ماكرون في الجزائر لبناء علاقة لا تزال مثقلة بأعباء الماضي

La rédaction

وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس إلى الجزائر في مستهل زيارة رسمية هي الأولى منذ خمس سنوات، وكان في استقباله الرئيس عبدالمجيد تبون.

وذكرت قناة “فرانس 24” على موقعها الإلكتروني أن ماكرون الذي “حط الرحال في الجزائر يسعى من خلال زيارته إلى طي صفحة القطيعة وإعادة بناء علاقة لا تزال مثقلة بأعباء الماضي”.

وأضافت “سيتفادى ماكرون التركيز على مسألة الذاكرة، الملف المعقد على ضفتي المتوسط، والذي تسبب بفقدانه الكثير من التقدير الذي حظي به لدى الرأي العام الجزائري قبل توليه الرئاسة، خصوصا إثر تصريحاته في أكتوبر 2021 التي انتقد فيها النظام الجزائري وشكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار”.

وأردفت القناة أن ماكرون “يعتزم توجيه هذه الزيارة نحو الشباب والمستقبل، كما أنه سيلتقي أيضا رواد أعمال جزائريين شبابا قبل أن يتوجه إلى وهران الواقعة في الغرب”.

إيمانويل ماكرون يعتزم توجيه هذه الزيارة نحو الشباب والمستقبل، كما أنه سيلتقي أيضا رواد أعمال جزائريين

وأظهرت صور التلفزيون الرسمي الجزائري وصول ماكرون إلى مطار “هواري بومدين” بالعاصمة الجزائر، وكان في استقباله الرئيس تبون.

ويرافق ماكرون في زيارته الثانية إلى الجزائر خلال خمس سنوات وفد مكون من 90 شخصية، بينها وزراء ورجال أعمال ومثقفون مختصون في تاريخ البلدين، فيما تخلف حاخام فرنسا الكبير حاييم كورسيا عن الزيارة، بعد ظهور نتيجة فحص كوفيد – 19 الخاص به إيجابية، وفق وسائل إعلام فرنسية.

وأكدت مصادر إعلامية جزائرية متعددة أن غياب الحاخام اليهودي عن الزيارة، راجع لتحفظ السلطات الجزائرية بسبب مواقفه المساندة للاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية “الإليزيه” السبت أن الرئيس ماكرون سيزور الجزائر من الخامس والعشرين وحتى السابع والعشرين من أغسطس الجاري، بهدف إحياء العلاقات بين البلدين بعد شهور من التوتر.

وذكر بيان الإليزيه الذي صدر بعد اتصال هاتفي بين ماكرون وتبّون، أن الزيارة “تساهم في تعميق العلاقات الثنائية مستقبلا.. وتعزيز التعاون الفرنسي – الجزائري في مواجهة التحديات الإقليمية، ومواصلة العمل على ذاكرة فترة الاستعمار”.

وأشارت مصادر أن الجانبين سيجريان سلسلة من المباحثات، منها ما هو على انفراد. وسيتطرق الرئيسان إضافة إلى العلاقات الثنائية إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مثل الأزمة الليبية، والوضع في مالي، والشرق الأوسط، وتداعيات الأزمة الروسية – الأوكرانية على إمدادات أوروبا بالغاز.

ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا باتت الجزائر، وهي من بين أكبر عشرة منتجين للغاز في العالم، محاورا مرغوبا للغاية للأوروبيين الساعين إلى تقليل اعتمادهم على الغاز الروسي.

ورغم تأكيد الرئاسة الفرنسية أن الغاز الجزائري “ليس موضوع الزيارة” وأنه “لن يتم الإعلان عن عقود كبرى أو مفاوضات هامة”، إلا أن وفد ماكرون يشمل المديرة التنفيذية لشركة “إنجي” العملاقة للطاقة كاترين ماكغريغور.

ماكرون يطوي صفحة القطيعة
ماكرون يطوي صفحة القطيعة

لكن يظل ملف الذاكرة والفترة الاستعمارية من بين الملفات التي تثير حساسية بين فرنسا والجزائر.

وشكك ماكرون في الثلاثين من سبتمبر من العام الماضي، بوجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830 – 1962)، واتهم النظام السياسي الجزائري القائم بأنه “يستقوي بريع الذاكرة”.

وردت الجزائر بعد يومين بسحب سفيرها لدى باريس للتشاور، واستمرت القطيعة ثلاثة أشهر، وحظرت مرور الطائرات الفرنسية العاملة بمالي، قبل أن تستأنف الاتصالات تدريجيا أواخر يناير من العام الجاري.

وتأتي زيارة ماكرون في سياق تحولات باشرتها الجزائر على سياستها الداخلية والخارجية، خاصة مع توجهها نحو بناء شراكات اقتصادية جديدة خارج الدائرة التقليدية الأوروبية والفرنسية تحديدا، وأيضا في ظل الأزمة بين الدول الأوروبية وروسيا جراء حربها على أوكرانيا، ما تسبب في أزمة طاقة في أوروبا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: