يومًا بعد يوم، ترسّخ صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب مكانتها لدى شركات التصنيع العالمية ، لما تملكه من موارد وإحتياطيات للمعادن المستخدمة وقدرات هائلة في الطاقة المتجددة.
يقول الأستاذ غير المقيم ببرنامج الإقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط، المدرس بجامعة نبرة الإسبانية، “مايكل تنخوم”، إن سعي المغرب لبناء مصنع ضخم من طراز مصانع “غيغا فاكتوري” -التي كان لشركة “تيسلا” السبق في بنائها- يؤهّل الرباط للصدارة العالمية في مجال النقل النظيف بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضاف تنخوم أن التطورات الهائلة التي يشهدها مجال تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب يعزز سلاسل التوريد العالمية، ويضمن للأسواق الأوروبية تنفيذ خططها نحو دور النقل النظيف ضمن الخطط المناخية، بحسب ما ورد في مقاله المنشور على الموقع الإلكتروني لمعهد الشرق الأوسط (mei.edu).
**تطورات صناعة البطاريات في المغرب**
أزاح وزير الصناعة رياض مزور الستار عن قرب إتمام إتفاق إنشاء المصنع الضخم بتكلفة تقارب 2 مليار دولار، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويهتم المصنع الضخم بإنتاج البطاريات على نطاق واسع بقدرة تصل إلى 3 ميغاواط/ساعة من خلايا بطاريات الليثيوم أيون سنويًا لكل خط إنتاج، وهو معدل كافٍ لتصنيع ما يتراوح بين 30 ألفًا و45 ألفًا من بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب، وفق حجمها وطرازها.
أول مصنع لإنتاج الكوبالت المغربي يطلق ثورة في عالم السيارات الكهربائية
وبحسب رؤية مايكل تنخوم التي طرحها في مقاله، يمكن أن يدعم حجم إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب، لا سيما أن هناك خططًا حكومية لزيادة إنتاج السيارات من 700 ألف سيارة إلى مليون سيارة سنويًا، يُخطط أن تكون غالبيتها من السيارات الكهربائية.
وعند نجاح المغرب بتنفيذ خطط المصنع الضخم “غيغا فاكتوري”، فإنه يعدّ إمتدادًا لتجربة المصنع التابع لشركة “تيسلا” في مدينة شنغهاي الصينية، الذي يطمح لإنتاج 500 ألف بطارية للسيارات الكهربائية سنويًا.
حيث إتّبعت الرباط نهجًا جديدًا لدعم خطط صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب، بتقريب سلاسل التوريد ، وإكسابها قدرًا من المرونة، ولاقى النهج المغربي الجديد بإحداث تقارب ما بين عملية التوريد ومنشآت التصنيع قبولًا أوروبيًا .
وفي نفس السياق ، إستعد المغرب لتلك النقلة ، خلال السنوات الـ 6 من 2014 حتى 2020، بالتزامن مع طرح مرافق للنقل جاذبة للإنتباه، ومن ضمنها ميناء طنجة وخط السكك الحديدية الرابط بين طنجة والدار البيضاء قطار “البراق” الفائق السرعة، الأول من نوعه في أفريقيا.
وأضاف ذات المقال ، أسهمت مرافق السكك الحديدية والموانئ في المغرب المنشأة بموجب نهج التقارب ببناء مجموعة “بي إس إيه” -إحدى أذرع تكتل ستيلانتس لتصنيع السيارات- مصنعًا تابعًا لشركة بيجو في مدينة القنيطرة.
وأسفر هذا الزخم عن تصنيع الرباط لطرازين هما الأعلى من حيث المبيعات الأوروبية: بيجو 208، وداسيا سانديرو التابع لشركة “رينو”.
المغرب بوابة تيسلا لنشر السيارات الكهربائية في أفريقيا
**إنتاج الكوبالت عالميًا
إحتياطيات المعادن في المغرب**
لا يخلو إنتاج بطاريات الليثيوم أيون من المعادن التي أصبحت عملة نادرة في الأسواق العالمية؛ لإرتفاع أسعارها ونقص توافرها ، رغم أنها عنصر رئيس لتصنيع السيارات الكهربائية.
وتستحوذ الصين على 65% من إنتاج الكوبالت، بينما تسعى إلى ضمّ موارد جمهورية الكونغو الديمقراطية الغنية به إلى أسطولها من المعدن الثمين.
ولتجنُّب الهيمنة الصينية على معادن تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية ، وأبرزها الليثيوم والكوبالت ، يسعى المغرب لكسب ثقة الأسواق الأوروبية بصفة بديل يهتم بتلك السوق ، ولا يرغب في خسارتها ، لا سيما بعدما أعلنت غالبية دول القارة العجوز خطط التحول الكهربائي الكامل بحلول عام 2035.
الكوبالت المغربي.. سوق واعدة لتغذية سوق السيارات الكهربائية عالميًا
جذبت إحتياطيات معدن الكوبالت في شمال أفريقيا -وخاصة المغرب- إنتباه مُصنّعي السيارات الكهربائية في أوروبا.
ورغم عدم ضخامة إحتياطيات الكوبالت لدى الرباط ، فإن شركات محلية نجحت في توقيع إتفاقيات توريد مع شركات عالمية، ضمن خطة طويلة الأمد تهدف إلى ترسيخ صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب.
وحظي الكوبالت المغربي بإهتمام من شركة “بي إم دبليو” الألمانية لتصنيع السيارات ، ووقّعت إتفاقًا مع شركة “ماناغيم” المغربية لتوريد ما تصل نسبته إلى 20% من الكوبالت ، في صفقة كلّفت 113 مليون دولار.
وبالإضافة إلى ذلك ، وقّعت الشركة المغربية ذاتها مع شركة رينو الفرنسية ، مطلع يونيو الماضي، لتوريد 5 آلاف طن من الكوبالت سنويًا على مدار 7 سنوات.