قرر حزب الاستقلال (عضو في الائتلاف الحاكم في المغرب) تأجيل مؤتمره الاستثنائي الذي كان مقررا عقده السبت لمراجعة النظام الأساسي للحزب، مبررا ذلك بالسعي لفسح المجال لتوفير مناخ مناسب وهو ما ينظر إليه مراقبون على أنه تفاد لهزة تنظيمية قد تضرب الحزب لاسيما في ظل الخلافات التي ظهرت مؤخرا على السطح.
وقال الحزب في بيان إن التأجيل جاء بسبب “مواصلة الاستعدادات المرتبطة بالإعداد المادي واللوجستيكي والأدبي للمؤتمر”، مؤكدا أن اللجنة التنفيذية ستواصل “مناقشة جميع التعديلات التي أثارت نقاشات داخل البيت الاستقلالي بهدف الوصول إلى التوافق التام حولها وسعيا لتوحيد وجهات النظر في شأنها، وذلك بمراجعتها وتجويدها وتحسين صياغتها، للوصول إلى مشاريع تعديلات تحظى بموافقة الجميع، على أن يحدد تاريخ هذا الاستحقاق التنظيمي مباشرة بعد الانتهاء من صياغة توافقية لهذه التعديلات”.
وشدد الأمين العام للحزب الذي يشغل منصب وزير التجهيز نزار بركة على “أهمية اشتغال قيادة الحزب بروح الوحدة والانسجام الذي طبع دائما عملها منذ المؤتمر السابع عشر، والإعداد الجيد للمحطات التنظيمية الحزبية المقبلة من أجل ضمان نجاحها”.
وبحسب مصادر من داخل الحزب، فإن التأجيل جاء تلبية لرغبة جل أعضاء اللجنة التنفيذية التي تمارس اختصاصاتها بهدف البحث عن توافقات بين الكل من أجل الخروج من المؤتمر دون خسائر تنظيمية قد تؤثر على صورة الحزب.
تأجيل المؤتمر انتصار لبركة الذي حاول التيار الآخر إجباره على عقد مؤتمر استثنائي لإدخال تعديلات على قانون الحزب
وأضافت المصادر أن إعادة انتخاب أمينه العام الحالي بركة لولاية ثانية ستكون أولوية في هذه المرحلة، نظرا لسياسته الهادئة في تدبير شؤون الحزب ولعضويته داخل الحكومة.
ويرى حمزة أندلوسي الباحث في العلوم السياسية، أن الصراع الداخلي بالحزب عادي وأن قواعده ومنتخبيه يمتثلون للقرار الحزبي باستثناء بعض الحالات القليلة التي شهدها تاريخ حزب الاستقلال. وأضاف ، “وعليه، فالنقاش حول القانون الأساسي يعتبر أمرا عاديا في التنظيم، ولن يؤثر بشكل كبير في وحدة وانسجام الحزب”.
ويتصارع تياران داخل الحزب للتحكم في القرار السياسي، الأول يدعم الأمين العام لحزب الاستقلال بركة، أما التيار الآخر فيساند حمدي ولد الرشيد، الرجل القوي داخل الحزب.
وسببت تعديلات يقترحها تيار ولد الرشيد على النظام الأساسي للحزب، حالة من الاحتقان والتي تنص على سحب اختصاصات من الأمين العام وفرض منصب نائب له وتقليص عدد أعضاء المجلس الوطني للحزب ورفع عدد أعضاء اللجنة التنفيذية في المقابل، مع حذف عضوية المجلس الوطني بالصفة لأعضاء مجلسي النواب والمستشارين.
وأوردت مصادر من المجلس الوطني للحزب، في تصريح لـ”العرب”، أن الأزمة التنظيمية لحزب الاستقلال لن تؤثر على مواقف الأمين العام المشارك في الحكومة، على اعتبار أن ما يحدث هو صراع تنظيمي لن تكون له تداعيات على مشاركة الحزب في قرارات الحكومة.
وقالت ذات المصادر إن تأجيل المؤتمر الاستثنائي انتصار للأمين العام للحزب بركة، الذي حاول التيار الآخر إجباره على الموافقة على عقد مؤتمر استثنائي لإدخال تعديلات على قانون الحزب.
ويرفض عدد كبير من إطارات الحزب تعديلات قد تمس النظام الداخلي للحزب ووحدته وتماسكه، بالدعوة إلى توفير الشروط الضرورية لإنجاح المؤتمر الوطني الثامن عشر باحترام تام للقواعد الديمقراطية، معربين عن استعدادهم لاتخاذ خطوات تدعم القيادة الحالية.
وانعكس صراع التيارات على الهياكل التنظيمية، حيث أعلنت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين دعمها الكامل لبركة، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه الرابطة الوطنية للصحافيين الاستقلاليين.