تحولت مدينة القنيطرة من حضن دافئ لكافة أشكال الحياة، بدءا بالإنسان الذي عمرها منذ القدم والأنواع المختلفة و المتعددة من أصناف النباتات و الطيور وضيعات الخضر والفواكه التي ميزتها. والميناء الذي كان أكبر مصدر للسمك. تحولت من كل هذا إلى منطقة ملوثة الماء والهواء. بعد أن تعرضت لهجوم عدواني همجي و خطير من طرف من همهم الوحيد الاستثمار والغنى الفاحش. بسبب ما تلقي به بعض المصانع من نفايات وغازات سامة هنا وهناك. وما تتخلص منه من سيول في اتجاه البحر. وما تقذفه مداخنها الإسمنتية من أدخنة وغبار أسود تتسبب في إصابة المئات من ساكنة المدينة والضواحي بأمراض متنوعة، من بينها الربو، وضيق التنفس وسرطان الرئة، و أمراض القلب، والأسنان و الأوعية الدموية.. وخفض معدل الحياة. ورغم صرخات الساكنة والرسائل والشكايات التي وجهت من طرف فعاليات المدينة إلى كل الجهات المعنية، فإن وضع المدينة البيئي تزداد خطورته. ولا حياة لمن تنادي. وتسعى الجهات المسؤولة إلى تلميع وجه المدينة، بالحديث المبهم والغامض عن مدينة (عاصمة الغرب ). والتباهي بجمال المدينة و لطف سكانها، التي يحجها السكان والضيوف وهم لا يعلمون كمية التعفن والسموم التي يستنشقونها. كما يتعمدون تفادي إعطاء إحصائيات رسمية ودقيقة لنسب تلوث الهواء وماء البحر. وبالمقابل تبقى القوانين الحامية للبيئة شعارات وحبرا على ورق، كالقانون رقم 11.03 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة،والقانون رقم 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة، و القانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء و القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات و التخلص منها. كما أن محطتي مراقبة جودة الهواء بالمدينة، تعملان في صمت وتكتم، وتتحاشى إصدار بلاغات دورية، وتقارير دقيقة وشفافة ليطلع عليها الرأي العام المحلي والوطني، عوض إرسال تقاريرها سرا إلى جهات تعيد تعديلها وصياغتها بطرقها الخاصة.
وتساءل الساكنة عن صمت الجهات المعنية بحمايتهم، وعن سبب تزوير التقارير الخاصة بالتلوث البيئي الذي بات واضحا للعيان، وبات أول انتقاد يوجهه الضيوف وعابري المدينة بمجرد ولوجهم المدينة، حيث يتم استنشاق الهواء الملوث. وطالبوا بإرسال لجن وطنية ودولية متخصصة في الشؤون البيئية وجودة الهواء للتحقق من مدى الخطر الذي يهدد الإنسان والطبيعة بمدينة القنيطرة. وتساءل العديد من ساكنة مدينة القنيطرة عن دور مكتب حفظ الصحة التابع لبلدية المدينة، ومكتب الشرطة البيئية … في ضل التلوث البيئي الذي أصبح واقعا معاشا مفروضا على كل ساكنة المدينة والجماعات المحلية التابعة لها. وانتقدوا انشغال المكتبين بظواهر بيئية وصفوها بالمقدور عليها، من قبيل رمي النفايات المنزلية والقمامة في غير محلها أو التلوث الصادر من بعض المحلات التجارية والمعامل الصغيرة أو أدخنة وزيوت محركات السيارات والشاحنات والحافلات.
فالمطلوب هو البحث عن مصادر التلوث الحقيقي الذي يعرفه هواء وماء المدينة والضواحي وكذا تلوث مياه البحر. وتحليل ما تقذفه مصانع كبرى من نفايات سامة وأدخنة ورماد أسود وسيول، لوثت شواطئ المهدية وهواءها. حيث أكد المتضررون أن غبارا أسودا يغطي سطوح منازلهم بين الفينة والأخرى ويتسلل عبر نوافذهم إلى داخل غرف نومهم، إضافة إلى الروائح الكثيرة التي تنتشر بين الفينة والأخرى. وأن جحيم الغبار وسحبها الملوثة يزداد خطورة كلما تأخر الغيث من السماء. حيث أنه يمتزج معه الضباب الكثيف الذي يهبط إلى الأرض، ويلوثها.