وافقت وزارة الخارجية الأميركية على صفقة لبيع أنظمة لاسلكية تكتيكية للمغرب في صفقة تصل قيمتها إلى 141.1 مليون دولار، في خطوة قال مراقبون إنها تظهر دعما أميركيا واضحا لأمن المغرب كحليف رئيسي في منطقة شمال أفريقيا التي باتت قبلة للتنافس الدولي والإقليمي.
ويعتبر المراقبون أن الصفقة رسالة أميركية واضحة على أهمية المغرب بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإستراتيجيتها في أفريقيا، وضمن التوازنات العسكرية والأمنية في القارة التي تحظى باهتمام أميركي بالغ في المرحلة المقبلة.
ويرى هؤلاء المراقبون أن المغرب نجح في أن يتحول إلى مركز ثقل إقليمي من خلال عقد شراكات متطورة مع الولايات المتحدة وإسرائيل وخاصة من خلال حصوله على دعم دولي واسع لمقاربته لحل أزمة الصحراء قياسا بمنافسته الجزائر التي تعيش حالة من العزلة لم تقدر على الخروج منها.
ويقول هشام معتضد، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، المقيم بكندا، في تصريح لـه إن اقتناء هذه المنظومة الأميركية المتطورة يدخل في نطاق التوازنات العسكرية والصراعات الإقليمية، حيث يسعي المغرب لتقوية أمنه الإستراتيجي بدعم قدراته التسليحية بتقنيات متطورة تجسد رؤية الدولة المغربية للأمن القومي والإقليمي.
وتضم الصفقة ستة أنظمة لاسلكية تكتيكية، وقطع غيار، وبرمجيات وتحديث أنظمة عسكرية. كما تتضمن الدعم الفني واختبار هذه المعدات، بالإضافة إلى تدريبات تشرف عليها فرق أميركية من أجل تأهيل القوات المغربية على هذه المعدات.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية في بيانها إن الصفقة “تدعم أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي الأميركي، عبر تحسين أمن حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو)”.
وشددت على أن الصفقة “ستدعم ولا تغير التوازن العسكري في المنطقة”، مشيرة إلى أن المغرب حليف “يواصل كونه قوة هامة للاستقرار السياسي، والتقدم الاقتصادي في شمال أفريقيا”.
ولفتت إلى أن الصفقة ستحسن من قدرات المغرب على “مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، عبر توفير المعلومات الاستخباراتية بسرعة كبيرة، وكذلك أعمال المراقبة والاستطلاع لأغراض الأمن والدفاع”.
وتعتبر القوات المسلحة الملكية المغربية من أقوى الجيوش العربية، حيث تمتلك أحدث الأسلحة الأميركية والفرنسية.
وتأتي هذه الصفقة موازاة مع زيارة رسمية قام بها اللواء تود واسموند، إلى المغرب بصفته كقائد عام لقوة مهام جنوب أوروبا التابعة للجيش الأميركي بين 21 و22 أغسطس الجاري، حيث ناقش مع نظيره المغربي الجنرال بلخير الفاروق، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، قضايا تهم تعزيز التعاون الثنائي من أجل مواجهة التهديدات الأمنية، وكذلك الرفع من التعاون العسكري البيني.
وصرح المسؤول العسكري الأميركي عقب اجتماعه ببلخير الفاروق أن “المغرب لديه جيش عالي الكفاءة والمهنية يتصدى للتهديدات الأمنية الإقليمية برؤية وقيادة متميزتين”، مؤكدا على التزام أميركا العسكري بالتواصل مع الشركاء الأفارقة وعلى رأسهم المغرب لمواجهة مجموعة من التهديدات الأمنية.
وأكد الشرقاوي الروداني، الخبير المغربي في الإستراتيجيات الأمنية، أنه أمام التهديدات المحتملة التي تعيشها منطقة الساحل الأفريقي وجنوب الصحراء، فإن المغرب يتجه إلى تقوية قدراته العسكرية (…) وأن مثل هذه المنصات الدفاعية ليست فقط مفتاحا للهيبة ولكن ستمكن الرباط من لعب أدوار مهمة في الأمن الإقليمي والدولي وهو ما يعزز من مكانتها كقوة إقليمية بامتياز خاصة مع تنامي مخاطر أسلحة الدمار الشامل.
وستعزز الأنظمة الجديدة قدرات المغرب الجوية والبرية، خاصة بعدما وقّعت إدارة الدفاع الوطني المغربية وشركة “لوكهيد مارتن” الأميركية، في أبريل الماضي، اتفاقاً عسكرياً لبناء وحدة صناعية على مساحة 15 ألف متر مربع بضواحي قاعدة بنسليمان الجوية، ستُخصص لعمليات صيانة وتطوير طائرات القوات المسلحة الملكية، ضمانا لتلبية احتياجات سلاح الجو المغربي.
ووفق خبراء في العلاقات الدولية فالموقع الجغرافي للمغرب، كمعبر بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، يفرض عليه تحديث ترسانته العسكرية لمواجهة كافة التهديدات والمخاطر التي قد تمس بأمنه العام مثل الهجرة السرية وتهريب المخدرات وتهريب البشر والجماعات الارهابية.
ويعتبر المغرب حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو وشريكاً قوياً لواشنطن في عمليات مكافحة الإرهاب، حيث أظهرت العديد من العمليات المشتركة لتفكيك خلايا إرهابية في السنوات الأخيرة، عن الدور الذي تضطلع به الرباط في هذا المجال.
وأكدت باردة أزاري، المتحدثة باسم القيادة الأميركية في أفريقيا، أن شراكتنا العسكرية مع الرباط قوية ونحن على ثقة من أن هذه الشراكة التي لا تتزعزع وستستمر في التنامي خلال السنوات المقبلة.