المغرب يكسب جولة جديدة في معركة استمالة دول أميركا اللاتينية

ماموني

نجحت الدبلوماسية المغربية في تحقيق اختراق دبلوماسي هام في أميركا اللاتينية، وذلك بعد أن قررت دولة البيرو سحب اعترافها بجبهة بوليساريو ودعم مشروع الحكم الذاتي في إقليم الصحراء وهو ما يشكل ضربة موجعة للانفصاليين.

قررت جمهورية بيرو سحب الاعتراف بجبهة بوليساريو الانفصالية وقطع جميع العلاقات مع هذا الكيان، في إطار احترام وحدة أراضي المغرب وسيادته الوطنية من خلال دعم مقترح الحكم الذاتي وهو ما يمثل اختراقا دبلوماسيا مهما للمغرب.

ويعكس قرار البيرو نجاحا مهما للدبلوماسية المغربية التي تمكنت من استقطاب عدد من دول أميركا اللاتينية إلى جانبها في ما يتعلق بملف الصحراء ودفعها إما إلى سحب الاعتراف بالجبهة الانفصالية أو تجميد هذا الاعتراف.

وظلت الدبلوماسية المغربية بعيدة لعقود عن الضغط الدبلوماسي والسياسي المتواصل خاصة في أميركا اللاتينية، وهو أمر استغلته بوليساريو عبر حاضنتها الجزائر للترويج للأطروحة الانفصالية، وشهدت السنوات الأخيرة نشاطا هاما للدبلوماسية المغربية لتحقيق نجاحات في الملف بهدف دعم مشروع الحكم الذاتي.

ورحب المغرب بقرار جمهورية بيرو سحب اعترافها بما يطلق عليه الانفصاليون ”الجمهورية الصحراوية”، وذلك إثر المحادثة الهاتفية التي أجراها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع وزير العلاقات الخارجية البيروفي ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي.

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة رحب بقرار البيرو سحب الاعتراف بجبهة بوليساريو في اتصاله بنظيره البيروفي

وسيمكن هذا القرار، حسب بيان وزارة الشؤون الخارجية، من تعميق التشاور السياسي وتعزيز التعاون القطاعي، خاصة في مجالات الفلاحة والأسمدة كما سيتم اتخاذ مبادرات ملموسة في القريب العاجل.

وقالت الخارجية البيروفية إنه لا توجد علاقة ثنائية فعالة حتى الآن بين بيرو وبوليساريو، مؤكدة أنه سيتم إخطار منظمة الأمم المتحدة بسحب الاعتراف، الذي جاء انسجاما مع القانون الدولي المنصوص عليه في ميثاق منظمة الأمم المتحدة، والاحترام الكامل لمبادئ السلامة الإقليمية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ودعما للجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي وواقعي ودائم وتوافقي للخلاف حول قضية الصحراء.

وأكد صبري الحو الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء في تصريح لـه أن سحب البيرو الاعتراف ببوليساريو يتطابق مع القانون الدولي، مبينا أن دعم البيرو لوحدة المغرب والحكم الذاتي كحل يتماشى مع الديناميكية الدولية ويتطابق مع الرؤية الأممية.

وقالت الخارجية البيروفية إن حكومة جمهورية بيرو، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء، تقدر وتحترم وحدة أراضي المغرب وسيادته الوطنية، فضلا عن خطة الحكم الذاتي لهذا النزاع.

واتفق المغرب والبيرو على تعزيز علاقاتهما الثنائية من خلال التوقيع الفوري على خارطة طريق متعددة القطاعات تشمل المشاورات السياسية المنتظمة والتعاون الفعال في المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والطاقة والزراعة والأسمدة.

وشدد الحو على أن سحب الاعترافات ببوليساريو كدولة وبالمقابل التأكيد على وحدة المغرب الكاملة ودعم الحكم الذاتي كحل للنزاع ينطوي على أهمية سياسية وقانونية كبيرتين.

وأضاف أن الجميع بات مقتنعا بأن الصحراء مغربية وأن سيادة المغرب على الإقليم باتت أمرا محسوما وأن الحل مغربي بالأساس من خلال الحكم الذاتي.

ويشكل هذا القرار الجديد من البيرو مكسبا جديدا لقضية الصحراء المغربية ودعما واضحا وثابتا للغاية لمشروع الحكم الذاتي وسيادة المغرب ووحدته الترابية.

وينضاف قرار البيرو لمواقف دول أخرى في أميركا اللاتينية منها بوليفيا والباراغواي والشيلي، وباربادوس، الداعم لمغربية الصحراء.

ويفرض هذا النجاح تكثيف المجهود الدبلوماسي المغربي في أميركا اللاتينية، خاصة مع إعادة كولومبيا العلاقات مع بوليساريو مباشرة بعد وصول الرئيس اليساري غوستافو بيترو إلى السلطة.

ويرى مراقبون أنه في الوقت الذي نجحت فيه الدبلوماسية المغربية في تحقيق مكسب سياسي ودبلوماسي كبير بسحب البيرو اعترافها ببوليساريو، برز تحدي التعامل مع الحزب اليساري الذي يقود كولومبيا حاليا والذي يبدو أنه يجهل تاريخ النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ورهين رؤية تجاوزتها كل التغيرات التي وقعت مؤخرا.

بوليساريو تفقد مصدقيتها في دول أميركا اللاتينية

ويظهر أن الجبهة الانفصالية تستغل قصور الرئيس الكولومبي الجديد عن فهم ملف نزاع الصحراء لكسب تعاطف بوكوتا.

وعلق الصحافي والكاتب إدوارد ماكينزي، بموقع “أي.أف.أم نوتيكاس” الإلكتروني الكولومبي، أن الرئيس الجديد، قد وجه، باستئنافه العلاقات مع الكيان الوهمي، “ضربة لكولومبيا” و”أضر بالعلاقات المتميزة مع المغرب”، مستطردا بالقول إن هذا الكيان “لا تعترف به أي دولة أوروبية، ولا الولايات المتحدة، ولا اليابان، ولا أستراليا”.

ولفت الحو في تصريح لـه إلى أن المعركة الدبلوماسية المغربية – الجزائرية انتقلت إلى أميركا الجنوبية، وهو ما يسلط الضوء على نجاعة الدبلوماسية المغربية التي تمكنت من اختراق مجال وقارة كانت حكرا على الجزائر.

ولن تشكل عودة كولومبيا عن قرارها السابق باستعادة اعترافها ببوليساريو أي أثر سلبي على وتيرة سحب الاعترافات ببوليساريو التي عرفتها دول أميركا اللاتينية والكاريبي.

ويقول الحو، إن ما بين سحب الاعتراف ببوليساريو وتجميد هذا الاعتراف تظهر قدرة الدبلوماسية المغربية في وضع حد للنزاع من خلال التشديد على مبادرة الحكم الذاتي رغم المحاولات اليائسة من الجبهة الانفصالية.

ويعارض طيف واسع من السياسيين والمثقفين بكولومبيا إعادة الاعتراف ببوليساريو، فيما طالب مراقبون الدبلوماسية المغربية بوضع خطة مستعجلة واستغلال الدبلوماسية الموازية لليسار المغربي وأيضا الاستعانة بالأصدقاء في إسبانيا، لزيادة الحضور والتأثير على الأحزاب اليسارية بأميركا اللاتينية ومنها كولومبيا والبرازيل للتسويق الجيد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل أساسي للنزاع في إقليم الصحراء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: