اسبانيا تسعى إلى المصالحة مع الجزائر لتكون طريق الغاز نحو ألمانيا رغم تحفظ فرنسا
اردان ماجدة
جدد رئيس حكومة اسبانيا، بيدرو سانشيز، رغبته في زيارة الجزائر وتجاوز الأزمة الدبلوماسية، وهذه هي المرة الثانية في ظرف أسبوع واحد يعرب عن هذه الرغبة. بينما تشدد الجزائر على ضرورة تغيير مدريد من سياستها تجاه الصحراء المغربية بالتخلي عن دعم الحكم الذاتي. ولا تريد مدريد فقدان فرصة الغاز، وتتخوف من تحفظ فرنسا على أي مشروع مستقبلي في هذا الشأن.
وكان بيدرو سانشيز قد صرح في برلين الثلاثاء الماضي بعد لقائه المستشار الألماني أولاف شولتز، برغبته في زيارة الجزائر في أي وقت، وعاد مجدداً خلال الخميس الماضي إلى التأكيد على هذه الرغبة في حوار أجرته معه إذاعة كادينا سير، مشيراً إلى وجود اتصالات ومشاورات لاستعادة العلاقات وضعها الطبيعي.
وتعد تصريحات رئيس الحكومة مرتين خلال أسبوع واحد رسالة واضحة إلى الجزائر باستعادة العلاقات الطبيعية، ويبقى الأساسي أنه كشف عن وجود مشاورات بين البلدين لتجاوز الأزمة. وينضاف هذا إلى ما كشفته الصحافة عن زيارة سرية لمستشاري رئيس الحكومة للجزائر بداية الشهر الماضي بغرض بحث آليات تجاوز الأزمة. وكانت جريدة كونفدنسيال الإسبانية قد نشرت مؤخراً أن كل مصالحة تمر عبر تغيير مدريد لموقفها من نزاع الصحراء بدعم قرارات الأمم المتحدة دون تفضيل الحكم الذاتي حلاً للنزاع. وعملياً، بدأت مدريد تبعث برسائل مشفرة مفادها أن تأييدها للحكم الذاتي رهين بقبول البوليساريو له وضمن قرارات الأمم المتحدة.
وترغب مدريد من وراء المصالحة مع إسبانيا تحقيق هدفين رئيسيين، الأول ويتجلى في استعادة العلاقات الثنائية بحكم أهمية الجزائر كشريك لإسبانيا في البحر الأبيض المتوسط، في حين يرتبط الهدف الثاني بالطاقة، أي الغاز. ولم تتأثر واردات اسبانيا من الغاز الجزائري وإن كانت قد فقدت أفضلية الحصول على فائض لصالح إيطاليا كما أن الجزائر تسعى إلى رفع الأسعار، وتريد إسبانيا التحول إلى معبر رئيسي للغاز الجزائري نحو أوروبا.وتدرك مدريد رهان الغرب على الغاز الجزائري بشكل كبير خلال السنوات المقبلة للتقليل من الارتباط بالغاز الروسي، لا سيما بعد حرب أوكرانيا، فكل تقارير الاتحاد الأوروبي وكذلك منظمة شمال الحلف الأطلسي حول الطاقة تصر على الغاز الجزائري. وكانت إسبانيا المخاطب الرئيسي في مجال الغاز مع إسبانيا، غير أن الأزمة الحالية بين البلدين دفعت بالجزائر إلى الرهان على إيطاليا. وتريد اسبانيا أن يكون الربط للغاز الجزائري نحو أوروبا وأساساً نحو ألمانيا أن يمر عبر الأراضي الإسبانية من خلال الربط عبر فرنسا.
إذ إن الربط الغازي سيعزز من المكانة الاستراتيجية لإسبانيا في خريطة الغاز في أوروبا، لا سيما وأنها تتوفر على ثلث الموانئ في مجموع أوروبا القادرة على تحويل الغاز المسال إلى حالته الطبيعية.
وتريد اسبانيا نقل الغاز إلى ألمانيا ودول أخرى عبر تعزيز الربط مع فرنسا وهو المشروع الذي يسمى أنبوب “ميدكات”، وسيعتمد على رفع الواردات من الجزائر ثم استيراد الغاز من قطر والولايات المتحدة ونيجيريا. وتؤيد مفوضية الاتحاد الأوروبي هذا المشروع، غير أن فرنسا مترددة ولا تعطي موقفاً واضحاً، وكان وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، قد شكك يوم السبت الماضي في جدوى مشروع “ميدكات”، في تصريحات نقلتها وكالة أوروبا برس.
وترى مصادر سياسية إسبانية بأن موقف فرنسا مرده عرقلتها لأي مكانة استراتيجية لإسبانيا كمخاطب في مجال الطاقة بين الجزائر ودول أخرى مع باقي الاتحاد الأوروبي، ل اسيما بعدما فقدت باريس حضورها الاقتصادي القوي في شمال إفريقيا.