يعتبر مشروع الحكم الذاتي الذي وصفته الأمم المتحدة بالمصداقية والجدية والواقعية ، والذي قدمه المغرب رسميا إلى الأمم المتحدة سنة 2007. ومنذ ذلك الحين تضاعف المجهود الدبلوماسي الرسمي والبرلماني والحزبي والنقابي والمدني، وتمت تعبئة الأمة المغربية من أجل قضيتنا الوطنية. بإعتبار أن الثوابت الجامعة هي الدين الإسلامي السمح والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية والإختيار الديمقراطي. ومن تم أصبح الترافع من أجل قضيتنا الوطنية واجب وطني وديني.
وهذا ما يتطلب التأهيل والتأطير والمواكبة انطلاقا من معرفة المعطيات التاريخية والإقتصادية والسياسية والدبلوماسية والحقوقية ، مع توفير الآليات الرقمية والمالية. وبذلك تم تحقيق نجاحات دبلوماسية مبنية على الوعي المجتمعي ، والسعي إلى حل نهائي متوافق عليه. وقد ساهمت البحوث الأكاديمية في كشف الحقائق ، وأصبحت الأقاليم الجنوبية تستقطب إستثمارات كبيرة خاصة بعد تأمين العبور بمعبر الكركرات من قبل القوات المسلحة الملكية بأمر ملكي ، والذي يشكل اليوم عبورا تنمويا يجمع بين قارتين أوربا وإفريقيا ، وتم فتح القنصليات داخل مدينتي العيون والداخلة، واعترفت الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وسيادته على أراضيه. وبدأت مجموعة من الدول تؤكد ذلك .
لقد أصبح النداء الملكي هو القاعدة الأساسية للتفاوض والذي عنوانه الأكبر “التفاوض ليس على الصحراء ومغربيتها لكن من أجل حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل”.
ومما أعطى للدبلوماسية المغربية نفسا قويا هو الخطابات الملكية التي تعتمد الوضوح والطموح” نقول لأصحاب المواقف الغامضة والمزدوجة بأن المغرب لن يقوم معهم بأي خطوة إقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربية”. وقد أقرت الأمم المتحدة إستمرارية الموائد المستديرة التي تؤكد على أن الجزائر طرف أساسي في هذه القضية وليس ملاحظا كما تدعي. وقد تطور الجانب الحقوقي بأقاليمنا الجنوبية.
وفي خضم هذا الإطار الوردي ، راهنت الديبلوماسية المغربية على نجاحاتها ، وركنت لسبات عميق ولم تستفد من الأخطاء الماضية التي كبدت المغرب ثلاثة عقود من الإنتظار للعودة إلى مكانه الطبيعي بالإتحاد الإفريقي ، حيث وقعت الديبلوماسية المغربية في الفخ الذي نصبته لها الجزائر بخصوص مشاركة جبهة البوليساريو في ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا التي تحتضنها تونس يومي 27و28 غشت 2022.
بالرغم أن المغرب كان حاضرا في الإجتماع المنعقد بلوزاكا/ زمبيا يومي 14 و15 يوليوز 2022 حيث أكّد القرار على ضرورة دعوة كافة أعضاء الإتحاد الإفريقي للمشاركة في قمة تيكاد-8.
فلماذا لم تتحرك الديبلوماسية المغربية آنذاك ؟
مع العلم أن جبهة البوليساريو سبق أن شاركت في الدورة السادسة للتيكاد المنعقدة بنيروبي/كينيا سنة 2016 والدورة السابعة المنعقدة بيوكوهاما /اليابان سنة 2019 ، كما شاركت أيضا في إجتماعات إقليمية أخرى على غرار القمة الإفريقية-الأوروبية المنعقدة في فيفري 2022 ببروكسيل وذلك بمشاركة المملكة المغربية في جميع هذه القمم.
فما هو الشيء الذي تغير إذن؟
المغرب مطالب اليوم بالحفاظ على علاقاته الطويلة ورصيده التاريخي مع تونس ، والعمل على محاولة إيجاد حل للمشكل بحكمة وديبلوماسية كبيرة ، عوض أن ينتفض في خطوة غير محسوبة يمكنها ان تأثر على العلاقات الدولية للمغرب ، ويخلق زوبعة وموجة يمكنها ان تحسب كنقط إيجابية لصالح الجزائر والبوليساريو .
فكان بالأحرى أن يتجاهل المغرب حضور البوليساريو ، وخصوصا أنه يعلم مدى العلاقة الوطيدة التي تربط الجزائر و تونس ، والتي لم تتحرك الديبلوماسية المغربية لتقويضها والحد من فعاليتها .
فمجال فشل الديبلوماسية المغربية لا يتجلى فقط في عدم حضور الوفد المغربي ولكن كذلك في سحب السفير المغربي من تونس للتشاور .
هذا واقع لا نحسد عليه ، ويجب أن نعترف به وأن نحاسب من إقترفه بدلا من تكرار خطأ الماضي ، حينما إنسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية في 12 نونبر 1984 ، إحتجاجا على قبولها عضوية البوليساريو
في 12 نونبر من سنة 1984 ليستمر غيابه عن هذه المنظمة القارية ، التي تحولت فيما بعد للإتحاد الإفريقي إلى غاية سنة 2017 .
المنظمة الإفريقية التي تعتبر من بناة أفكار المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه .