يريد الأساتذ رضوان مرابط، القادم من الفضاء الأكاديمي كرئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن يعطي دفعة أخرى في مجال إدارة شؤون التعليم العالي والبحث العلمي، وإرساء نموذج جديد للجامعة المغربية منفتح على العالم، رغم أن إصلاح هذا الحقل صعب و متشعّب و تعوزه إرادة سياسية لربطه بالإصلاح التربوي من جهة، وبالتنمية وتقدم المجتمع وتطوره في مجالات التكنولوجيا، والاقتصاد،والصناعة والزراعة من جهة أخرى.
مهندس و دكتور وأستاذ فخري متخصص في المعلوميات وشبكات الحاسوب عمل كمدير لأحدى ابرز المدارس العليا للهندسة و تحليل النظم بالرباط ورئيس سابق لجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط وأخيرا رئيس جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، بالإضافة إلى تصورجديد للإصلاح البيداغوجي في شموليته، تفاعلا مع عالم تلعب فيه الابتكارات التكنولوجية دورا محوريا، لتأهيل هذا القطاع من أجل الارتقاء إلى مستوى المنافسة العالمية في مجالات عديدة ومواكبة التغير السريع.
رضوان مرابط ، يطغى الجانب العلمي فيه على التكنوقراطي ، لهذا يعمل على مواكبة الإصلاح الذي تم تدشينه في قطاع التعليم العالي قبل سنوات ، حيث ترأس في الفترة ما بين 2018 و 2022 جامعة كبيرة بكل المقاييس بعدد طلابها الذي وصل الى مئة الف طالب وطالبة التي تصدرت وطنيا، لاربعة سنوات متتالية، التصنيف الدولي للجامعات تايمز هايرايدكيشن Times Higher Education ، و بعدد منشوراتها العلمية المفهرسة التي قفز عددها ب50 بالمئة خلال الاربع سنوات الآخيرة وبعدد البراءات brevet الذي تجاوز المئة خلال مدة أربعة سنوات وهي المدة التي ترأس فيها الدكتور رضوان مرابط هاته الجامعة العريقة التي تعتبر نفسها وريثة جامعة القرويين التي تأخذ منها العمق التاريخي والروحي والعلمي في مدة قصيرة.
تغلبت الجامعة على كل الصعوبات التي وجدتها في الطريق لتحقيق المشاريع لتطوير التكوينات الأساسية بحيث تلعب تكنولوجيا المعلومات دورًا محوريًا خصوصًا بعد بداية الجائحة وذالك بحنكة الأستاذ رضوان مرابط التي شاءت الاقدار أن يكون متخصصًا في المعلوميات وأحد أبرزِ المتخصصين المغاربة والعرب في التعليم عن بعد حيث يعود أول مشروع دبره كان في سنوات 1998 و 1999. مما يعني اكثر من عشرين سنة من التجربة في هذا المجال الدقيق تكنولوجيًا وتربويا.
مدة الانتداب الاولى انتهت على رؤس الجامعة في 20 يونيو من السنة الجارية وقدم ملفه العلمي وتقرير إنجازاته لكل يتمكن من قيادة سفينة الجامعة للمدة ثانية ويستمر معه تطوير الجامعة التي تطمح أن تدخل في السنوات المقبلة في قائمة احسن 1000 جامعة عالمية لتصنيف شنگاي الدول.
لكن معرقلو التنمية والتطوير في بلادنا كثر ومع الاسف، موجودون في مستويات عليا. حيث تخلفوا عن الموعد، انزلقوا اقبح انزلاق، و أرادوا تدمير ما بنيَ وشُيدَ بإقصاء الأستاذ رضوان مرابط وذالك عبر اللجنة التي نصبها الوزير الوصي .
رضوان مرابط، من جانبه يترافع من منطلق قربه اليومي من هذا القطاع، ونبه المسؤولين إلى التراجعات المكلفة لميزانية الدولة، مسيئة لسمعة الجامعات، حيث تم بجرة قلم إلغاء نظام البكالوريوس في سنته الأولى، دون تقديم مبررات واضحة، واستمر نزيف الكوادر الإدارية والتقنية مع إحالة أعداد كبيرة على التقاعد، وتزايد ضغط الاكتظاظ خصوصا في مؤسسات الاستقطاب المفتوح، مع أن مرابط ينتصر للمقاربةالإصلاحية، معتبرا أن قطاع التعليم العالي غير قابل للمزايدات السياسية أو إرضاء الخواطر على حساب مصلحة البلاد والشباب.
ذلك كله يعني أن على الوزير أن يبذل قصارى جهده في مشروع الإصلاح الجامعي، وتجاوز الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم العالي وتأثيرها على الأوضاع الاجتماعية بصفة عامة، للتحقق من مدى ملاءمة خصخصة قطاع التعليم العالي عبر الترخيص لمؤسسات خاصة في تكوينات حساسة كالطب والصيدلة، وما يرافق ذلك من توسع على مستوى الكم، ومع ما صاحب هذا التوسع من توزيع عشوائي للمواقع الجامعية، وضعف في التأطير الإداري والبيداغوجي وفي الطاقة الاستيعابية للمؤسسات.
الوزير رفض في وقت سابق الاستماع إلى التقارير المعدة سلفاً من طرف الأساتذة والموظفين والطلبة، في ورش بلورة المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي، ما يعني أن الوزارة لا تولي أهمية كبرى لتقارير وملاحظات هؤلاء، في الوقت الذي تعطي أهمية بالغة للشركاء الخارجيين.
ومع ذلك فالوزير يقول إنه يشتغل في الوقت الحالي مع رؤساء الجامعات على وضع استراتيجية عمل تتعلق بالسنوات العشر المقبلة، والتي تشمل النظام الأساسي للأساتذة، وقانون يغطي جميع المشاكل المطروحة في الجامعات المغربية، ويبدو أنه يحاول الابتعاد عن المتاهات السياسية التي تعيق الإصلاح، ويلحّ على تظافر الجهود لحل كل المشاكل لزيادة الاستثمار في الرأسمال البشري.
طموحات المغرب في مجال الاقتصاد والتقنيات تتطلب بالضرورة كفاءات وقوة بشرية كرضوان مرابط تعزّز من اقتصاد المعرفة والابتكار، فهذهالفكرة حان وقت تطبيقها في الإصلاحات التي تهم قطاع الجامعة المغربية، على اعتبار أن التعليم يعدّ ركيزة أساسية لاقتصاد المعرفة، ومع ارتفاع عدد طلبة التعليم الجامعي ليصل إلى ما يقرب من مليون و177 ألف طالب، يجب أن تكون القراءة المتجددة لهذا الواقع متماشية مع انفتاح الجامعة على سوق الشغل.
المغرب يحتاج إلى جامعة متجددة تغذي اقتصاد المعرفة من خلال توفير الكفاءات، هذه الفكرة التي ترافق مرابط من قبل أن يتولى منصبه الجامعي، سواء حين كان رئيسا لجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط او رئيسا لجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس. المغرب في أمسّ الحاجة إلى توجهات تتجاوب مع تحديات ومشاكل اليوم، خصوصا تلك التي تطرح نفسها على شباب المغرب،لأننا لن نصنع شبابا وإنما سنتعامل مع شباب المغرب، الأمر الذي يستوجب أن يكون لدينا إصلاح بيداغوجي شامل.
لا ينفي الوزير تخبط القطاع في المشاكل والتي يعمل ليلاً ونهاراً لحلها، كما أكد في مناسبات عديدة، رغم أنه يعي حجم التحدي الذي يسعى لتحقيقه، لهذا جعله بحثه عن الكفاءات لإنجاح مهمته على رأس الوزارة، يقوم بإعفاء مديرة الموارد البشرية ومدير التعاون ومديرالبحث، ورئيسة جامعة الحسن الأول بسطات، وهو يرفض وصف الأمر بأنه تصفية لتركة الوزير السابق، فبالنسبة إليه القرار مرتبط بالكيفيةالتي يعمل وفقها، وكيف يرى الأمور.