الطنجويون يسبحون في مياه الشواطئ الملوثة

بوشعيب البازي

تزداد معاناة الطنجويبن  من أزمة تلوث مياه البحر في فصل الصيف، حيث يقضون معظم أوقاتهم على شواطئ البحر نتيجة ارتفاع درجات الحرارة رغم أن مخاطر المرض والعدوى تحدق بهم وبأطفالهم، فيما ينتظر ناشطو البيئة التفاتة من السلطات المعنية للحد من هذه الكارثة.

 يحرم تلوث شاطئ عروس الشمال وضواحيها على المتوسط السكان من الاستمتاع بموسم الصيف والتخفيف من وطأة تردي الخدمات .

وكانت السلطات قد منعت في الشهور الماضية المواطنين من السباحة في عدد من الشواطئ نظرا لقربها من مصبات الصرف الصحي التي تنقل كميات ضخمة إلى البحر مباشرة من دون معالجة.

ويصف الصحافي بوشعيب البازي تلوث الشواطئ بأنهكارثي”.

ويوضحللأسف وضع شواطئ مدينة طنجة كارثي وبحاجة إلى حلول سريعة تعالج هذا الملف الذي يضر الإنسان والبيئة على حد سواء”.

وتبعا المعطيات التقرير الوطني لرصد جودة مياه الاستحمام والرمال للشواطئ المغربية؛ فإن هذه الشواطئ ما زالت تخضع لتأثير تدفق المياه العادمة وارتفاع كثافة المصطافين مع نقص في التجهيزات الصحية.

وتصب أكثر من 600 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي في الشاطئ مدينة طنجة يوميًا وحسب التقرير؛ فإن  الأمر يتعلق بكل من إقليم الحسيمة (شاطئ صباديا وطوريس)، وإقليم الفحص أنجرة (قصر المجاز بالقصر الصغير)، وعمالة طنجة أصيلة (شواطئ طنجة المدينة وجبيلة 2 وجبيلة 3 وسيدي قاسم وأصيلة الرئيسية وأصيلة الميناء)، وإقليم العرائش (الشاطئ الصغير وميامي).

وأوصى التقرير على الخصوص بإزالة التلوث من مجاري المياه التي تصب على مستوى الشواطئ وعقلنة استعمال الأسمدة والموارد الكيماوية المستعملة في الأنشطة الفلاحية، وتحديد أهداف زمنية يرجى بلوغها على مستوى جودة المياه باعتبار استراتجيات التنمية السياحية والعمرانية والصناعية.

ومن اللافت، أن العديد من الفضاءات التي يقصدها المواطنون لغاية الاستجمام، تفتقر إلى لوحات إخبارية من شأنها أن تضعهم أمام الصورة الحقيقية لحالة هذه الشواطئ، وهو جانب تتحمل فيه المسؤولية كل من الجماعة الحضرية وولاية طنجة، المطالبتين كذلك بالتدخل لوقف حالة التدهور التي تعرفها هذه الشواطئ.

وأمام هذه الوضعية المتدهورة للشواطئ التي تشكل وجهة عدد كبير من سكان جهة طنجة وزوارها خلال موسم الصيف، يضيق اكثر نطاق الفضاءات المسموح بالاستحمام فيها؛ مما يدفع عادة شريحة واسعة الى التوجه نحو شواطئ خارج المجال الحضري؛ الأمر الذي لا يستطيع اليه سبيلا افراد الفئات الشعبية الذين يعيشون هشاشة اجتماعية.

و يقول البازي “ تبين  من خلال تحاليل اجريت لماء البحر أن الشاطئ ملوث بالكامل لاحتوائه على نسب عالية من البكتيريا تتجاوز500 في المئة”.

و يوضح مسؤول عن مدينة طنجة “تحدثنا مع الحكومة السابقة والجديدة أيضا حول الحاجة إلى مشروع متكامل لمعالجة مياه الصرفالصحي”.

لكنها تقوليجب اعتماد حلول مؤقتة للتخفيف من حجم تلوث المياه والشواطئ، وهي ممكنة من خلال مرور المياه السوداء في أحواض خاصة لترسيب المخلفات لتصفيتها قبل نقلها إلى البحر”.

ولا يقتصر التلوّث البيئي على البحر في طنجة على الصرف الصحي فحسب، بل هناك تلوث كيميائيّ وبتروليّ وعضويّ وما يخلّفه المواطنون،خاصّة في فصل الصيف، من تكدّس النفايات ومخلّفات الأكل والمواد البلاستيكيّة الضارّة.

وبمجرد الاقتراب من الشاطئ، يلاحظ وجود بقع شديدة التلوث تمتد لمسافات كبيرة على سطح المياه، إلى جانب تراكم المخلفات الصلبة بمختلف أشكالها، الأمر الذي دفع السلطات إلى منع السباحة في مساحات شاطئية ذات معدلات التلوث الأعلى.

وتتكدس النفايات الصلبة من عبوات بلاستيكية ومعدنية وغيرها على الشاطئ ما يساهم في تلوث شواطىء الشمال .

ورغم الذهول والاستياء من الظروف الكارثية للبحر هذا الصيف، يواصل البعض النزول إلى الشاطئ رغم الرائحة الكريهة، بل ويقضون ساعات وهم يسبحون مع أولادهم غير آبهين بخطورة الوضع على سلامتهم الجسدية.

ويقول وليد (39 عاما)، وهو جالس على كرسي بلاستيكي على شاطئ البحرصارت المياه ملوثة بشكل كبير بمخلفات المجاري(…) خلال هذا الصيف لم أدخل البحر للسباحة مطلقاً، فقط أجلس أمام الشاطئ ولفترة قصيرة وأسارع في المغادرة نظرا للرائحة الكريهة التي تشتد بارتفاع درجات الحرارة”.

ويضيفيدفعني تلوث الشاطئ إلى قطع حوالي 100 كيلومتر شرق طنجة، والهروب إلى ساحل أنظف”.

واعتبر محمد صديق وليد أن تلوث مياه الشاطئ جعل الطنجويين يعيشون مثلالسجن الصيفيبحرمانهم من الاستمتاع بالبحرالمتوسط الذي تشتهر بلادهم بجماله.

ويقول بعض الخبراء إن تلوث الشواطئ يزيد من خطر العدوى بالأمراض، فالمياه الملوثة تحمل عدة أنواع من الميكروبات، وتسبب أمراضا جلدية، ومشكلات في الجهاز الهضمي على غرار القيء والإسهال، فيما يعتبرون التلوث بالنفايات الصناعية أخطر أنواع التلوث.

وينصح هؤلاء الخبراء مرتادي الشواطئ بوضع فراش على الرمل قبل الجلوس عليه، وتجنب السباحة في مياه تظهر على سطحها بقع زيت أوتغير لونها.

ويقول محمد إن أحد أقربائه نزل إلى البحر مع أطفاله الصغار لينعموا بالمياه قليلا لكنهم عادوا إلى المنزل يعانون من الحمى والإسهال ونوبات قيء، مضيفا أن العديد من الأصدقاء والعائلات ممن قصدوا البحر خلال هذا الصيف قد عانوا من الأعراض ذاتها.

وتدعو الجمعية المدنية إلى تدارك الموقف لخطورة الأمر على الأحياء البحرية، وارتفاع نسبة سرطنة الأسماك الموجودة في المسطحات المائية القريبة من الشاطئ، كما حذّرت المواطنين بضرورة الابتعاد عن الشواطئ، والامتناع عن الصيد والنشاطات المتعلقة بالشاطئ لما لها من تأثير سلبي على صحتهم.

وينتظر الناشطون البيئيون أن يكون للحكومة  دور فاعل في المستقبلن مشددين على ضرورة وضع عقوبات صارمة لملوّثي البحر، والتوقيع على اتفاقيات مناخية كاتفاقية باريس لتخفيض درجة حرارة الكوكب درجة ونصفا على الأقل.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: