ماذا تنتظر تونس من مؤتمر “تيكاد 8” سياسيا واقتصاديا؟

هدوي

ثمة توقعات بأن تحقق تونس مكاسب اقتصادية واستثمارية من استقبال مؤتمر “تيكاد 8” إضافة إلى تحسين صورة البلد في الخارج، وهو ما يمثل فرصة حقيقية لإنقاذ الاقتصاد المتدهور.

تعلّق تونس آمالا اقتصادية وسياسية كبيرة على “مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا” أو ما يعرف بـ“تيكاد 8”، حيث يرى مراقبون أن مراهنة البلاد على الشراكة مع اليابانيين يمكن أن تكون منعطفا حقيقيا لفكّ عزلتها ومعالجة الاقتصاد المأزوم، فضلا عن بعث رسائل سياسية للخارج مفادها أن تونس يمكن أن تكون أرضا ملائمة للاستثمار.

وانطلقت السبت القمة التي تستمر يومين بمشاركة مسؤولين ورجال أعمال ومنظمات دولية وقادة من 48 دولة من بينهم الرئيسان التونسي قيس سعيّد والسنغالي ماكي سال.

ووافقت اليابان على منح تونس تمويلا بقيمة 100 مليون دولار للتخفيف من آثار جائحة كورونا، وذلك وفق تصريحات أدلى بها محمد الطرابلسي المنسق الإعلامي لقمة تيكاد لوكالة الأنباء التونسية الرسمية.

ناجي جلول: اليابان تريد نقل جزء من صناعاتها إلى سوق قريبة من أوروبا

وقال الطرابلسي إن وزير خارجية اليابان هياشي يوشيما أعلن لنظيره التونسي عثمان الجرندي خلال لقائهما على هامش قمة “تيكاد” موافقة طوكيو على هذا التمويل. كما شهد اللقاء أيضا الإمضاء على اتفاقيات تعاون.

وتشمل تلك الاتفاقيات مجالات التعاون الفني والبيئة والاستثمار ومنع الازدواج الضريبي.

وأطلقت الحكومة اليابانية مؤتمر “تيكاد” منذ سنة 1993 من أجل تسريع الحوار السياسي بين الفاعلين في أفريقيا والشركاء ومواجهة التحديات التي تعترض القارة السمراء.

وأكد المنسق الإعلامي لـ”تيكاد 8” الخميس على أهمية انعقاد مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية بأفريقيا في دورته الثامنة في تونس التي تعتبر الدولة الثانية التي تحتضن مثل هذا الحدث المهم دوليا بعد كينيا وللمرة الثانية خارج اليابان.

وقال في تصريح لإذاعة محلية إن “أهمية هذه القمة تكمن في الأطراف المنظمة لها وعلى رأسها اليابان بوصفها الدولة المبادرة بالإضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والبنك الدولي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وستشهد التظاهرة الإقليمية مشاركة كل الدول الأفريقية وعدد كبير من المانحين الدوليين”.

وقال الطرابلسي إنه يتوقع “تحقيق نتائج إيجابية للقمة على مستوى صورة تونس في الخارج وانعكاسها إيجابيا على المستوى الاقتصادي”، مشيرا إلى “تطور كبير للاستثمارات في كينيا إثر تنظيمها لقمة ‘تيكاد’ في دورة سابقة”، كما ذكّر بـ”مشاركة مرتقبة لـ100 ممثل لكبريات الشركات اليابانية في القمّة”.

وأوضح أن “تيكاد 8” ليس “مؤتمرا للمانحين وخطا للتمويل وإنما هو اجتماع في أعلى مستوى للتفكير هذه المرة في كيفية إنعاش الاقتصاد بعد أزمة كورونا والتحديات التنموية بالقارة الأفريقية، كما أنه سيكون قبلة لكل القوى العالمية ولقاء يجمع الفاعلين السياسيين في القارة واليابان للتفكير في التحديات والحلول في أفريقيا بوصفها سوقا واعدة”، مشيرا إلى “أهمية العلاقات الثنائية والتعاون المالي بين تونس واليابان”.

نبيل الرابحي: القمة ستفنّد ما يروّجه خصوم سعيّد من أن تونس تعيش أزمة

ويعد “تيكاد” مؤتمرا متعدد الأطراف يجمع المنظمات الدولية والدول الشريكة في التنمية والمؤسسات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالتنمية على مستوى القارة الأفريقية.

ويدعو مراقبون سياسيون إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية اللازمة لاستغلال انعكاسات هذا المؤتمر الذي يمكن أن يكون فرصة لإنقاذ الاقتصاد المحلي المتدهور بعد اصطدامه بمطبات عديدة، على غرار تداعيات الجائحة الصحية وانعكاسات الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا.

وأفاد رئيس حزب الائتلاف الوطني التونسي ناجي جلول بأن “اليابان لها تقاليد اقتصادية، وسبق أن تبنت نفس المنهج في المكسيك من خلال ترويج الصناعات من أجل التشغيل”.

وقال في تصريح لـه إنها “قمة أفريقية – يابانية، واليابانيون لهم تقاليدهم في الانتقال التقني والتكنولوجي”، مستدركا “لكن هل أن تونس بسياستها الخارجية قادرة على استيعاب ذلك؟”.

وتابع جلول “هذه القمم من أفضل التقاليد الاقتصادية، واليابان تريد نقل جزء من صناعاتها إلى سوق قريبة من أوروبا، وتونس لها اتفاقيات مع أوروبا، وهناك أيضا مجالات جديدة يمكن الاستفادة منها إذا ما توفّرت الإرادة السياسية لذلك”.

وينتظم خلال المؤتمر منتدى اقتصادي بمشاركة 300 شركة يابانية وأفريقية وتونسية و10 آلاف مشارك دولي من مشغلي القطاع الخاص في اليابان وأفريقيا، فضلا عن العديد من الأنشطة من ندوات وورشات اقتصادية ومالية وعلمية.

ويرى متابعون للشأن التونسي أن “تيكاد 8” سيبعث برسائل سياسية واضحة المضامين لقطع الطريق أمام خصوم الرئيس سعيّد وكل الأطراف الساعية لتعطيل مسار الخامس والعشرين من يوليو والتشكيك في وجاهته.

واعتبر المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “القمة لها مقاصد سياسية، أهمها تفنيد ما يروّجه خصوم الرئيس قيس سعيّد ومعارضو مسار الخامس والعشرين من يوليو أن تونس تعيش أزمة سياسية”.

وأضاف أن “حضور قرابة 30 رئيس دولة وحكومة في تونس مهم جدّا، وهذا يأتي بعد تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اعتبر أن المصادقة على الدستور خطوة مهمة نحو إرساء الديمقراطية”.

وأردف الرابحي “هناك اعتمادان بقيمة 2.7 مليار دولار للاستثمار في تونس، وهذه القمة لا يجب أن تكون على غرار قمة 2020 الكاذبة، بل يجب أن تكون قمة الاستثمار الفعلي والمباشر، وربّما متنفسا للاقتصاد بعد فترة من الركود بسبب تداعيات جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية”.

والأسبوع الماضي أدت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن رمضان زيارة تفقدية إلى مطار تونس قرطاج الدولي حيث اطلعت على ظروف سير العمل بهذا المرفق الوطني، وعاينت مدى جاهزية مختلف الفضاءات والمصالح ونقاط العبور والاستقبال، وكانت مرفوقة بوزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي، ووزير النقل ربيع المجيدي والمديرة العامة للجمارك التونسية نجاة الجوادي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: