتها الحكومة منذ تنصيبها السنة الماضية.

ويرى إدريس السنتيسي رئيس مجموعة حزب الحركة الشعبية المعارض بمجلس النواب أن الدخول السياسي سيكون ساخنا وصعبا، نظرا إلى أزمتي الغلاء والجفاف والتخوف من سنة زراعية صعبة، إلى جانب ما سماه “تقاعس الحكومة وقلة تجربتها”، مستدركا أن على الحكومة الابتكار والخلق لمواجهة الأزمات.

الحكومة المغربية تعيش على ضغط ترقب تغيير حكومي محتمل وهو ما يعيق عملها وسط انتقادات من قبل المعارضة

وأضاف السنتيسي أن حزب الحركة الشعبية “يعمل على الدخول بمبادرات تشريعية مع متابعة مشاريع القوانين التي قدمناها، ومناقشة عدد كبير من المذكرات التي لم تجد بعد أي أجوبة من الحكومة”.

ويسود اعتقاد أن يواجه عبداللطيف ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار دخولا جامعيا ساخنا نظرا إلى الملفات المطروحة على طاولة وزارته، ومنها ملف الأساتذة الباحثين، خاصة أن النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي قد أعلنت المقاطعة الشاملة للدخول الجامعي المقبل، وذلك في حالة عدم إقرار الحكومة “نظاما أساسيا منصفا ومحفزا يستوعب ويضمن الحفاظ على مكتسبات جميع فئات الأساتذة الباحثين، ويحقق زيادة وازنة في أجورهم”.

وطالب الفريق الحركي بمجلس النواب بضرورة تجاوز مختلف الاختلالات التي تعيق هذا القطاع، علاوة على التلكؤ في التفاعل مع المطالب المشروعة للأساتذة الجامعيين، وخاصة إخراج نظام أساسي متوافق على مقتضياته يضمن الإنصاف ويساهم في تحفيز الأساتذة.

وترأس عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية اجتماعا بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبداللطيف ميراوي، والوزير المنتدب ‏لدى وزيرة المالية والاقتصاد المكلف بالميزانية فوزي لقجع خصص لتبادل الرؤى حول التوجهات ‏الإستراتيجية للتعليم العالي بما في ذلك مدى تقدم الحوار القطاعي.

وقالت قيادات من الائتلاف الحكومي إن الحكومة تفاعلت مع الظرفية باتخاذها القرارات والقوانين للتخفيف من معاناة المواطن مع ظروف المعيشة، مشيرة إلى الرفع من ميزانية المقاصة (صندوق الدعم الاجتماعي) للوقوف على المجهود الكبير للحكومة للتحكم ما أمكن في استقرار أسعار الدقيق وغاز البوتان والسكر والكهرباء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: