التعاون الأمني بين إسبانيا والمغرب يزداد متانة بعد المصالحة

ماموني

نظم المغرب وإسبانيا اجتماعا أمنيا عالي المستوى للتنسيق في القضايا المتعلقة بمكافحة التهديدات التي تشكلها جماعات الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة التي تنشط بمنطقة غرب البحر المتوسط وذلك لترجمة بنود خارطة طريق المصالحة.

ازداد التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا متانة بعد المصالحة التي تمت خلال شهر مارس الماضي في ملف الصحراء، حيث اتفق كل من المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني المغربي عبداللطيف حموشي، ووفد أمني إسباني يتقدمه المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية فرانسيسكو باردو بيكيراس الأربعاء، على التنسيق عالي المستوى في القضايا المتعلقة بمكافحة التهديدات التي تشكلها جماعات الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة التي تنشط بمنطقة غرب البحر المتوسط.

وقالت المديرية العامة للأمن الوطني في بلاغ إن هذا اللقاء الأمني شكل فرصة للجانبين المغربي والإسباني لوضع مجموعة من المواضيع الأمنية ذات الاهتمام المشترك على طاولة النقاش وتبادل الآراء.

وتحدث البلاغ عن أن النقاش تناول سبل مواجهة الأنشطة الإجرامية المتعلقة بالاتجار بالبشر والتهريب الدولي للمخدرات بالإضافة إلى تعزيز آليات وقنوات تبادل المعطيات العملياتية ذات الصلة بالشأن الأمني.

وقال محمد الطيار الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية في تصريح لـه، إن زيارة المسؤول الأمني الإسباني تجسيد لهذه العلاقة المتنوعة والقوية التي أصبحت تجمع إسبانيا والمغرب، فالاستخبارات المغربية قامت بتقديم معلومات مهمة لإسبانيا في إطار محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة جنبتها العديد من الهزات الأمنية، كما أن التنسيق الأمني بخصوص أمن المعابر الحدودية شهد تطورا متنوعا حيث أصبح يشكل مثالا ونموذجا يحتذى به بين دولتين تجمعهما الجغرافيا والعلاقات المتنوعة.

وجسد الاجتماع حجم التعاون بين المؤسسات الأمنية للبلدين في إطار العلاقات الدبلوماسية الجيدة القائمة والتي تعززت بفضل التقارب الذي نتج عن اعتراف الحكومة الإسبانية بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية للصحراء باعتبارها “الأكثر مصداقية وجدية وواقعية” لحل النزاع حول الصحراء المغربية.

ومثل القرار الإسباني دفعة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين بعد فترة عاصفة ساد فيها قدر كبير من القطيعة بسبب الخلافات التي تسبب فيها السماح لزعيم بوليساريو بالدخول إلى الأراضي الإسبانية بجواز سفر مزور.

وبرغم كل الخلافات السابقة كان التعاون في الشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة دائما أمرا ضروريا بين المغرب وإسبانيا، نظرا لأهمية حماية الحدود ومنع انتشار مختلف الأنشطة المتطرفة والإجرامية.

وهذا الموقف أكده وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا في أكثر من مناسبة خلال الأزمة بين البلدين، حيث قال إن “التعاون الأمني بين مدريد والرباط يبقى مهما.”

◙ اتفاق بين المغرب وإسبانيا على التنسيق عالي المستوى في القضايا المتعلقة بمكافحة التهديدات التي تشكلها جماعات الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة
اتفاق بين المغرب وإسبانيا على التنسيق عالي المستوى في القضايا المتعلقة بمكافحة التهديدات التي تشكلها جماعات الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة

ويأتي هذا اللقاء الذي جمع المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني والمدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية ليتوج حسب بيان مديرية الأمن مسارا متقدما من الشراكة الاستراتيجية الثنائية بين مصالح الشرطة المغربية والإسبانية والتي تشمل تأهيل فرق النخبة الشرطية والرفع من قدراتها في تدبير التدخلات الأمنية عالية الحساسية.

ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن قضايا ملاحقة الجماعات والعناصر الإرهابية الجهادية وعصابات الجريمة المنظمة هي مسألة ذات أهمية لا يمكن أن تعتمد على العلاقات السياسية وذلك لحماية أمن البلدين من المخاطر المحدقة.

وقاد بيكيراس وفدا أمنيا رفيع المستوى مؤلفا من أوجينيو بيريرو بلانكو، المفوض العام للمخابرات، والمفوض العام للشرطة القضائية، رافائيل بيريز بيريز، والمفوض العام للأجانب والحدود، وخوان إنريكي تابوردا ألفاراز، رئيس القسم التعاون الدولي أليسيا مالو سانشيز ومستشار المدير العام خيسوس راميريز جارا.

وتعد مكافحة الإرهاب إحدى الركائز الأساسية لسياسة البلدين، حيث يتعاونان معا منذ سنوات عديدة في هذا المجال على أساس الثقة والعمل المشترك في السعي لتحقيق هدف مشترك وهو حماية سكانهما ومنع الهجمات والجرائم بجميع أنواعها.

وتبادل الجانبان الخبرات والمعلومات حول تحديات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث ساهم هذا التعاون الأمني في تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية في البلدين.

وأوضح لحسن حداد عضو مجلس المستشارين أن تبادل المعلومات والعمليات المشتركة والتعاون مع المصالح الأمنية صار نموذجا يُحتذى به في ميدان محاربة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة والجريمة العابرة للحدود، بينما بلغ عدد محاولات الهجرة التي أوقفتها الأجهزة الأمنية المغربية عشرات الآلاف.

واعتبر الباحث المغربي محمد الطيار في تصريح لـه، أن التنسيق الأمني والاستخباراتي بين المغرب وإسبانيا ظل دائما قائما رغم الهزات التي عرفتها العلاقات بين البلدين، حيث كان المغرب حريصا على خلق بيئة آمنة، وظل يراهن على قيام إسبانيا بقراءة جيدة للتطورات التي شهدتها قضية الصحراء المغربية، وهو ما تحقق.

الاجتماع الأمني عكس حجم التعاون بين المؤسسات الأمنية للبلدين في إطار العلاقات الدبلوماسية الجيدة القائمة

وكنتيجة لاستمرار التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، تم تنفيذ عملية أمنية أواخر العام الماضي في إسبانيا والمغرب، إذ أفضى تنسيق أمني بين المصالح الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية إلى اعتقال مشتبه به في سبتمبر الماضي بمدينة طنجة كان يخطط لتنفيذ هجمات إرهابية في مناطق سياحية بالمملكة.

وتجمع البلدين اتفاقية حول التعاون في مجال مكافحة الجريمة وخاصة الجريمة المنظمة والأعمال الإجرامية، لاسيما الإرهاب، بما في ذلك التعاون والتمويل، والتي دخلت حيز التنفيذ في أبريل الماضي إلى جانب اتفاقية للتعاون في إطار الأنشطة العملياتية والتحقيقات في مختلف أشكال ومظاهر الجريمة.

ويوجد المغرب ضمن التحالف الأمني الدولي الذي يضم إسبانيا والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا والسنغال وسنغافورة والبحرين وإسرائيل، والذي يهدف إلى ترسيخ العلاقات بين الدول الأعضاء خاصة في مجال الحماية من المخاطر الإلكترونية وسبل تعزيز الوقاية الاستباقية من جرائم التطرف والإرهاب العابر للدول.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: